لنشرة الثقافية
لوكالة الأنباء العمانية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ركن السلطان قابوس بن سعيد “أعز الرجال وأنقاهم”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسقط – في 13 أغسطس / (العمانية) – (فانا)
ينقل ركن السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور “أعز الرجال وأنقاهم” في قاعة عصر النهضة بالمتحف الوطني الأبعاد المختلفة لشخصية السلطان الراحل “طيب الله ثراه” سلطانًا لعُمان ودوره كأيقونة سلام مع مختلف دول العالم.
ويضم الركن مجموعة منتقاة من المقتنيات الشخصية والهدايا المُهداة للسلطان الراحل -طيب الله ثراه- من بعض قادة الدول الشقيقة والصديقة، ويسلط الضوء على حياته بدءًا بمولده ونشأته، وأبرز هواياته واهتماماته، ومرحلة دراسته الجامعية، مرورًا ببزوغ فجر النهضة المباركة وتوليه مقاليد حكم البلاد، وتأسيسه لدولة المؤسسات والقانون، واهتمامه بتحقيق دمج الموروث والعصرنة، ودوره في بناء دولة عصرية تنعم بالسلام وتحقيق حياة أفضل للعُمانيين، ودوره كرمز للحكمة والسلام على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويحمل الركن شعلة من دلالات ومعانٍ تتجاوز حدود هذا الوطن، لما كانت للسلطان الراحل – وستظل – من مكانة لها عظيم الأثر المنبثق من شخصيته الفذّة التي امتزجت مع بلده بغناها الثقافي والحضاري، حيث كانت حياة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور (طيب الله ثراه) في كل أطوارها، تلتقي عناصر الموهبة، والبيئة، والدراسة، والمنصب، لتمضي بها إلى حيث ينبغي أن تكون.
ويتضمن الركن أقسامًا متعددة، هي: قسم رموز الدولة، وقسم أعز الرجال وأنقاهم (مولده ونشأته وهواياته واهتماماته)، وقسم نهضة عُمان المتجددة، والخط الزمني لأسرة البوسعيد بدءًا من السلطان أحمد بن سعيد البوسعيدي إلى عصر النهضة المتجددة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، وقسم السلطان سعيد بن تيمور، وقسم القائد الأعلى، وقسم رجل الحكمة والسلام، وقسم دولة المؤسسات والقانون، ومن منطلق مقولة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور (طيب الله ثراه): “إنني أريد أن أنظر إلى خارطة العالم ولا أجد بلدًا لا تربطه صداقة بعُمان” تم تخصيص قسم العلاقات المتبادلة الذي يضم مجموعة منتقاة من الهدايا المُهداة لأعز الرجال وأنقاهم.
ومن أبرز القطع السلطانية المميزة المعروضة في ركن السلطان قابوس بن سعيد -أعز الرجال وأنقاهم، دفتر الفروض المدرسية والمنزلية (تمارين) باللغة الإنجليزية، الخاص بالسلطان قابوس بن سعيد (طيب الله ثراه) يعود للفترة (78-1379هـ/58-1959م)، وساعة جيب مصنوعة من الذهب والعقيق بتغصنات بلورية مُهداة من العائلة المالكة الكريمة للسلطان قابوس بن سعيد بن تيمور (طيب الله ثراه)، بمناسبة زواجه الميمون من صاحبة السمو السيدة كاملة بنت طارق آل سعيد (1396هـ/ 1976م)، وبدلة المراسم الخاصة للسلطان قابوس بن سعيد (طيب الله ثراه) للعيد الوطني الأربعين المجيد تعود للفترة (18 ربيع الثاني 1421هـ/ 21 يوليو 2000م )، وجائزة السلام الدولية التي مُنحت للسلطان قابوس بن سعيد بن تيمور (طيب الله ثراه) من قبل المجلس الوطني للعلاقات العربية-الأمريكية، وقام بتسليمها فخامة الرئيس جيمي كارتر، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية التي تعود للفترة (24 جمادى الثاني 1419هـ/15 أكتوبر 1998م )، ورسمة منمنمة للسلطان قابوس بن سعيد (طيب الله ثراه) مُهداة من “دبليو .بي. مونداي” إلى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- تعود للفترة (06 – 1407هـ/1986م).
