القمة الخليجية الـ45.. تعزيز أواصر الروابط الأخوية في ظل تحديات إقليمية متعددة

الدوحة في 30 نوفمبر /قنا/ توقع عدد من المحللين السياسيين أن تسفر الدورة الخامسة والأربعون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي تستضيفها دولة الكويت الشقيقة يوم غد الأحد، عن العديد من القرارات التي تساهم في تعزيز أواصر الروابط الأخوية بين شعوب دول المجلس، فضلا عن استعراض التحديات الجسيمة التي تواجه المنطقة العربية، وأبرزها الأوضاع الإقليمية في الأراضي الفلسطينية ولبنان.

وأوضح المحللون السياسييون، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية “قنا”، أن الترجيحات تشير إلى تركيز “القمة الخليجية الـ 45” بشكل خاص على مواجهة التحديات الاقتصادية، ودفع عجلة التنمية نحو تحقيق المزيد من الإنجازات، كما أكدوا على أهمية تعزيز السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، نظرا لما يحمله هذا الملف من أهمية كبيرة لدول المنطقة.

فمن جانبه أكد السيد ناصر العتيبي، المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة “الجريدة” الكويتية، أن “القمة الخليجية” تأتي في وقت حرج، والمنطقة العربية تواجه حروبا وقضايا مصيرية تجعلها أمام مفترق طرق، مشيرا إلى أن هذه الظروف الحرجة تلقي بظلالها على دول مجلس التعاون الخليجي، مما يجعلها محورا رئيسيا على جدول أعمال القمة وما ستتناوله من مناقشات.

وأوضح العتيبي، أن التعاون الدفاعي والأمني المشترك سيحتل مكانة بارزة في جدول الاجتماعات، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة التي يشهدها الشرق الأوسط، كما توقع أن تشمل المناقشات سبل التصدي لاستمرار العدوان الإسرائيلي وانتهاكاته وجرائمه.

ولفت إلى أن قمة مجلس التعاون لن تغفل الوقوف إلى جانب دوله في قضاياها التي لا تزال عالقة مع دول أخرى من خارج المجلس.

وقال رئيس تحرير صحيفة “الجريدة” الكويتية: إن من بين أبرز القضايا التي ستناقشها القمة الخليجية المقبلة هي سبل تأمين الملاحة في الخليج العربي، وحماية ناقلات النفط المارة عبره، لضمان استقرار الأسواق العالمية وحماية شريان الطاقة الحيوي.

وأوضح أن القمة المزمعة ستؤكد بوجه عام على مدى تلاحم دول الخليج العربية في مواجهة ما يطرأ من مستجدات أيا كان مصدرها، لتبعث برسالة بأن البيت الخليجي نموذج لوحدة الكلمة والموقف ويتطلع إلى المستقبل، مستمدا قوته من جذور راسخة وروابط مشتركة عديدة.

أما عن القرارات والتوصيات المتوقعة، أشار العتيبي إلى احتمال أن تدعو القمة المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووضع حد للاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني.

من جانبه قال الدكتور أحمد قاسم حسين، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومدير تحرير مجلة “سياسات عربية”: “إن القمة الخليجية المرتقبة تنعقد في ظل تحديات أمنية وسياسية معقدة، تشمل الأوضاع الإقليمية في الأراضي الفلسطينية ولبنان، والاضطرابات المستمرة في المنطقة، مبينا أن هذه الأوضاع مجتمعة تلقي بظلالها على أمن المنطقة العربية بشكل عام، وعلى أمن منطقة الخليج العربي بشكل خاص، نظرا لأهميتها الجيوسياسية”.

وأوضح أن تداعيات الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، وانعكاساتها الإقليمية والدولية، ستكون واحدة من القضايا المحورية التي ستناقشها قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، كما توقع أن تحظى التحديات الاقتصادية، بما في ذلك تعزيز السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، بأهمية خاصة؛ نظرا لدورها الحيوي في دعم التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.

وأضاف حسين أنه من المنتظر أن تولي القمة اهتماما خاصا لموضوعات التطور التكنولوجي والرقمي، مع التركيز على مواكبة التحولات السريعة في قطاع الذكاء الاصطناعي، بيد أن هذه القضايا تتطلب استجابات فعالة واستراتيجيات مشتركة لتعزيز قدرات دول الخليج في التعامل مع هذه التطورات، بما يحقق استدامة النمو الاقتصادي، ويسهم في ترسيخ مكانة المنطقة كمركز عالمي في مجال الابتكار والتكنولوجيا.

وأوضح أن تعزيز العمل الخليجي المشترك سيكون حاضرا بقوة في “القمة الخليجية” لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الراهنة التي تشهدها المنطقة، متوقعا أن تشمل التوصيات تأسيس آليات فعالة للتعامل مع الأزمات الطارئة، خاصة في ظل التصعيد العسكري المتصاعد بين إيران والكيان الإسرائيلي.

وأكد مدير تحرير مجلة “سياسات عربية” في ختام تصريحاته لـ”قنا”، أهمية استثمار القدرات الدبلوماسية والسياسية لدول المجلس وقادتها للتأثير على مسار الأحداث ووقف الحرب العدوانية الإسرائيلية، بما يحقق السلام والاستقرار الإقليمي.

وبدوره، قال الدكتور طارق حمود أستاذ العلوم السياسية في جامعة لوسيل، في تصريح مماثل لوكالة الأنباء القطرية “قنا”: إن مجلس التعاون الخليجي يعكس التجربة العربية الأنجع في جانب التعاون الإقليمي المشترك، مما يبرز أهمية انعقاد اجتماعاته بصفة عامة.

وأشار حمود إلى أن انعقاد الدورة الحالية في دولة الكويت يحمل خصوصية إضافية، بالنظر إلى الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة.

وأوضح أن انعقاد هذه الدورة يأتي في وقت يتعرض فيه بلدان عربيان، فلسطين ولبنان، لحرب إسرائيلية وحشية، إلى جانب الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها دول أخرى مثل سوريا، والسودان، والعراق، واليمن، والتي تمثل أهمية جيوسياسية كبيرة لدول الخليج العربي.

وأضاف أن هذه القضايا الإقليمية ستحتل مكانة بارزة في جدول أعمال القمة، إلى جانب قضايا داخلية خاصة بدول المجلس، مثل تعزيز التعاون في مجالات الربط الاستراتيجي، سواء في العمالة أو تسهيل حركة التنقل بين دول الخليج.