عمان 21 تشرين الثاني (بترا) غادة حماد- تناولت الجلسة الأخيرة من أعمال منتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أمس الأربعاء، حلقة نقاشية بعنوان “التحول في مجال الذكاء الاصطناعي: رؤى عالمية وابتكارات إقليمية”.
وناقش المتحدثون خلال الجلسة المشهد المتنوع لتبني الذكاء الاصطناعي مع تسليط الضوء على الاستراتيجيات الدولية والابتكارات الإقليمية.
وتحدثت مدير مديرية الذكاء الاصطناعي في وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة المهندسة لمى عربيات، التي أدارت الجلسة، حول الذكاء الاصطناعي وتأثيره على سوق العمل والمجالات الأكاديمية، إضافة إلى دور الحكومات والشركات في توظيف هذه التقنية بطريقة آمنة ومسؤولة.
وقالت، وفقًا لتقارير المنتدى الاقتصادي العالمي، يُتوقع اختفاء حوالي 83 مليون وظيفة من السوق، مقابل إنشاء واستحداث 96 مليون وظيفة جديدة، ومن بين الوظائف الناشئة، منصب “الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي”، والذي بدأ تطبيقه في الإمارات.
كما تطرقت عربيات الى الاستخدام الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي، مبينة انه يعتبر سلاحًا ذا حدين؛ إذ يمكن استخدامه لتحقيق الخير أو لأغراض ضارة، ومثال ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في الحرب على غزة بشكل غير إنساني، لافتة الى ان بعض الدول والمنظمات الدولية بدأت بوضع لوائح وقوانين لضمان استخدام هذه التقنية بشكل آمن ومسؤول، مثل المبادئ التوجيهية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأشارت الى ان مجلس الوزراء الأردني أقر الاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية، إضافة إلى قانون حماية البيانات الشخصية الذي تم تفعيله أخيرا.
من جهته، قال مؤسس شركة “انوفويشنز ايه اي360” بشار كيلاني، إن القيمة الاقتصادية للذكاء الاصطناعي أصبحت رخيصة جدًا، أي أنها في متناول الجميع، ولكن العديد من المؤسسات اليوم ما تزال غير قادرة على تحقيق قيمة اقتصادية من هذه التقنية، مؤكدا ان التحول مطلوب في المؤسسات، سواء أكانت حكومية أو بنوك أو أي نوع آخر من المؤسسات، لذلك، تم استحداث وظيفة “الرئيس التنفيذي للذكاء الاصطناعي”، وهو دور لا يتعلق بالوظائف التقليدية بل هو موجه بشكل خاص لتحفيز التحول السريع داخل المؤسسات لخلق قيمة اقتصادية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ولفت الى امكانية تحقيق قيمة اقتصادية قد تصل إلى 20 بالمئة خلال عامين، وهو هدف طموح، حيث يتطلب هذا التحول تغييرًا ثقافيًا جذريًا داخل المؤسسات، بما في ذلك تغيير في المهارات القيادية والانتقال إلى استراتيجية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وبناء نظام تشغيل جديد للمؤسسة يعتمد على هذه التقنية.
وأوضح كيلاني، انه لإحداث هذا التحول، يجب أن تتوفر قيادة قوية مبتكرة تديره، ونرى اليوم العديد من المؤسسات الحكومية الكبرى تتبنى هذا التوجه، مثل دولة الإمارات التي تم فيها تعيين رؤساء تنفيذيين للذكاء الاصطناعي في كل دائرة حكومية، لقيادة هذا التحول وخلق القيمة الاقتصادية.
وقال، ان الموضوع ليس مجرد تكنولوجيا؛ فعلى الرغم من أن هناك العديد من الحلول التكنولوجية التي يمكن أن تساعد، فإن التغيير والتحول السريع ضروريان كي تبقى المؤسسة قادرة على المنافسة في السوق الاقتصادي.
وتتطرق كيلاني الى الطريقة المثلى لاستخدام الذكاء الاصطناعي، والتي يجب أن تتم بشكل مسؤول، مشيرا الى انه في بعض الأحيان، يعتمد الذكاء الاصطناعي على البيانات أو الخوارزميات المستخدمة ما قد يؤدي إلى تحيز معين. وأكد أن الشفافية في هذا المجال مهمة جدًا، ومن الضروري التأكد من أن القرارات لا تترك بالكامل في يد الآلة، بل يجب أن تكون دائمًا بيد الإنسان المسؤول، وهذه الأمور جميعها تتطلب فهمًا عميقًا لكيفية اتخاذ القرارات في مجال الذكاء الاصطناعي، كما أن جميع الهيئات العالمية، والمنظمات الدولية والحكومات، تؤكد دائمًا أن المسؤولية تقع على الفرد أو المؤسسة المالكة للنظام في اتخاذ القرارات التي يتخذها.
