الدوحة في 21 سبتمبر /قنا/ حرصت دولة قطر، منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة، على ترسيخ علاقتها بالمنظمة الدولية، والعمل على تحقيق الأهداف التي أنشئت لأجلها، وفي مقدمتها حفظ الأمن والسلم الدوليين ودعم جهود التنمية في دول العالم المختلفة.
وشكل تأسيس الوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيويورك بتاريخ 22 سبتمبر 1971، إيذانا بميلاد عضو نشط وفعال في المجموعة الدولية. ومنذ ذلك التاريخ، وحتى الآن، تولى ثمانية سفراء رئاسة البعثة القطرية لدى الأمم المتحدة، مثلوا عنوانا عريضا للشراكة الناجحة بين قطر والمنظمة الدولية، على مدى العقود الخمسة الماضية، وعملوا دون كلل على تمثيل دولة قطر بالصورة المثلى، وتنفيذ سياساتها في المجالات المختلفة لتعزيز مسيرة التعاون الدولي، والمساهمة الفاعلة في حفظ السلم والأمن الدولي.
وتشغل سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، حاليا، منصب المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة بعد أن انتقلت للعمل بوزارة الخارجية والتحقت بالوفد الدائم لقطر لدى الأمم المتحدة بصفتها مستشارا، وتدرجت حتى تولت مهام نائب المندوب الدائم (2007 ــ 2011) ثم مندوبا دائما لدولة قطر لدى مقر الأمم المتحدة بجنيف، ومندوبا للدولة خلال عضويتها بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، والمجلس التنفيذي لمنظمة العمل الدولية (2011 – 2013) كما عينت في ذات الفترة مندوبا دائما لدى منظمة التجارة الدولية، وقنصلا عاما لدى الاتحاد السويسري ثم تولت مهامها مندوبا دائما لدولة قطر في نيويورك اعتبارا من 17 أكتوبر 2013.
وخلال عملها في نيويورك ترأست سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني أعمال المنتدى الاجتماعي التابع لمجلس حقوق الإنسان بجنيف عام 2013، وكانت لها إسهامات في تقديم وتسيير عدد من مشاريع القرارات باسم الدولة، منها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول السنة الدولية للأسرة، وقرار الجمعية العامة حول إقرار يوم 2 أبريل يوما دوليا للتوعية بمرض التوحد، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول إقرار يوم 15 سبتمبر يوما دوليا للديمقراطية، وقرار المؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة أو المستعادة واعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول التعليم في الأزمات، وقرار الجمعية العامة حول تعزيز فعالية استخدام أصول الدفاع العسكري والمدني لمواجهة الكوارث الطبيعية وغيرها من القرارات الهامة.
وكان سعادة السفير الراحل جاسم بن يوسف الجمال أول مندوب دائم لدولة قطر الأمم المتحدة، عقب صدور مرسوم أميري بتعيينه في هذا المنصب، الذي شغله من العام 1972 إلى عام 1984.
وتميزت فترة رئاسة سعادة السفير الجمال، بالبذل والعطاء، وشهدت تنسيقا وانسجاما كاملين بين سفراء المجموعة العربية، من حيث المواقف، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والقضايا الأخرى التي تشكل أولوية لدى الأمة العربية، وقد كانت لدولة قطر مواقف مشرفة إبان فترة رئاسة السفير الجمال للبعثة القطرية بالأمم المتحدة أثناء حرب أكتوبر 1973، وقد وحدت تلك المواقف المجموعة العربية بالمنظمة الدولية.
ومن أبرز النجاحات التي تحسب لدولة قطر خلال تلك الفترة، قرار اعتماد اللغة العربية لغة أساسية بالأمم المتحدة، فضلا عن موقفها من سياسية التمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ومساعدة عدد من الدول الإفريقية على التحرر والاستقلال.
عقب ذلك تولى رئاسة الوفد الدائم لدولة قطر بالأمم المتحدة، سعادة السفير الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري، والذي وجد أرضية راسخة لدولة قطر بمقر المنظمة الدولية رسم ملامحها سلفه السفير الجمال.
وقد لبث سعادة السفير الكواري 6 سنوات مندوبا دائما لدولة قطر لدى الأمم المتحدة، من العام 1984 إلى عام 1990. وخلال هذه المدة، تولى سعادته منصب نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ40، كما ترأس اللجنة السياسية الخاصة وهي (اللجنة الرابعة) في دورتها الـ42، فضلا عن انتخابه في عام 1987، نائبا لرئيس لجنة مناهضة التمييز العنصري بالأمم المتحدة، كما مثل دولة قطر في حركة عدم الانحياز.
وبعد سعادة السفير الكواري، تم تعيين سعادة السفير حسن بن علي النعمة مندوبا دائما لدولة قطر لدى الأمم المتحدة خلال الفترة من العام 1990 إلى 1996.
