الرياض 15 ربيع الأول 1446 هـ الموافق 18 سبتمبر 2024 م واس
أظهرت هيئة التراث نتائج دراسة علمية حديثة نشرتها في مجلة The Holocene ضمن “مشروع الجزيرة العربية الخضراء” الذي يُعنى بدراسة تاريخ توسّع وانتشار الإنسان في شبه الجزيرة العربية خلال العصور الحجرية القديمة، حيث تعتمد الدراسة على التحليل المكاني الدقيق من خلال الإحصائيات المكانية، وذلك وفقاً لأعمال المسح والتنقيب الأثري التي تمت خلال العالم 2021 في مواقع الدراسة؛ للكشف عن الأسباب التي دفعت سكان العصر الحجري الحديث في شمال غربي الجزيرة العربية إلى اختيار مواقع “المستطيلات الحجرية” في منطقة حائل لاستيطانها، بالشراكة مع العديد من الجهات المحلية والدولية المختلفة.
وأجرت هيئة التراث هذه الدراسة بالتعاون مع عدد من الجهات المحلية والدولية، وهي: معهد ماكس بلانك الألماني لدعم العلوم، وجامعة توبنجن الألمانية، وجامعة كولونيا الألمانية، إضافة إلى كلية كينجز البريطانية، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وجامعة الملك سعود، وجامعة جريفيث الأسترالية، وجامعة كوينزلاند الأسترالية، بالإضافة إلى معهد سميثسونيان الأمريكي، وجامعة مالطا.
وتُعد “المستطيلات الحجرية” منشآت أثرية ضخمة تعود إلى ما بين 5400 و4200 سنة قبل الميلاد، حيث تقع على مشارف صحراء النفود في قمم التلال، بارتفاعات تصل إلى 880م وحتى 950م فوق سطح البحر، وذلك يعطيها إطلالات واسعة على المشاهد الطبيعية المحيطة، مما يشير إلى أن اختيار مواقع هذه المنشآت لم يكن عشوائياً، بالإضافة إلى دلالة قربها من مصادر المياه، والمواد الخام.
وتعرف “المستطيلات الحجرية” بأنها هياكل أثرية ضخمة تم تخطيطها بشكل مستطيل ومنه أخذت التسمية، وتضم هذه المنشآت غرفاً منظمة، وقد تم تصنيفها إلى ثلاثة أقسام: المصائد الحيوانية، والمستطيلات الضخمة، والمدافن التي تعود لأعمار وأشكال هندسية متنوعة ، استخدمت سابقاً في ممارسة الطقوس الدينية.
وأظهرت الدراسة وجود 169 مستطيلاً على مساحة تقدر قرابة 44 ألف كيلومتر مربع، بدءاً من شرق محافظة تيماء وصولاً إلى جبال أجا ، حتى شمال مركز جبة بمنطقة حائل.
وقد تم تحليل هذه المنشآت باستخدام مادة (C14) التي تزودنا بشكل دقيق عن زمن إنشائها الذي يعود تقريباً إلى 7000 سنة مضت. وشملت جهود المسح، والحصر، والتوثيق استخدام خلالها تقنيات حديثة مثل تحليل الصور الفضائية، بالإضافة إلى الزيارات الميدانية وأعمال التنقيب في مواقع المستطيلات الحجرية.
وكشفت الدراسة عن وجود مجموعات متفرقة ومهمة من تلك “المستطيلات الحجرية”، مما يشير إلى وجود أنماط محددة لتنقل الشعوب وترحالها خلال تلك الفترة الزمنية، كما وضّحت الدراسة أن حجم وانتشار هذه “المستطيلات” يشير إلى استخدامها لأغراض متنوعة، منها الطقوس والشعائر الدينية، وممارسة العادات الاجتماعية، إضافة إلى استعمالها كعلامات استحواذ على الأراضي.
وتؤكّد الدراسات التجريبية أن بناء هذه “المستطيلات الحجرية” ليس في غاية الصعوبة، حيث يمكن لعدد قليل من الأشخاص بناء مستطيل بطول 177 متراً في غضون أسابيع قليلة، أما بالنسبة للمستطيلات ذات الحجم الأكبر، فكانت تستغرق شهوراً لبنائها، ولكنها كانت تنجز في وقت أقصر إذا ما تعاون أفراد المجتمعات معاً، وذلك نظراً لتقاربها، وانتشارها الواسع، مما يعكس مهارات التنظيم والتعاون التي كانت سائدة في تلك المجتمعات.
وأشارت هيئة التراث إلى أن هذه النتائج تقدم سياقاً جديداً حول “المستطيلات الحجرية”، موضحة بأن تطبيق هذا النوع من التحليل المكاني يمكن أن يقود إلى توثيق أنواع أخرى من المنشآت الحجرية، وذلك في سبيل تقديم فهم أعمق حول تنظيم وإنشاء مجتمعات العصر الحجري الحديث في شمال غربي المملكة العربية السعودية.
// انتهى //
20:03 ت مـ
0169