حج / جازان.. أطلالٌ تاريخيةٌ تحكي عن دروب قوافل الحجيج نحو بيت الله العتيق

جيزان 18 ذو القعدة 1446 هـ الموافق 16 مايو 2025 م واس
تميَّزت منطقة جازان بموقعها الإستراتيجي المهم الذي يتوسط اليمن والحجاز، مما جعلها نقطة التقاء وحلقة وصلٍ بين القوافل التجارية القادمة من شمال غرب الجزيرة العربية إلى جنوبها الغربي والعكس، وشكّل موقعها المتميز وما يحتويه من ثروات عوامل جذبت السكان إليها لاستيطانها وبناء المدن والموانئ.
وارتبطت المنطقة منذ القدم، بطريق الحج الذي يربط قوافل الحجاج من جنوب الجزيرة العربية بمكة المكرمة، وكان يسلكه الحجاج القادمون من “عمان، واليمن، والحبشة”، ومن أتى عن طريق جنوب الجزيرة العربية وموانئها، وذلك عبر ثلاثة طرق تاريخية للتجارة والحج على السواء، طريق الساحلية، وطريق تهامية محاذية للأولى، وطريق ثالثة تُعرف بالجادة السلطانية.
وأوضح الباحث والمتخصص في الآثار الدكتور فيصل طميحي، أن تلك الطرق كانت تمثّل عصب الحياة الاقتصادية في العصور المبكرة، بسبب ارتيادها لنقل البضائع التجارية، وكذلك ارتباطها بارتياد الناس لها لأداء فريضة الحج، فوجدت عناية دائمة من قبل الحكام والسلاطين من خلال بناء وإقامة المنشآت المعمارية الضرورية وحفر الآبار، التي تسهم في تيسير قضاء الناس حوائجهم سواءً للحج أو لممارسة التجارة.
واستعرض الدكتور طميحي، محطات طرق الحجاج في منطقة جازان، ابتداءً من أول مرحلة تمر بمنطقة جازان وفق الترتيب القادم من الجنوب إلى الشمال، ابتداءً من تَعْشَر، ثم الخصوف، والمبنى، ورِياح، إلى جيزان والهجْر وعثَر، وهي آخر مراحل طريق الجادة السلطانية، حيث تلتقي الجادة السلطانية بالطريق الساحلية، فتبدأ الطريق الساحلية المتجه نحو الشمال من عثر إلى بيش ثم بيْض، وهي آخر مرحلة ذكرتها المصادر التاريخية من مراحل طرق الحاج المارّة بمنطقة جازان.
ويمر طريق الحج الآخر “الطريق الساحلي” بالأراضي الساحلية للبحر الأحمر بما فيها ساحل منطقة جازان، حيث يبدأ من “عدن”، ثم يصل إلى مدينة “الشرجة” في منطقة جازان، فتقف عندها القوافل للراحة والزاد، لتكمل طريقها بعد ذلك إلى “المفْجِر”، ثم إلى “القُنيدرة”، ثم مدينة “عثر”، حيث تلتقي بطريق الجادة السلطانية.
وأشار إلى العديد من المعالم الأثرية الواقعة على مسارات طرق الحج بمنطقة جازان، ومنها موقع الخصوف “مهد الحصون” وهو أطلال أثرية تقع على أطراف حرة بركانية ترتفع قليلًا عن مجرى وادي “خُلَب” وتطل على ضفته من الناحية الجنوبية وتبعد بنحو 14 كيلومترًا، جنوبي شرق مدينة أحد المسارحة، وموقع “الكِرْس الأحمر” الذي يقع على الضفة الجنوبية لوادي “خُلَب” في أطراف قرية “الدغارير” التي تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة أحد المسارحة، بنحو 5 كيلومترات، وهو عبارة عن مجموعة من التلال الأثرية المتقاربة بعضها من بعض وتتناثر على سطحها بقايا من الآجر الأحمر وكِسَرٍ متنوعة من الفخار، وكذلك موقع “جازان العُلْيا” وهو موقع أثري يقع في بقعة من الحرات البركانية، على الحافة الجنوبية لوادي جازان، وإلى الشمال الشرقي من مدينة أبوعَريش بنحو 8 كيلومترات، إلى جانب موقع “عثر” التاريخي الذي يضم أطلالًا لمدينة ازدهرت في القرون الإسلامية الأربعة الأولى.
// انتهى //
12:57 ت مـ
0041