التحرك العربي لإعداد خطة بشأن غزة.. توقيت مناسب لمنطقيته وجديته

التحرك العربي لإعداد خطة بشأن غزة.. توقيت مناسب لمنطقيته وجديتهمن عبدالله المرشد وإسلام عبدالفتاح (تقرير اخباري)الكويت – 18 – 2 (كونا) — في ضوء مساع حثيثة لإرساء أسس لحل عربي بديل للتهجير شهدت الآونة الماضية تحركا عربيا على مختلف الجبهات الدبلوماسية يشدد على مركزية القضية الفلسطينية واعداد خطة متفق عليها بشأن مستقبل قطاع غزة تشمل إعادة الإعمار دون تهجير الفلسطينيين من وطنهم.وفي إطار تلك التحركات التي تأتي في توقيت مناسب بالنظر لمنطقيته وجديته فإنه يتوقع أن تشهد الأيام المقبلة قمة عربية مصغرة في العاصمة السعودية الرياض لمناقشة خطة تعدها مصر وفق ما كشف عنه العاهل الأردني عبدالله الثاني في تصريحات صحفية على هامش اجتماعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن الثلاثاء الماضي.ولم يكشف رسميا عن الدول المشاركة في الاجتماع المرتقب حتى الآن لكن الملك عبدالله قال إن رد مصر ستتم “مناقشته من قبل بعض الدول العربية في محادثات بالرياض” ليكون بديلا لاقتراح ترامب المفاجئ بشأن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وإعادة بناء المناطق المدمرة وتحويلها إلى (ريفييرا الشرق الأوسط) بعد ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والاردن من دون خطة لإعادتهم.وينتظر أن تتوصل قمة الرياض المرتقبة إلى رد عربي موحد بشأن مستقبل قطاع غزة قبل عقد قمة عربية طارئة في القاهرة تهدف إلى صياغة موقف قوي بشأن القضية الفلسطينية خاصة في ظل رفض مخطط التهجير رغم إعلان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي أن موعدها المقرر في 27 فبراير الجاري قد يتأجل إلى موعد آخر لأسباب “لوجستية” تتعلق بارتباطات قادة الدول العربية.وفي إطار التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني شهدت مدن أردنية فعاليات شعبية ورسمية احتجاجا على مخطط تهجير سكان قطاع غزة الفلسطيني إلى خارج أرضهم وتعبيرا عن الدعم والمساندة لموقف الأردن الرافض لهذا المخطط.وفي هذا السياق أكد رئيس مجلس الأعيان الأردني فيصل الفايز في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن الأردن بسبب موقعه الجيوسياسي والأوضاع الحالية في المنطقة يواجه تحديات سياسية وأمنية واجتماعية وخاصة سياسات الاحتلال الإسرائيلي التوسعية والعدوانية وسعيها المحموم لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن. وقال إن الأردن بقيادة الملك عبدالله لن يتخلى عن ثوابته الوطنية وأن لاءات العاهل الأردني واضحة “لا للوطن البديل ولا للتوطين والقدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية خط أحمر”.وأضاف أن الملك عبدالله خلال لقائه الرئيس ترامب وجه رسالة واضحة حول موقف الأردن من المبادرة حيث أكد “أن مصالح الاردن والشعب الاردني هي أولوية الأولويات وأن الأردن لن يقبل بتهجير أبناء قطاع غزة”.وبين أن الملك عبدالله الثاني أعاد تأكيده أن الضغوط مهما كانت لن تدفع الأردن إلى التخلي عن ثوابته الوطنية وأن حل القضية الفلسطينية يجب أن يكون على الأرض الفلسطينية استنادا الى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين وأن السلام في الشرق الاوسط هو مصلحة للجميع وتحقيقه تقع مسؤوليته على الجميع. وبين الفايز أن الأردن سيستمر في دعم ومساندة حقوق الشعب الفلسطيني والتصدي لسياسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية ومحاولاته تهجير الفلسطينيين.