الانتخابات الألمانية.. مناظرة ساخنة بين المستشار الاتحادي وزعيم المعارضة المحافظة

الانتخابات الألمانية.. مناظرة ساخنة بين المستشار الاتحادي وزعيم المعارضة المحافظةبرلين – 9 – 2 (كونا) — شهدت المناظرة التلفزيونية الأولى بين المستشار الألماني أولاف شولتس وزعيم المعارضة المحافظة فريدريش ميرتس التي جرت مساء الأحد نقاشا ساخنا حول عدة قضايا قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 23 فبراير الجاري.وتبادل شولتس الذي ينتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم وزعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ الاتهامات بخصوص عدة قضايا مطروحة بقوة في الحملة الانتخابية أبرزها الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها أكبر اقتصاد في أوروبا والهجرة واللجوء والحرب في أوكرانيا والعلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة والتعاون مع اليمين المتطرف وغيرها من القضايا.ففي المناظرة التي نقلتها القناتان التلفزيونيتان الأولى (إيه آي دي) والثانية (زي دي إف) اتهم المستشار الاشتراكي الديمقراطي المحافظين “بكسر المحرمات” والسعي إلى تمرير مشاريع قرار في البرلمان (بوندستاغ) بخصوص الهجرة واللجوء بأصوات الحزب اليميني المتطرف (البديل من أجل ألمانيا).واتهم شولتس المحافظين بالسعي إلى التحالف مع اليمين المتطرف من أجل تشكيل الحكومة إذا فازوا في الانتخابات قائلا إنه “قلق جدا” من تحالف يجمع المحافظين مع اليمنيين المتطرفين.من طرفه نفى ميرتس ذلك قائلا إن حزبه لن يتحالف مع الحزب اليميني المتطرف (البديل) في حال فاز في الانتخابات المقبلة مشيرا إلى خلافات “مبدئية وكبيرة” مع الحزب المتهم بتأجيج مشاعر الناخبين ضد المهاجرين والاتحاد الأوروبي والنظام الديمقراطي.على هذا الصعيد كشف استطلاع للرأي نشرته القناة التلفزيونية الثانية (زي دي إف) قبل المقابلة أن 43 بالمئة من الناخبين الألمان يعتقدون أن الحزب المسيحي الديمقراطي قادر على التحالف مع اليمين المتطرف فيما قال 50 بالمئة إنهم لا يعتقدون ذلك وتحفظ 7 بالمئة على رأيهم.وبخصوص الهجرة واللجوء تعهد شولتس بسياسة مشددة تجاه الهجرة غير الشرعية قائلا إنه سيواصل انتهاج “سياسة قاسية” وأن حكومته لن تسمح بتكرار الهجمات الإرهابية التي شهدتها ألمانيا في الآونة الأخيرة والتي يواجه لاجئون اتهامات بارتكابها.ورفض شولتس اقتراحات المحافظين بإجراء عمليات تفتيش على الحدود الألمانية قائلا إن ذلك مخالف للقوانين الأوروبية مطالبا ميرتس بتبني سياسة اللجوء التي تسعى حكومته من خلالها إلى إصلاح قوانين اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي.من طرفه اتهم ميرتس المستشار الألماني على هذا الصعيد بتبني “سياسة غير واقعية” قائلا إن حكومة شولتس تتحمل مسؤولية السماح لمليوني لاجئ بدخول ألمانيا علما أنه لم يحدد الفترة الزمنية لذلك وفي وقت تشير فيه أرقام وزارة الداخلية الألمانية إلى انخفاض كبير في أعداد اللاجئين في هذا العام وفي العام الماضي.وبخصوص الوضع الاقتصادي المتدهور في ألمانيا اتهم ميرتس المستشار شولتس برسم صورة غير واقعية بخصوص هذا الملف متهما حكومته بتحمل مسؤولية انحدار الاقتصاد الألماني وموجة الإفلاسات التي تعاني منها الشركات الألمانية.وقال إن “50 ألف شركة أعلنت إفلاسها منذ تسلم حكومة شولتس منصبها في عام 2021 نصفها في العام الماضي”.