وشهدت هذه الفترة جملة من التحديات الإقليمية، تمثلت في غزو العراق للكويت، وتشكل تحالف دولي لتحرير دولة الكويت، لتشهد المنطقة حراكا دبلوماسيا محموما. وقد مثل سعادة السفير حسن النعمة دولة قطر أفضل تمثيل، كما أن الحدث شهد تباينا في المواقف، حيث أظهر تعاطيا دبلوماسيا متقدما، لاسيما وأنه شاعر ودبلوماسي مرموق يحمل الإجازة في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأمريكية في لبنان، وحاصل على الدكتوراة من جامعة كمبردج البريطانية.
عقب ذلك ولمدة عامين (1996 إلى 1998)، تولى رئاسة البعثة القطرية بالأمم المتحدة سعادة السفير ناصر بن حمد آل خليفة.
وفي سبتمبر 1998 عين سعادة السفير ناصر بن عبدالعزيز النصر حتى عام 2011 مندوبا دائما في الأمم المتحدة وهي الفترة التي نجحت فيها دولة قطر في الحصول على عضوية مجلس الأمن بأعلى الأصوات في العام 2006.
واستكمل سعادة السفير الشيخ مشعل بن حمد بن محمد بن جبر آل ثاني مواجهة التحديات التي شهدتها المنطقة عقب الربيع العربي خلال الفترة من 2011 إلى 2013، وكذلك العديد من المواقف التي تبنتها دولة قطر في إجراء المفاوضات وإحلال السلام في الكثير من دول العالم. ودعم الدولة لبرامج الأمم المتحدة، ودور الوساطة الدولية.
ومنذ عام 2013 إلى الآن، تواصل سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني قيادة بعثة دولة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة، وتعمل على إبراز الدور القطري في إحلال السلام في العديد من الملفات بمختلف مناطق العالم، وتعزيز التعاون التنموي والإنساني، وهو ما حقق لقطر ثقة ومصداقية واحتراما متزايدا مع المجتمع الدولي.
وفي هذا السياق، قال الدكتور يوسف محمد العبيدان عضو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وأستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة قطر في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، إن مندوبي دولة قطر الدائمين لدى الأمم المتحدة بذلوا جهودا مقدرة في تعزيز مكانة قطر بالمنظمة الدولية، وشرح سياستها الخارجية القائمة على العقلانية والاتزان.
وأضاف أن بعض مندوبي دولة قطر عاصروا أحداثا عالمية جساما كانت لها انعكاساتها على الساحة الدولية، مثل الحرب الإيرانية العراقية وغزو الكويت، وغيرها من الأحداث، وقد تعاملوا معها بحكمة، وقدموا من الرؤى والأفكار والمقترحات ما قاد في نهاية الأمر إلى تبني قرارات وتوصيات أسهمت في حلحلة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية.
ورأى الدكتور العبيدان، أن قطر، عملت منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة على الإسهام الإيجابي في الشراكة معها، من أجل صون السلم والأمن الدوليين، وطرح العديد من المبادرات الإنسانية في هذا الصدد وهو ما يشهد به المجتمع الدولي لصالح قطر، حيث اتسعت في الآونة الأخيرة رقعة التعاون بين قطر وكافة أجهزة الأمم المتحدة المتخصصة، وخاصة في مجال دعم التنمية بأنواعها المختلفة.
واستشهد الدكتور العبيدان على عمق العلاقات القطرية مع المنظومة الأممية، باختيار مندوب دولة قطر السفير ناصر بن عبدالعزيز النصر رئيسا للجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة 66، وهو سبق تاريخي يجب الوقوف عنده، باعتباره دليلا على المكانة المرموقة لدولة قطر بالأمم المتحدة.
كما أشار إلى افتتاح بيت الأمم المتحدة في الدوحة، باعتباره دليلا آخر على عمق الشراكة الإقليمية والدولية بين قطر والأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة.
وتمثل مواقف المندوبين الدائمين لدولة قطر لدى الأمم المتحدة تطبيقا لتوجيهات القيادة الرشيدة للدولة وتجسيدا لرؤية دولة قطر، وتنفيذا لسياستها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتنموية، وترجمة لتوجهاتها ومبادراتها لتعزيز التعاون الدولي ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية والتوصل لحلول سلمية للنزاعات الإقليمية والدولية، وتحقيق التنمية المستدامة ودعم المسائل المتعلقة بالأسرة والمرأة والطفل والشباب، وحفظ السلم والأمن الدوليين.
ولم تدخر دولة قطر منذ انضمامها إلى الأمم المتحدة جهدا، حيث عملت على ترجمة الالتزامات التي ترتبت على عضويتها بالمنظمة الدولية، وتمثل ذلك في تواصلها الفعال والدؤوب، مع المجتمع الدولي، وبما يعزز التعاون متعدد الأطراف، وذلك من خلال التفاعل والتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة ومع البعثات الدائمة للدول الأعضاء، والمشاركة الفاعلة في كافة أنشطة الأمم المتحدة، وخصوصا تلك التي تعتبر من أولويات الدول، كل ذلك في تناغم وانسجام تامين مع أهداف الأمم المتحدة وأجندتها الدولية.