ومن جانبه قال رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي في تصريح مماثل ل(كونا) إن مجلس النواب الأردني لديه موقف ثابت يعبر عن ضمير ووجدان الشعب الأردني في رفض كل الصفقات المشبوهة التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية. وأضاف أنه لا يمكن للحرب الغاشمة على قطاع غزة والدمار الذي شاهده العالم أجمع أن يطرح فكرة تهجير سكان غزة بحجة واهية غير منطقية تدعي توفير بديل مناسب مؤكدا أن الأردن على تنسيق مستمر مع الدول العربية لتقديم خطة بديلة لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها. وثمن الصفدي موقف الكويت الصريح والثابت في رفض تهجير الأشقاء الفلسطينيين ودفاع الكويت المستمر عن عدالة الحق الفلسطيني مؤكدا أن “هذا ليس بغريب على شعب عروبي أصيل تمثله قيادة صاحبة مواقف راسخة في الدفاع عن قضايا الأمة”.وبدوره قال رئيس مجلس إدارة صحيفة الدستور الأردنية فيصل الشبول في تصريح مماثل ل(كونا) إن الأردن لديه موقف شعبي ورسمي ثابت برفض تهجير الفلسطينيين مؤكدا أن ما طرحه الرئيس الامريكي هو حديث لم يترجم إلى خطة أو مبادرة. وأضاف أن الأردن ومصر رفضا التهجير بالمطلق وهذا ينعكس على مواقف الدول العربية مجتمعة التي تسعى لتثبيت الفلسطينيين في أرضهم وبناء دولة فلسطينية مستقلة.ودعا الشبول الفلسطينيين الى العمل للخروج بموقف فلسطيني رسمي واضح تجاه طرح ترامب مشددا على أن وحدة الموقف الفلسطيني هي حجر الأساس في هذا الملف إلى جانب الموقف العربي. ولفت الشبول إلى خطر ما يحدث في الضفة الغربية من توسع في الاستيطان وعدوان مستمر في ضل دعم مطلق غير مسبوق من الادارة الأمريكية.ومن جانبه اعتبر رئيس تحرير صحيفة (الغد) الأردنية مكرم الطراونة في تصريح ل(كونا) أن طرح فكرة تهجير الفلسطينيين ليس جديدا وأن الموقف الأردني ينطلق من ثوابته في رفض التهجير ومن مرتكزات عديدة أهمها تثبيت الفلسطينيين على أرضهم وتعزيز فرص الحل السلمي عبر حل الدولتين بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس.وأشار إلى أن التهديدات الأخيرة بالتهجير استوجبت تحركا عربيا عبر عنه الملك عبدالله الثاني خلال لقائه الرئيس الامريكي حيث يرتكز على خطة مصرية أساسها إعادة اعمار قطاع غزة دون تهجير أهلها وتحظى بدعم وزخم عربي واسلامي ستعبر عنه قمتا الرياض والقاهرة المقرر عقدهما الأسبوع المقبل.ولفت إلى أن هذا الموقف العربي تنبع أهميته في التصدي لمخطط التهجير الامريكي الصهيوني الذي يواجه برفض عالمي وعربي لانفصاله عن الواقع ويمثل انتهاكا للقانون الدولي والشرعية الدولية ويهدد استقرار المنطقة.وقال إن التحرك العربي يأتي في وقته المناسب لمنطقيته وجديته حيث تتكامل فيه أبعاد الخطة اللازمة لإعادة إعمار غزة من توفير التمويل وإدارة القطاع في المرحلة المقبلة ما يجعل التحرك العربي الموحد مختلفا في مستوى التنسيق العربي والجدية التي فرضتها جسامة التهديدات ومتغيرات ما بعد السابع من أكتوبر.وفي مصر كثف وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبدالعاطي اتصالاته مع الدول العربية ومنها الكويت والأردن والسعودية للتأكيد على ثوابت الموقف العربي إزاء القضية الفلسطينية الرافض لأية إجراءات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أو تشجيع نقله إلى دول أخرى خارج الأراضي الفلسطينيةوتأتي زيارة مرتقبة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى (واشنطن) للقاء ترامب في وقت شديد الحساسية حيث يتوقع أن تطرح مصر تصورا متكاملا لإعادة إعمار القطاع وضمان بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وبما يتسق مع الحقوق الشرعية والقانونية له وسط آمال بتغيير وجهة النظر الأمريكية بشأن قضية التهجير وخطورتها على أمن واستقرار المنطقة.