الجديرٌ بالذكر أن قاعة عصر النهضة تحتفي بتاريخ عُمان الحديث منذ مطلع عهد أسرة البوسعيد استمرارًا إلى عصر نهضة عُمان المتجددة في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم (حفظه الله ورعاه).
ويعد عصر النهضة المباركة من أهم المراحل التاريخية التي عاشتها عُمان في عصرها الحديث؛ فبحلول عام (1390هـ /1970م) انتقلت البلاد من حقبتها الماضية إلى عصر دولة المؤسسات الحديثة، والتي شهدت العديد من التغيرات الجذرية في مختلف مجريات الحياة، وفقًا لما رسمه لها باني هذه النهضة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -طيب الله ثراه-، الذي عمل على بث وتدعيم الحداثة، والتطور في مجالات التنمية الشاملة، مع المحافظة على مكونات الهوية العُمانية الأصيلة؛ وذلك من خلال إقامة دولة المؤسسات الحديثة، ومنظومة القوانين والتشريعات، والأسس الراسخة لبنية أساسية تكاملية، وتعزيز الأمن الوطني، وبناء علاقات وطيدة مع دول العالم، وذلك على مدى ما يقارب الخمسين عامًا.
/العمانية/فانا
رواية “نارنجة” لجوخة الحارثية تصدر بالإنجليزية في بريطانيا وأمريكا
مسقط في 13 أغسطس /العمانية/فانا/ صدرت في مايو الماضي الترجمة الإنجليزية لرواية نارنجة لجوخة الحارثية بعنوان (Bitter Orange Tree) بالتزامن في بريطانيا وأمريكا، حيث تصدر في نيويورك عن دار نشر “كاتبلت” وهي الدار التي نشرت النسخة الأمريكية من سيدات القمر للروائية نفسها كذلك، وتصدر في لندن عن دار نشر “سايمون وتشوسر”، بغلاف مختلف لكل دار، وتقع الرواية في 224 صفحة.
وقامت بترجمة الرواية من العربية مباشرة إلى اللغة الإنجليزية المترجمة الأمريكية، الأكاديمية في جامعة أكسفورد مارلين بوث، وهي المترجمة نفسها التي ترجمت رواية “سيدات القمر” للحارثية، وشاركت في جائزة البوكر العالمية وفاز الكتاب بها في عام 2019م.
تصدرت الغلاف الخلفي للنسخة الإنجليزية كلمة لـ/جيمس وود/ من مجلة “نيويوركر” المرموقة يقول فيها: “رواية مذهلة من الفائزة بالبوكر تحكي عن فتاة عمانية وهي تحاول بناء حياة لها في بريطانيا في حين تتأمل وتستعيد العلاقة التي جعلتها ما هي عليه، الحارثية كاتبة استثنائية تبدع في أسلوبها الروائي الخاص”، كما أورد الناشر هذا التعريف عن الرواية في الغلاف: “زهور، طالبة عمانية في جامعة بريطانية، واقعة بين الماضي والحاضر، في حين تحاول بناء صداقات وتتكيف في حاضرها، كانت لا تنفك تعود إلى ماضيها، إلى العلاقة المحورية في حياتها، وهي ارتباطها العاطفي القوي ببنت عامر، المرأة التي نظرت إليها زهور دائما باعتبارها جدتها، والتي فارقت الحياة بُعيد سفر زهور، وفي الوقت الذي تتكشف فيه التفاصيل التاريخية لحياة بنت عامر، كذلك تتكشف تفاصيل واقع زهور المنعزل، المتشظي، عبر فصول قصيرة أخّاذة، كل حكاية تتعلق بالأخرى في تلاعب للزمن وسيطرة للأحلام على الذكريات، إنها الرواية التي انتظرناها بترقب للفائزة بالبوكر، إن نارنجة استكشاف عميق للطبقات الاجتماعية والثروة والرغبة واستقلالية المرأة، إنها تقدم بورتريه فسيفسائي لامرأة عمانية شابة تحاول أن تفهم جذورها، وتحاول بناء حاضرها حيث تجد أن سعادتها مرتبطة بالحرية كي تنمو وتزدهر”.
