
اقليم (كتالونيا) الإسباني ينفتح على حقبة جديدة بعد تراجع الزخم الانفصاليمن هنادي وطفة (تقرير اخباري)مدريد – 14 – 5 (كونا) — جاء فوز الحزب الاشتراكي في الانتخابات الاقليمية التي جرت الأحد الماضي في اقليم (كتالونيا) الإسباني ليحرم الكتلة الانفصالية من الأغلبية التي تمتعت بها لأكثر من عقد من الزمن ويوثق بذلك بدء حقبة جديدة مليئة بالغموض في الاقليم. وفاز الاشتراكيون بالأصوات والمقاعد للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الاقليمية بقيادة وزير الصحة السابق خلال جائحة فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) سالفادور إيا بحصد 42 مقعدا في البرلمان الاقليمي المؤلف من 135 مقعدا ليكون المرشح الوحيد القادر على الترشح لمنصب رئاسة الاقليم على الرغم من ان ذلك لن يوفر عليه مهمة البحث عن تحالفات لتشكيل أغلبية حاكمة.وتنذر الحقبة الجديدة بردم العملية الانفصالية التي وصلت إلى ذروتها في عام 2017 مع الاعلان “غير القانوني” لانفصال (كتالونيا) أحادي الجانب عن إسبانيا وما تلاه من الملاحقة القانونية لزعماء العملية والتوتر السياسي الشديد. وعلى الرغم من عدم معرفة الأسباب الحقيقة وراء فقدان الحركة القومية الكتالونية الأغلبية البرلمانية للمرة الأولى منذ عام 1980 فإنه لا يمكن ترجمة النتائج السيئة التي حققتها الاحزاب الانفصالية الكتالونية بتبخر القاعدة الاجتماعية التي دعمتها خلال العقد الماضي إذ ان استطلاعات الرأي المختلفة تشير إلى ان دعم “تشكيل دولة كتالونية مستقلة” يتراوح اليوم بين 30 في المئة و40 في المئة.وربما يدل تراجع المشاركة الانتخابية إلى 94ر57 في المئة على الارهاق الذي نال من المجتمع الكتالوني بسبب سنوات التوتر السياسي الهائل والشلل المؤسسي وحاجة سكان الاقليم إلى حكومة تتخلى عن الصراعات التي شهدتها المرحلة السابقة للتركيز على حل القضايا التي تمس الحياة اليومية للمواطنين والتركيز على مجالات الصحة والتعليم والبيئة والجفاف والبنية التحتية.ويرجح أيضا ان يأتي تراجع الدعم الانفصالي في الاقليم في ضوء تأييد نهج المصالحة والحوار والتعايش الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسباني الزعيم الاشتراكي بيدرو سانشيز منذ عام 2018 والذي سيتوج بالمصادقة على قانون العفو عن جميع المتورطين في العملية الانفصالية في الأسابيع القليلة المقبلة. ومن جانب آخر تشمل الحقبة الجديدة مستجدات أخرى تتعلق بصعود قوى اليمين وزيادة شوكتها حيث فاز حزب (معا من أجل كتالونيا) الانفصالي اليميني بثلاثة مقاعد وصولا إلى 35 مقعدا كما رفع الحزب الشعبي اليميني حصته من ثلاثة مقاعد في الانتخابات الماضية إلى 15 مقعدا. كذلك حافظ اليمين المتطرف (بوكس) على مقاعده ال 11 فيما اخترق (التحالف الكتالوني) اليميني المتطرف الساحة البرلمانية بحصوله على مقعدين.ويشكل ظهور قوة يمينية متطرفة ثانية في البرلمان الكتالوني علامة مثيرة للقلق لاسيما مع تبقي أسابيع قليلة على الانتخابات الأوروبية علما بأن (التحالف الكتالوني) هو حزب قومي يميني متطرف نشأ في 2020 ويرتكز بشكل خاص على التحريض على كراهية الأجانب والمسلمين. أما السيناريو الأبرز الذي ينفتح الآن والذي من شأنه ان يحقق الاستقرار الذي يفتقده الاقليم فهو تشكيل حكومة ائتلافية يقودها الاشتراكيون بدعم من حزب (سومار كومونز) اليساري الراديكالي مع ستة نواب و(اليسار الجمهوري الكتالوني) اليساري الانفصالي ولكن الأكثر اعتدالا بزعامة رئيس الاقليم المنتهية ولايته بيري أراغونيس الذي يحظى ب 20 مقعدا لتحقيق الأغلبية الساحقة عند 68 مقعدا.وسيسعى الاشتراكيون إلى تنفيذ ذلك السيناريو على الرغم من إعلان أراغونيس أمس الاثنين الرحيل عن المسرح السياسي وتوجه حزبه إلى صفوف المعارضة في البرلمان بسبب خسارته 13 نائبا مقارنة بالانتخابات السابقة التي أجريت في 2021 وفاز بها. ولابد في هذا السياق من الاشارة إلى إعلان زعيم حزب (معا من أجل كتالونيا) كارليس بويجديمونت الذي قاد الحملة الانتخابية من جنوبي فرنسا نظرا لعدم قدرته على دخول إسبانيا بسبب مذكرة التوقيف الصادرة بحقه عزمه الترشح لرئاسة الاقليم الواقع شمال شرقي إسبانيا.ويأتي ذلك على الرغم من ان بويجديمونت أكد خلال الحملة الانتخابية انه سيترك العمل السياسي إن خسر في الانتخابات رغم أنه لم يقدم أي برنامج سياسي واعتمد فقط على محاولة افتراضية جديدة للانفصال عن إسبانيا.أما السيناريو الآخر فيتجسد في إخفاق المرشح الاشتراكي إيا في تنصيب نفسه رئيسا للاقليم الذي سيتحرك نحو إعادة الانتخابات. ومن المقرر ان يتشكل البرلمان الجديد في موعد أقصاه 10 يونيو المقبل على ان تعقد جلسة التنصيب الأولى لرئيس الاقليم في 25 من الشهر نفسه وفيها يحتاج المرشح إلى الأغلبية الساحقة عند 68 صوتا وإن أخفق فستقام جلسة التنصيب الثانية بعد 48 ساعة وفيها يحتاج إلى الأغلبية البسيطة. وإن أخفق أي مرشح في الحصول على الدعم البرلماني قبل 25 أغسطس المقبل فسيتم حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة ستقام في أكتوبر المقبل وكل ذلك من أجواء من الغموض وعدم اليقين أمام هذه المرحلة الجديدة. (النهاية) ه ن د / ط م ا