وفي هذا السياق قال مساعد وزير الخارجية المصري السفير محمد حجازي في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن خطط ترامب تسببت في اضطراب واسع على الساحة الاقليمية والدولية ولاقت رفضا كاملا من الشركاء الدوليين للولايات المتحدة ودهشة حتى في الأوساط الأمريكية.وأضاف حجازي أن مصر أدركت منذ بداية العمليات التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة والتي لم ينج منها البشر والحجر على السواء نية الاحتلال في تهجير الفلسطينيين بشكل قسري أو طوعي وأبدت رفضها الكامل في هذا الشأن.وأوضح أن تصريحات ترامب “أدت إلى مزيد من تعقيد المشهد في الوقت الذي نستعد لاستقبال المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وما تحمله المرحلة الثالثة من فرص لاستدراج المشهد إلى مسار يقود إلى إعادة الإعمار وفتح الباب لأفق سياسي وضوء في نهاية النفق من خلال إطلاق مسار يقود إلى حل الدولتين”.وأكد أنه من المنتظر أن يلتقي الرئيس المصري خلال زيارته التي لم يحدد لها موعد بعد مع عدد كبير من أعضاء الكونجرس الأمريكي واللجان المعنية ووسائل الإعلام لشرح خطورة مقترح التهجير القسري للفلسطينيين باعتباره تهديدا لاستقرار المنطقة فضلا عن أنه لا بديل عن الالتزام بحل الدولتين واتفاق الهدنة الذي بذلت فيه الدول الثلاث والرئيس ترامب ذاته جهدا واسعا وأنه “لا يمكن إهداره نزولا عند رغبة مريضة لليمين الإسرائيلي الاستيطاني المتطرف والذي يجب كبح جماحه”.وقال حجازي إن “مصر حددت بشكل واضح وصريح أن موضوع التهجير القسري ليس فقط غير مقبول وإنما يشكل خطا أحمر قد يقود المنطقة إلى الوقوع في تهلكة المواجهة التي لا نرتضيها ولكن إذا ما أجبرنا عليها فليس لدينا سوى التعامل بالشكل الذي نراه ملائما دفاعا عن أمن مصر القومي وحماية للشعب الفلسطيني”.وأضاف أن “مصر عندما أعلنت أن هذا الأمر يعد خطا أحمر فهي تعني ما تقول وعلى الجميع إدراك مخاطر التمادي في هذا السياق”.ومن جهته رأى مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي في تصريح مماثل ل(كونا) أن “هناك تراجعا من الإدارة الأمريكية بشأن خطة التهجير بحسب ما صرحت به المتحدثة باسم البيت الأبيض والتخلي عن فكرة تهجير الفلسطينيين مع انتظار الخطة المصرية والعربية كرؤية بديلة لما طرحه ترامب”.وأكد السفير هريدي أن الدور المصري “حاسم وصريح” فيما يتعلق برفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم موضحا أن الاتصالات لم تنقطع بين القاهرة وواشنطن عبر القنوات الدبلوماسية حول هذا الموضوع.وحول زيارة السيسي إلى الولايات المتحدة قال هريدي إنه لم يعلن رسميا عن موعد الزيارة سواء من البيت الأبيض أو رئاسة الجمهورية ولم يتفق الجانبان حول تاريخ محدد لها.وأضاف أنه في حالة قام الرئيس بزيارة إلى الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة فإن المناقشات بين الجانبين ستركز في المقام الأول على الأوضاع في قطاع غزة والقضية الفلسطينية برمتها مبينا في هذا الصدد أن هناك علاقات ومصالح مشتركة واستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة “وبالتالي ستتم مناقشة ما يمكن أن تقبله مصر وما لا تقبله تحت أي ظرف من الظروف وفي مقدمتها قضية تهجير الفلسطينيين قسريا من قطاع غزة”.ورغم أن مخططات ترامب ليست واضحة من ناحية الآلية والتنفيذ ولا توجد جداول زمنية لها فإن جبهة الرفض التي تشكلت بعد الإعلان عنها تزداد يوما بعد آخر تمسكا ببقاء الفلسطينيين في أرضهم. (النهاية)ع م ن / ا س م / ط م ا