وقامت دار النشر بنشر نسخة تجريبية من نارنجة قبل بضعة أشهر، وهي طبعة غير تجارية، مختصة بالتوزيع على الصحفيين والنقاد وأصحاب المكتبات لاستطلاع آرائهم، فحظيت بتلقٍ إيجابي جدا، حيث نشرت حولها مقالات استباقية وإشادات في المجلات الثقافية، وفي النشرات المختصة بترشيح الكتب، وفي المواقع الأدبية، منها مجلة الناشرين الأمريكية publishersweekly التي وصفت الرواية بأنها “رواية مليئة بالصور التي لا تمحى والتي ترمز إلى الحرية المجهضة، مثل طائرة ورقية محطمة وطائر ممزق إلى أشلاء، هذه الرواية ترسخ السمعة الأدبية التي اكتسبتها الحارثية عن جدارة”. ، ووصفتها بأنها “حكاية رائعة عن الحنين”، كما رشحت مجلة Book Riot ومجلة Electric Literature رواية نارنجة ضمن الكتب التي ينبغي قراءتها في عام 2022م. ونوهت مجلة المكتبة Library Journal بالولايات المتحدة بالنسخة الأمريكية المرتقبة في مايو 2022 من ” نارنجة”، للفت انتباه القرّاء إليها.
وكتبت عنها كاثرين بولجر قراءة معمقة في مجلة Hadara بعنوان: “قوة الحب: تعود الفائزة بالبوكر إلى مواضيع العائلة والهوية في إصدارها الجديد”، قائلة في ختام قراءتها: “تصف الحارثية المجتمع العماني والعلاقات الأسرية بتفاصيل دقيقة، ولكن مكمن قوتها هو وصفها للحياة الداخلية للشخصيات، الشقيقة الشجاعة، الصديقة المهووسة بالمكانة الاجتماعية، الحبيب المثقل بالمسؤوليات، الحفيدة الحزينة، والجدة الأمية ذات العين الواحدة التي تكمن قواها الخارقة في الحب والعطاء والعمل الدؤوب”. وقد اختارت مجلة The Rumpus الرواية لتكون أكثر العناوين تشويقا لعام 2022، وكذلك فعلت مجلة The National، ومجلة Electric Literature ومجلة Ms. Magazine.
وقام اتحاد بائعي الكتب في بريطانيا الذي يضم ٩٢ مكتبة مستقلة باختيار رواية نارنجة لتكون كتاب الشهر ليونيو ٢٠٢٢.
الجدير بالذكر أن النسخة العربية من رواية نارنجة نشرت عام 2016، عن دار الآداب، وفازت في العام نفسه بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب، وقد صدرت منها بالعربية ثلاث طبعات حتى الآن.
/العمانية/فانا/
خطّاطون عُمانيون: الخط العربي مُنجز يفاخر به المسلمون
مسقط في 13 أغسطس /العُمانية/فانا/ في نهاية العام المنصرم، نجحت 16 دولة عربية منها سلطنة عُمان بالتنسيق فيما بينها في تسجيل الخط العربي على قوائم الصون العاجل للتراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونسكو، وأدرجت في تراثها غير المادي الخط العربي الذي يُشكّل رمزا ثقافيا أساسيا في العالمين العربي والإسلامي، في تصنيف يتيح الحفاظ على تراث يكون في كثير من الأحيان مهدّدًا.
وفي هذا الشأن وعموميات الخط العربي تظهر جملة من التساؤلات حول كيفية استطاعة الخطاط العربي إيصال روح وفكرة العربي للناطقين بغير العربية وإسهام الخط العربي في الحفاظ على اللغة وتقدمها للعالم بصورة أجمل، وما إذا كان الخط العربي لا يزال يقف على أرض صلبة، في ظل التقدم التكنولوجي وتولي الحاسب الآلي مهمة تنفيذ أشكال وأنماط الخطوط العربية.
في بداية الحديث يقول الخطاط صالح الشكيري: بعد دراسات مطولة للحرف العربي اكتشف العلماء أن الحروف خاضعة لحركة مستمرة صعودا وهبوطا ميلانا واتساعا، انحناء واستدارة وهذا هو المحور الذي جعل الخط العربي يتطور إلى أنواعه المعروفة، وذلك الذي هيأ للخط العربي حياة كاملة من النمو عبر الزمن إلى أن أصبح عالمًا خاصّا له مكوناته الجمالية والفنية.
