اتفاق إيقاف إطلاق النار في غزة.. جهود الوسطاء تصطدم بمناورات الاحتلال

اتفاق إيقاف إطلاق النار في غزة.. جهود الوسطاء تصطدم بمناورات الاحتلالمن إسلام عبد الفتاح (تقرير إخباري)القاهرة – 29 – 12 (كونا) — بعد أن كان هناك تفاؤل مشوب بالحذر بشأن قرب التوصل إلى اتفاق يمهد إلى إنهاء حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 عادت الضبابية مرة أخرى إلى المشهد بسبب مناورات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي طالما لعب على كسب مزيد من الوقت وعرقلة أي تقدم نحو التهدئة.وتواجه المفاوضات تحديات عديدة منذ الهدنة الوحيدة التي استمرت أسبوعا في نوفمبر 2023 رغم ما أعلنته الأسبوع الماضي حركة (حماس) في بيان مشترك مع (الجهاد الإسلامي) و(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) بأن التوصل لاتفاق على إيقاف لإطلاق النار في قطاع غزة بات “أقرب من أي وقت مضى” إذا لم يضع الاحتلال “شروطا جديدة”.ويرى رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ المصري (الغرفة العليا للبرلمان) المهندس حازم عمر في مقابلة مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) أن نتنياهو وحكومته اليمينية يمثلان عقبة رئيسية أمام نجاح أي جهود إقليمية أو دولية للتهدئة في قطاع غزة.وقال عمر إنه منذ اندلاع عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لم تدخر مصر جهدا لإيقاف هذا العدوان ولم تتوان لحظة عن تقديم أوجه المساندة كافة للشعب الفلسطيني الذي انتهك الاحتلال بحقه مواثيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومارس ضده كل أشكال القوة المفرطة دون تفرقة بين مدنيين عزل وعسكريين.وأضاف أن مصر أعربت مرارا وتكرارا عن إدانتها لتلك الممارسات وقادت وساطة ومفاوضات لعدد من المبادرات لإيقاف إطلاق النار ولتبادل الأسرى وفي كل مبادرة كانت تصطدم بمراوغات من حكومة الاحتلال الإسرائيلية اليمينية والتي كانت تتماهى ظاهريا تحت ضغط جبهتها الداخلية ومظاهرات تقودها عائلات الأسرى مع مبدأ التفاوض وإيقاف إطلاق النار ثم تفشله في اللحظة الأخيرة.وأشار إلى أن مصر مارست ضبط النفس والصبر مرات عديدة مع تلك المراوغات إلى أن قصف الاحتلال محافظة (رفح) الفلسطينية في مايو الماضي وأعقبه اجتياح معبر (رفح) البري من الجانب الفلسطيني الأمر الذي أحدث توترا كبيرا في العلاقات بين الجانبين.وأضاف أنه رغم تلك التوترات غير المسبوقة واصلت مصر بقدر كبير من ضبط النفس جهودها الحثيثة للتهدئة كوسيط نزيه يعتمد عليه وموثوق به إلى أن توصلت لوثيقة إيقاف إطلاق النار في 27 مايو 2024 والتي تم التفاوض بشأنها حول كل التفاصيل المعقدة التي كان جانب الاحتلال الإسرائيلي يلجأ إليها ويتذرع بها لإفشال ما سبقها من مبادرات.ولفت عمر إلى أن مصر استمرت في التفاوض بشأن تلك الوثيقة إلى أن وافق مفاوضو الاحتلال و(حماس) وأيضا الولايات المتحدة (كمراقب) على الوثيقة بتفاصيلها من حيث نوعية وأعمار وجنس المفرج عنهم من الأسرى لدى (حماس) في كل مرحلة وكذلك أعداد الفلسطينيين المفرج عنهم من سجون الاحتلال وتصنيفهم من حيث مدة محكوميتهم دون أسماء.وأوضح أن تلك الوثيقة شملت تفاصيل حركة النازحين ومواقع جغرافية لمراحل انسحاب قوات الاحتلال وتفكيك مواقعها بجدول زمني دقيق من حيث توقيت انسحابها من شارع (الرشيد) وتمركزها شرقا على شارع (صلاح الدين) فضلا عن توقيت تفكيك جميع المواقع العسكرية في المنطقة التي انسحب منها الاحتلال وبدء عودة النازحين إلى منازلهم (دون حمل أسلحة) في حرية حركة محددة.