واعتبر ان بعض الأطر التنظيمية التي تستخدمها الدول اليوم لتنظيم موضوع الذكاء الاصطناعي، مثل البنية التحتية الرقمية أو الأمور المتعلقة باستخدام البيانات وتصنيفها لها أهمية كبيرة، وهناك تعليمات وإرشادات محددة حول كيفية استخدام البيانات والخوارزميات، وكذلك كيفية تعليم وتدريب المستخدمين، لذلك، يعد موضوع البنية التحتية الرقمية أمرًا حيويًا، وهو محط اهتمام حكومات وشركات ومؤسسات، حيث يتم تحديد أطر تنظيمية لهذا المجال.
وأضاف، ان النقطة الأخرى تتعلق بالإطار التشريعي، فهناك قوانين تتعلق بالحوسبة السحابية وبالأمن السيبراني والبيانات، وعلى سبيل المثال، في دولة الإمارات، تم إصدار قوانين جديدة تتعلق بالشركات، وكذلك قوانين للعمل، وأخرى تختص بالتجارة الإلكترونية، وجميع هذه القوانين تشكل جزءًا من المنظومة القانونية التي تسهم في تنظيم هذا المجال.
بدوره، تحدث عضو لجنة الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي بغرفة تجارة وصناعة سلطنة عُمان الدكتور أمجد الذهلي، حول تطوير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في سلطنة عُمان، موضحا انه منذ عام 2003، أولت السلطنة اهتمامًا كبيرًا بقطاع تقنية المعلومات والاتصالات، حيث أُطلقت استراتيجية “عُمان الرقمية”، وفي عام 2008 صدر قانون المعاملات الإلكترونية، وهذا التطور كان مدعومًا بالاستقرار السياسي الذي ساعد السلطنة في جذب العديد من الشركات العالمية العاملة في هذا المجال.
وأوضح ان عُمان تتميز بموقع استراتيجي يربط بين الشرق والغرب من خلال الكوابل الضوئية البحرية، وجاءت رؤية ” عُمان 2040″ لتؤكد أهمية هذا القطاع في تعزيز الاقتصاد الوطني، وذلك عبر اعتماد البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي، الذي يشمل العديد من المبادرات والأهداف، من بينها البرنامج الوطني للتحول الرقمي، الذي يمثل الأساس الرئيسي لتطوير الخدمات الإلكترونية واستخدام التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني وغيرها.
ولفت الى ان مؤشرات الأداء الرئيسية تمثل جزءًا من هذا البرنامج، حيث تم وضعها لقياس أداء المؤسسات الحكومية ومدى تقدمها في التحول الرقمي، وهو نظام كان يقتصر سابقًا على القطاع الخاص، وداخل هذا التحول الرقمي يوجد البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي الذي يسعى الى تحفيز القطاع الاقتصادي والصناعات ومراكز البيانات بالإضافة الى توطين صناعة الذكاء الاصطناعي من خلال التواصل بين القطاع العام والخاص وتشجيع القدرات.
وتطرق الذهلي الى الذكاء الاصطناعي والقوانين التنظيمية، موضحا ان البعض يرى أن القوانين الصارمة قد تحد من الابتكار، لذا يمكن الاعتماد على القوانين المساندة مثل قانون حماية البيانات الشخصية والمعاملات الإلكترونية ومكافحة الجرائم المعلوماتية، التي تسهم في تحقيق التوازن بين حماية الحقوق وتشجيع الابتكار.
من جهته عرض مؤسس شركة فراتيلو للبرمجيات – رئيس حديقة النجاح للإبداع الدكتور محمد شرف، لمسألة محو الأمية الرقمية في فلسطين، مبينا انه رغم التحديات التي تواجه فلسطين، أثبت الشباب الفلسطيني قدرته على التميز في مجالات الذكاء الاصطناعي، حيث يعمل العديد منهم في شركات عالمية بعد تلقيهم تدريبًا عالي المستوى.
وأشار الى أن هذا التدريب لم يؤثر فقط على حياتهم الشخصية، بل اسهم كذلك في تعزيز وجودهم في وطنهم، ما يدعم الاقتصاد المحلي.
وقال، إن جامعة النجاح الوطنية طرحت مسارًا أكاديميًا لتعليم الذكاء الاصطناعي ومهارات علم البيانات لكل طلابها، كما عملت الجامعة على دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف التخصصات مثل الزراعة والهندسة المعمارية.
ولفت شرف الى مبادرة “حديقة النجاح للابتكار”، التي تضم مراكز متخصصة تتعاون مع المصانع المحلية لحل مشكلاتها باستخدام التقنيات الحديثة، مشيرا الى أن هذا التعاون يدعم ربط الأكاديميات بسوق العمل وبما يعزز فرص التوظيف ويطور المهارات العملية للشباب، كما نعمل على تمويل براءات الاختراع.
– -(بترا)
غ ح /اص/اح
21/11/2024 13:07:38