ويضيف الشكيري: إن نقطة البداية للخط العربي هي كتابة القرآن الكريم بعد نزوله على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد جُمع المصحف الشريف في عهد الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه فمن هنا ولدت للخط وظيفة لم تكن تحظى بالأهمية الوافية بعدُ، إذ إن الاهتمام بتحسين صور الكتابة وأشكالها بدأ بعد عصر صدر الإسلام بناء على أن الخط الذي يكتب به ينقسم إلى جاف ولين وبعد ذلك أصبح الجاف نواة للخط الكوفي واللين نواة لخط النسخ.
ويؤكد الشكيري على أن الخط العربي نوع من الإنجازات التي يفتخر بها المسلمون ويقدمها إلى الشعوب المختلفة بثقافاتها دون الالتفات إلى ما تنتسب إليه تلك الشعوب المتباينة وإنما يجمعها على الإعجاب بالخط العربي ما تلمسه من الفن الذي يسري في تشكيله وطريقة تكوين رموزه. وفي الوقت ذاته يمكن الإشارة إلى أن إبداع بعض المتميزين من غير العرب في هذا الفن لم يكن إلا دليل على شموليته واتساع إمكاناته وكثافة محتواه الفني.
ويقول الشكيري: يقبل السائحون الأجانب في البلدان العربية التي توجد بها فنون للكتابة العربية على القماش أو النحاس لاقتناء مثل هذه اللوحات الفنية، بل إن اقتناء مثل هذه اللوحات يدخل ضمن تيار فني وثقافي في الغرب مهتم بكل ما هو شرقي من فنون وثقافة، فتضاربت الآراء فيمن يقول إن تحول عدد كبير من المهتمين والعاملين في مجال الخط العربي إلى استخدام الحاسب الآلي في الحصول على قوالب نمطية وثابتة وبدون اللمسة الإنسانية على الخط العربي أدى إلى حالة من الربكة وأسهم في القضاء على عناصر الإبداع لدى المبدعين مضيفا أن المهتمين في مجال الخط العربي لا يجدون من يتولى رعايتهم بالرغم من أن عدد هؤلاء قليل مشيرا في نفس الوقت إلى الضعف الواضح الذي يميز خطوط طلاب المدارس في كل المراحل التعليمية وحتى في مرحلة التعليم الجامعي، ومن يقول إنه بالرغم من التقدم التكنولوجي الكبير في مجال التطبيقات المرتبطة بالحاسب الآلي في تنوع وجود الخط العربي إلا أن التقنية الحديثة في هذا المجال لم تحل محل الخطاط البشري أبدا مبيّنًا أن الحاسب الآلي يمكن أن يكون له دور في الكتابة العادية لكن الخط العربي بأشكاله الفنية والإبداعية لا يمكن أن يخرج للنور إلا من خلال إنسان مبدع ملمٍّ بفنون كتابة الخط العربي وبأشكال الحروف وأطوالها وأحوال طمسها أو مدها، فمازال الخط العربي إلى اليوم يحتل مكانته في العالم العربي جنبا إلى جنب مع الفنون الأخرى كفن له مكانة خاصة عند العرب.
وللخطاط سامي بن زين الغاوي رؤية حول ما جاء من تساؤلات فيقول: إن الحروف العربية أجمل حروف الدنيا على الإطلاق، لا تضاهيها حروف في أي لغة أخرى، فهي جميلة بذاتها في مفرداتها واتصالاتها وقابليتها للتطويع ومرونتها اللامتناهية.
ويشير الغاوي إلى ما نشاهده من تنوع وتعدد لأنواع الخطوط العربية ما هو إلا دليل على ذلك، واستلهم الخطاط من هذه الحروف وبنى عليها واستنبط أشكالا عديدة للحرف الواحد بمفرده، وكذلك لاتصالات الحروف ببعضها في جميع أنواع الخطوط العربية المعروفة حاليا، وليس من الغريب أن الناطق بغير اللغة العربية ينبهر بجمال الحرف العربي عندما يراه متجسدا في تكوينات وتركيبات بديعة استلهمها الخطاط وتبناها في لوحاته.