وتابع أن تلك الوثيقة شملت أيضا انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من وسط قطاع غزة إلى شرق (صلاح الدين) واستكمال تفكيك المواقع العسكرية واستمرار عودة النازحين (بدون حمل السلاح) إلى جانب توقيت السماح للسكان في كل مناطق قطاع غزة بحرية الحركة بشكل كامل.وقال إن مصر فوجئت في 28 يوليو الماضي خلال جولة مفاوضات روما بأن حكومة الاحتلال قدمت ورقة شملت تغييرات جذرية تختلف عما تم الاتفاق عليه مسبقا في وثيقة 27 مايو الماضي.وتابع “وهنا تولدت لدى مصر قناعة بأن حكومة الاحتلال الحالية ليس لديها الإرادة السياسية لإيقاف الحرب وإيقاف العدوان وأصبح جليا بأن نتنياهو ليس جادا في التهدئة ويحاول التلاعب بالأطراف كافة الأمر الذي لم يكن مقبولا لمصر وكان لها موقف واضح إزاء هذا التلاعب”.وأشار إلى أنه بعد أن حذر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب من عواقب استمرار الحرب في غزة واحتجاز الأسرى ووعيده للمنطقة إذا لم يتم الإفراج عنهم لجأت الأطراف مرة أخرى إلى مصر في محاولة لتجنب تبعات هذا “التحذير المبهم”.ولفت إلى أن مصر استجابت لهذه الدعوات “من منطلق ريادتها الإقليمية” وعلى أمل أن تصدق نوايا حكومة الاحتلال الإسرائيلية هذه المرة رغم أنها تمثل “عقبة رئيسية أمام نجاح أي جهود إقليمية أو دولية للتهدئة في قطاع غزة”.وجرت في الأيام الأخيرة مفاوضات غير مباشرة بين الاحتلال و(حماس) بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية في الدوحة عززت الآمال حيال إمكانية التوصل إلى اتفاق لكنه مع مرور الوقت تبددت تلك الآمال بقرب إعلان اتفاق لإيقاف إطلاق النار في قطاع غرة بسبب مراوغات الاحتلال التي لا تتوقف تارة بوضع شروط جديدة وتارة متذرعة بموقف حركة (حماس) من إيقاف العدوان لإتمام الاتفاق.وتبدو نقطة الخلاف الأساسية في التوصل لاتفاق بشأن غزة هي ملف الأسرى وإرساء إيقاف دائم لإطلاق النار في غزة ومن بين القضايا الشائكة أيضا مستقبل الحكم في غزة بعد الحرب.وتصطدم الجهود المصرية والقطرية في كل مرة بهذه المراوغات رغم الشوط الكبير الذي قطعته لتقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال حول بعض النقاط العالقة للتوصل إلى اتفاق لإيقاف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات الإنسانية والإغاثية للقطاع.وجاء إعلان حركة (حماس) مؤخرا بشأن تأجيل التوصل إلى اتفاق لإيقاف إطلاق النار في غزة بسبب “شروط جديدة” وضعها الاحتلال الإسرائيلي تتعلق بالانسحاب والأسرى وعودة النازحين مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان “يسير بشكل جدي”.وفي إطار السعي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة بأقرب فرصة ممكنة زار القاهرة في العاشر من ديسمبر الجاري وفد رفيع المستوى من الاحتلال الإسرائيلي بهدف الوصول إلى تهدئة في القطاع ودعم دخول المساعدات ومتابعة تدهور الأوضاع بالمنطقة.كما استضافت العاصمة المصرية اجتماعا لوفود من قادة كل من (حماس) و(الجهاد الإسلامي) و(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) لبحث المستجدات المتعلقة بمفاوضات إيقاف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى.ولإنقاذ غزة من كارثتها الإنسانية التي عكفت آلة التدمير على النيل من القطاع استضافت مصر أيضا في بداية ديسمبر الجاري (مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة) بمشاركة وفود 103 دول ومنظمات وهيئات دولية ومؤسسات مالية ومن بينها دولة الكويت لحشد الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية وضمان استدامتها والتخطيط للتعافي المبكر داخل القطاع المنكوب. (النهاية)ا س م / ط م ا