من جانبه أقر شولتس بصعوبة الوضع الاقتصادي لافتا في الوقت نفسه إلى الأرقام التي تقدمها مكاتب العمل وإلى أن ألمانيا تأتي في المركز الثاني بين أعضاء دول مجموعة (جي 7) من ناحية تدني نسبة البطالة.وعلى صعيد العلاقة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقد شولتس إعلان ترامب السعي إلى فرض رسوم جمركية على البضائع الأوروبية قائلا إن الاتحاد الأوروبي يستطيع التصرف “خلال ساعة واحدة” في حال فرض ترامب هذه الرسوم.وطالب شولتس الناخبين الألمان بأخذ ما يصرح به ترامب على محمل الجد قائلا “يجب ألا نخدع أنفسنا لأنه (ترامب) يعني ما يقول” في إشارة إلى ضرورة أن تكون ألمانيا والاتحاد الأوروبي مستعدين لعلاقة متوترة مع الشريك الأمريكي.على الصعيد ذاته دعا ميرتس إلى بلورة استراتيجية أوروبية مشتركة للتعامل مع إدارة ترامب قائلا إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الرد بالمثل على جميع قرارات ترامب.واتفق الاثنان على رفض تصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص قطاع غزة.وبينما وصف شولتس قول الرئيس الأمريكي إنه ينوي السيطرة على القطاع ونقل سكانه إلى دول عربية بأنه “فضيحة” و”مخالف للقانون الدولي” وافقه ميرتس على ذلك بالقول إن هذه التصريحات “غير مقبولة” و”مخالفة للقوانين الدولية”.وطالب ميرتس في الوقت ذاته بالتريث قائلا “يتعين علينا الانتظار لمعرفة ما إذا كان (ترامب) سينفذ ذلك”.وعلى صعيد الحرب الأوكرانية وتبعاتها على الأمن في أوروبا طالب ميرتس يتزويد الجيش الأوكراني بأسلحة متطورة علما أن المستشار الألماني يرفض تسليم هذه الأسلحة لحكومة كييف لا سيما صواريخ (تاوروس) الدقيقة.وقال ميرتس إن سياسة حزبه في هذا الخصوص كانت دائما واضحة وهي تأييد تسليم أوكرانيا صواريخ (تاوروس) مشددا على ضرورة بحث هذه القضية مع الشركاء الأوروبيين بالقول “الولايات المتحدة تزود أوكرانيا بصواريخ متطورة وهذا ما تفعله فرنسا وبريطانيا أيضا ولهذا يجب علينا أيضا القيام بذلك”.أما شولتس فقد رفض تزويد أوكرانيا بمثل هذه الأسلحة قائلا “ليس صحيحا أن نزود أوكرانيا بأسلحة مدمرة الأمر الذي لن يأتي في خدمة المصالح الألمانية”.ويعزو شولتس هذا الرفض لمخاوفه من توسيع رقعة الحرب الدائرة منذ فبراير 2022 ودخول حلف شمال الأطلسي (ناتو) على خط المواجهة مع روسيا.وسبق المناظرة تجدد المظاهرات في عدة مدن ألمانية ضد اليمين المتطرف وذلك بعد خروج قرابة 250 ألف متظاهر السبت للاحتجاج على سياسة حزب (البديل) الذي يضع قضية الهجرة واللجوء في صدارة قضاياه الانتخابية.ووفق الشرطة فإن المظاهرات خرجت في عدة مدن أبرزها العاصمة برلين و(ماربورغ) و(بريمر هافن) و(بريمن) و(هايدنهايم) و(ميونيخ) وغيرها من المدن.يشار إلى أن آخر استطلاعات الرأي يشير إلى أن حزب فريدريش ميرتس المسيحي الديمقراطي المحافظ يأتي في المركز الأول بنسبة 31 بالمئة بينما يأتي حزب أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي في المركز الثالث بنسبة 18 بالمئة.أما الحزب اليميني المتطرف (البديل) فيأتي في المركز الثاني بنسبة 20 بالمئة والخضر في المركز الرابع بنسبة 13 بالمئة.وكان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير قد دعا في نهاية ديسمبر الماضي إلى انتخابات مبكرة بعد انهيار ائتلاف أولاف شولتس في بداية نوفمبر الماضي وسحب البرلمان (بوندستاغ) في نهاية الشهر ذاته الثقة من حكومة شولتس.وتجرى الانتخابات البرلمانية في 23 فبراير المقبل من أجل اختيار البرلمان الاتحادي ال 21. (النهاية) ع ن ج / م م ج