ويذهب الغاوي بالقول: ولأن العالم أصبح قرية صغيرة بفضل التقنية ومنصات التواصل الاجتماعي، فقد مهّد ويسّر للخطاطين عرض فنونهم وما تنتجه أيديهم عبر هذه التقنيات وإيصالها إلى العالم أجمع بدون استثناء، إنّ الخط العربي يستلهم روحانيته من القرآن الكريم الذي أضفى عليه نوعًا من القدسية لا تجدها في أي فن آخر، فالخطاط لا يكتب إلا الجميل من النصوص ذات المعاني السامية مثل آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والحِكَمِ والأمثال والأشعار؛ فلاشك أن كل هذه الروحانية التي يعيشها الخطاط بينه وبين نفسه عند تنفيذه للوحاته لابد أن تنعكس على المتلقي الذي يشاهدها لا سيما غير الناطقين باللغة العربية حتى وإن لم يفهموها فإنهم يحسّون بعمق روحانيتها، وقد شاهدت هذا بعيني مرارًا في المعارض الخطية في العالم الإسلامي وخارجه، ولاشك أن بقاء اللغة العربية مرتبط ببقاء القرآن الكريم. والخط بتكويناته وإبداعاته قدّم للعالم النصوص القرآنية في أشكال تسرّ الناظرين مما أسهم في تجذير اللغة وترسيخها لدى المتلقين والمتذوقين لفن الخط.
ويؤكد الغاوي على أن الخط في الوقت الحاضر يقف على أرض صلبة، ويقول: لا أرى إلا أن التقنية والحاسب الآلي هما وسيلتان تم تسخيرهما لخدمة فن الخط، فالحاسب الآلي ينفذ ما يملي عليه الخطاط المعاصر وما وضعه فيه من تصاميم وأنماط خطية للعديد من الأغراض كالشعارات والهويات التجارية. كما أن الخطاط استغل الحاسب الآلي ليوفر الوقت والجهد الذي كان يقضيه في السابق للتصميم واستخدام الهندسة في الخط.
ولا تبتعد الخطاطة أنوار الحسنية عما جاء به الخطاطون أعلاه فهي تشير إلى أن للخط العربي شأنا كبيرا بين المسلمين وهو دلالة على التفاهم والتخاطب بينهم وغير الناطقين باللغة العربية عندما يرون الخط العربي يجذبهم إليه فيحبون حروفه المتناغمة ويعشقون انسيابيته. وتقول: نرى أن الكثير من الناطقين بغير العربية يتعلمونه كي يستطيعوا قراءة الحروف العربية وكتابتها وليس هناك طريقة أفضل من نشر هذا العلم بطريقته الأصيلة التي تبتعد عن التحديث والتغيير في شكلها الأصلي إلا الإسهام في المحافظة على الخط العربي.
وتضيف الحسنية: الخط العربي حافظ على مكانته ولم يترك مجالا للتكنولوجيا أن تحل محله، ونلاحظ رقميا تصاعديا في شأن تعلمه وفهم خصائصه مرورا بالأعداد التي سجلت ارتفاعا في عدد الخطاطين والخطاطات العمانيات وكل هذا بفضل الجهود وحب الاستطلاع وخوض مغامرة تعلم الخط العربي بكافة أنواعه.
كما يشارك الخطاط شبيب البلوشي زملاء الإبداع الفني رأيه ويشير إلى أن أول آية نزلت في القرآن الكريم تشير إلى أهمية القراءة (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، فقد نزلت باللغة العربية الواضحة، والقراءة تتعلق بنص مكتوب هو ما يطلق عليه الآن الخط العربي لأنها كتبت بحروف عربية.
ويشير البلوشي إلى أن فن الخط العربي تطوّر بمرور الزمن بعد انتشار الإسلام في بقاع الأرض بما يعرف بالفتوحات الإسلامية وثري بإسهامات من مختلف الثقافات ووضعت له قواعد وظهرت أنواع مختلفة من الخط وأصبح لفن الخط مكانة خاصة عند المسلمين، مما جعل الخطاطين يبدعون في الكتابة وخاصة في المصحف الشريف والآيات القرآنية.
ويضيف البلوشي: لم يؤثر فن الخط العربي على العرب فحسب بل امتد إلى غير العرب، وأوجد مجالًا للتنافس لإبراز جمالياته. ويؤكد أن بعض البلدان العربية وغير العربية تعتبر فن الخط، من الفنون المقدس، فهي تحتفي به من خلال المعارض السنوية والملتقيات الضخمة بدعوة كبار الخطاطين والنقاد والمبدعين في هذا المجال.
ويتعجب البلوشي من عدم اهتمام عدد من البلدان بفن الخط العربي، ربما لأنهم يعتبرونه فنا هامشيا ويجتهدون في إبعاده عن ساحة الفن والمعارض حسب تعبيره، ويرجح أن ذلك يرجع إلى الثقافة والتوعية ومن يدير هذا القطاع الفني المهم.
