الدوحة في 23 نوفمبر /قنا/ أكد بنك قطر الوطني “QNB” أن التوقعات الأكثر إيجابية حول أداء الاقتصاد الكلي العالمي من شأنها أن توفر بعض الدعم لتزايد تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، على أن يكون ذلك مرهونا باستمرار تيسير السياسة النقدية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، وارتفاع معدلات النمو في الصين، وتحسن الأوضاع المحلية في معظم الأسواق الناشئة الرئيسية.
واعتبر بنك قطر الوطني “QNB” في تقريره الأسبوعي أن العام الحالي إيجابيا بالنسبة لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، على الرغم من التقلبات المستمرة، وهو أمر متوقع بالنظر إلى دورة التيسير العالمية بقيادة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، فضلا عن تدابير التحفيز الاقتصادي الضخمة التي أعلنتها الصين في سبتمبر.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأوضاع الداعمة ظهرت بعد عدة أرباع من البيئة الصعبة التي أعقبت التشديد النقدي القوي في الاقتصادات المتقدمة الكبرى عام 2022.
وأكد التقرير أن الأرضية الأكثر إيجابية على مستوى الاقتصاد الكلي العالمي تدفع رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة.
ووفقا لمعهد التمويل الدولي، شهدت تدفقات محافظ غير المقيمين إلى الأسواق الناشئة، والتي تمثل مخصصات المستثمرين الأجانب في الأصول العامة المحلية، تحولا كبيرا من المنطقة السلبية إلى المنطقة الإيجابية في أواخر عام 2023.
وقال التقرير إن هذه التدفقات أدت إلى صعود انعكس في الارتفاع القوي للعوائد عبر مختلف فئات أصول الأسواق الناشئة بعد أن بلغت أدنى مستوياتها في أكتوبر 2023، بما في ذلك مكاسب بنسبة 20.2 بالمائة في الأسهم “مؤشر MSCI للأسواق الناشئة” وبنسبة 19.6 بالمائة في السندات “مؤشر جي بي مورغان العالمي لسندات الأسواق الناشئة”.
وأرجع التقرير توقعاته بزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة إلى ثلاثة عوامل رئيسية تدعم التوقعات بشأن تزايد تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، وتتمثل في التيسير المستمر للسياسات النقدية من قبل البنوك المركزية الكبرى، والتغيير الإيجابي في العوامل الدافعة الرئيسية المتأتية من الصين، والتحسن العام في اختلالات الاقتصاد الكلي في الأسواق الناشئة، فضلا عن مصداقية سياساتها.
وفي العنصر الأول رأى أن تؤدي التغيرات في أسعار الفائدة عبر الاقتصادات المتقدمة إلى تفضيل الاستثمارات في الأسواق الناشئة، مع زيادة دورة التيسير من قبل البنوك المركزية الكبرى خلال الأرباع القليلة المقبلة، على الرغم من المخاوف بشأن انتشار الشعبوية المالية على مستوى العالم.
وتوقع في الواقع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في العام المقبل، في حين من المرجح أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس خلال نفس الفترة.
وقال التقرير إنه تقليديا، تعد أسعار الفائدة محركا رئيسيا لتدفقات رؤوس الأموال، حيث يسعى المستثمرون إلى تخصيص مواردهم للأصول ذات العائدات المرتفعة المعدلة حسب المخاطر. ومن ثم، فإن انخفاض العائدات الاسمية القياسية في الولايات المتحدة وأوروبا يدفع المستثمرين إلى تخصيص أموالهم لاستثمارات تنطوي على مخاطر أكبر، مثل الأصول الموجودة في الأسواق الناشئة.
العنصر الثاني الذي تناوله تقرير “QNB” أرجعه إلى قرار السلطات الاقتصادية الصينية بشأن اتخاذ إجراءات أكثر شمولا لدعم النمو وأسواق الأصول المحلية بمثابة رياح مواتية مستمرة لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة خلال الأرباع القليلة القادمة. وهذا أمر أساسي لدفع المزيد من تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، حيث تعد الصين أكبر مكون في مؤشرات الأسواق الناشئة الرئيسية، مثل مؤشر MSCI للأسواق الناشئة.
وأضاف التقرير: بعد التحفيز الهائل الذي شمل التدابير المالية والنقدية والتنظيمية، قدمت الحكومة الصينية إشارات إضافية بأنها على استعداد لاتخاذ المزيد من الإجراءات إذا لزم الأمر لتحقيق النمو والاستقرار المالي. ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى إحياء “حيوية” المستثمرين الصينيين المحليين وجذب المستثمرين الأجانب الذين لا يستثمرون بكثافة في أسواق الأسهم والدخل الثابت الصينية.
العنصر الثالث والأخير الذي أورده التقرير تعلق بأسس الاقتصاد الكلي التي أصبحت أقوى حاليا في معظم الأسواق الناشئة، فقد تراكمت لدى العديد من الاقتصادات المتقدمة اختلالات حادة بسبب سياسات التحفيز المفرط في أعقاب الجائحة والصراع الروسي الأوكراني، مما أدى إلى مشاكل مثل ارتفاع الدين العام وعدم استقرار التضخم. وعلى النقيض من ذلك، كانت معظم بلدان الأسواق الناشئة متحفظة في سياساتها المالية للحيلولة دون تراكم الديون بشكل مفرط أو تزايد نقاط الضعف الخارجية. ونتيجة لهذا، اكتسبت العديد من بلدان الأسواق الناشئة مصداقية سياسية، وهو ما يزيد من جاذبية أسواقها.