وتؤكد الخطاطة وداد المعمرية على أن الخط العربي نال اهتماما بالغًا من العرب والمسلمين، وعناية كبيرة لم ينلها خط آخر لدى الأمم والحضارات الأخرى، فتفننوا فيه، واتخذوه وسيلة للمعرفة، والمخاطبات، وألبسوه لباسًا قدسيًّا من دينهم، وذلك لارتباطه بلغة القرآن الكريم، فانتشر انتشارًا واسعًا، مثلما انتشر الإسلام بالفتوحات الإسلامية، وازدهرت معه حضارتنا العربية الإسلامية، فازدهر معها الخط العربي، وبدأ الخطاطون في كتابة المصحف الشريف، والأحاديث، والأشعار، والحِكم العربية، وأصبحوا ينقشون كتابته نقشًا بالغ الدقة والجمال، وكان الخطاطون يتبارون في تجويده، وتحسينه، فكان يقع بين أنظار العالم أجمع، فأصابهم بالدهشة والعجب لحسنه، وروعته، فأقيمت له المعارض والمتاحف، وكانت تضم المخطوطات، والكتب، والمراسلات بين قادة الدول، والسلاطين، والمعاهدات التي تتم بين دولة وأخرى، وما زالت حاضرة إلى وقتنا هذا، والأعجب من كل هذا أنهم يرونه الأبهى، حتى وهم لا يفقهون معانيه. ولذا تقدم الخط العربي، وقطع شوطًا لن يبلغه خط بعده، لكثرة محبّيه، وممارسيه، حتى من غير العرب، بفضل الخطاطين الذين أبحروا في معرفة خصائص الحروف، وفنياتها، استقامة، ورشاقة، وامتدادًا، وتدويرا، مع التناسق الذي يكسبها بريقًا أخاذًا، فغدت واحات من الأزهار، والجمال، والتحف، كست الحياة حياة، لتنوعها، وتشكيلات حروفها التي تتباين بين نوع ونوع.
وتقول المعمرية إن الخط العربي يتفرّد دون غيره من الخطوط بأنه قابل للمزج بينه وبين الرسم بحيث يشكل لوحة جميلة تقدم تغذية بصرية مشوقة للمتلقي، فعلى سبيل المثال الخط الكوفي يمتع كل من يقرؤه بتشكيلاته وزخارفه التي تبهر المتلقي وهذا يساعد على المحافظة على جمالية الخط العربي وتميزه، وهناك الكثير من غير الناطقين باللغة العربية الذين يقبلون على تعلم الخط العربي وإتقانه انطلاقا من تلك الجمالية التي يشاهدونها في الكتابات التي تزين القباب والقصور والمقتنيات العربية والإسلامية منذ القدم وتبقى آثار الحضارة الإسلامية في الأندلس وقصورها شاهدا حاضرا بقوة على عمق وثراء الخط العربي حيث لاتزال جميع الآثار الإسلامية هناك تمثل سفيرا دائما وأبديا للخط العربي وجمالياته ومن هذا المنطلق فإنه يعول على الخطاطين العرب الشيء الكثير في المحافظة على هذا الموروث ونقله للعالم بصورة مشرفة من خلال المعارض والملتقيات الثقافية والفنية وكذلك من خلال إقامة الورش الفنية وتعليمه لكل من يحب تعلمه سواء من الناطقين باللغة العربية أو من غير الناطقين بها.
وتوضح المعمرية: أرى أن الخط العربي بمختلف أنواعه لا يزال يحافظ على تألقه ولا يزال يجد مريديه والباحثين عن جمالياته وتفرده ولا يمكن أن يتجاهل التقدم التكنولوجي الخط العربي حيث يعتبر من المكونات الأساسية التي يتضمنها أي برنامج معني بمعالجة النصوص أو البرامج المخصصة للمراسلات وعلى المستوى المحلي هناك مؤسسات ترعى اللغة العربية لغير الناطقين بها، وكذلك يلعب النادي الثقافي بسلطنة عمان دورا مهما في الاهتمام بالخط العربي من خلال إقامة المعارض والحلقات المتخصصة للخطاطين العُمانيين.
/العُمانية/فانا/
انطلاق معرض “إضاءات من عُمان” بمتحف حلب الوطني
مسقط في 13 اغسطس /العُمانية/ فانا /انطلقت بمتحف حلب الوطني بالجمهورية العربية السورية فعاليات معرض “إضاءات من عُمان” في إطار التعاون الثقافي والمتحفي بين المتحف الوطني بسلطنة عُمان والمديرية العامة للآثار والمتاحف بسوريا.
افتتحت المعرض والفعاليات المصاحبة معالي الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة بالجمهورية العربية السورية وهو امتداد للمعرض الذي أُقيم في متحف دمشق الوطني ويستمر ستة أشهر .
وقالت معالي الدكتورة لبانة مشوح، وزيرة الثقافة السورية “إن متحف حلب الوطني الذي أعيد ترميمه في عام 2019 يستقبل اليوم أول معرض للقطع الأثرية والتراثية العُمانية، التي عرضت في متحف دمشق الوطني لمدة ستة أشهر متتالية، حيث لاقت إقبالًا كبيرًا من المهتمين والراغبين في الاطلاع على هذه التحف الأثرية، لذلك ارتأينا نقلها إلى متحف حلب الوطني حتى يتسنى لأهل حلب الاطلاع عليها والتعرف على الحضارة العُمانية.
وبينت وزيرة الثقافة السورية أن التحف العُمانية تمثل لُقى تعود إلى حقب زمنية مختلفة ومتدرجة في القدم وصولا إلى العصر الحديث، مع معرض صور لبعض المواقع الأثرية المسجلة على لائحة التراث العالمي في اليونسكو، مشيرة إلى أن هذا المعرض القيم يبين صلة الوصل بين الحضارات التي تتالت على سوريا وعلى الأرض العُمانية، وخاصة في ظل الروابط القوية التي تجمع بين الشعبين ثقافيًّا وحضاريًّا وتجاريًّا.
و في تصريح لوكالة الأنباء العمانية قال سعادة جمال بن حسن الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني إلى أن معرض “إضاءات من عُمان” في حلب، يُعد أول معرض متحفي يقام بمتحف حلب الوطني من خارج الجمهورية العربية السورية، ويأتي في سياق مبادرة المتحف الوطني بسلطنة عُمان بعد النجاح الذي حققه بمتحف دمشق الوطني الذي تم تدشينه العام الماضي بتاريخ 1 نوفمبر 2021م، ويأتي تدشين المعرض مكملا لمسيرة التعاون المشترك في المجال الثقافي والمتحفي بين البلدين الشقيقين، وهي فرصة لتعريف المتلقي السوري بالحضارة العُمانية وإبراز القواسم المشتركة التي جمعت البلدين منذ العصر الحديدي متمثلًا في مسالك اللبان التي امتدت من ظفار إلى تدمر وبصرى وحلب وغيرها من حواضر الشام وصولًا إلى بيزنطة، وإلى قيام الحضارة الإسلامية التي استظلت بها عُمان وسوريا لتقدما نماذج حضارية متميزة خاصة بهما، وصولًا للعلاقات الثنائية المتميزة في وقتنا الحالي”.
يضم المعرض لُقى أثرية عُمانية يبلغ عددها قُرابة (32) قطعة وهو يركز على محطات بارزة في تاريخ عُمان عبر العصور منذ بزوغ فجر حضارة مجان في الألفية الثالثة قبل الميلاد التي اشتهرت بصهر النحاس، وبناء السفن العابرة للبحار، مرورًا بحضارة الواحات في العصر الحديدي التي ظهرت خلالها براعة الهندسة العُمانية من خلال شق منظومات الري، أو الأفلاج، لتزدهر معها الأنماط الزراعية و أرض اللبان، التي أصبحت ملتقى للتجار من حضارات ما بين النهرين ووادي السند، ومصر الفرعونية، لتمتد لاحقًا إلى الشام ومنها إلى بيزنطة، وصولًا إلى إسلام أهل عُمان خلال العهد النبوي الشريف.
ويزخر المعرض بالتنوع الثقافي، وتعد الصناعات الحرفية العُمانية تجسيدًا ملموسًا للماضي والحاضر وتوثيقًا لمختلف أنماط الحياة المعبرة عن القيم الثقافية ككرم الضيافة والجود، ويحتوي هذا المعرض على مجموعة مختارة من الأزياء التقليدية والحُلي، وغيرها من الصناعات الحرفية التي تلبي الحاجات الأساسية اليومية .
/العُمانية /فانا