الدوحة في 14 سبتمبر/قنا/ قال سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حافظت على الاستقرار المالي والنقدي في المنطقة.
جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة النقاشية الأولى لأصحاب السعادة محافظي البنوك المركزية الخليجية تحت عنوان “تأثير سياسة سعر الصرف على الاستقرار المالي والنقدي في دول المجلس”، مشيرا إلى أن سياسة سعر الصرف الثابت هي الأنجح لدول التعاون.
وأضاف سعادة محافظ مصرف قطر المركزي في مستهل الجلسة ضمن فعاليات النسخة الأولى من المؤتمر السنوي الأول لتفعيل العمل الخليجي المشترك في مجال لجنة محافظي البنوك المركزية بدول المجلس الذي استضافته دولة قطر مؤخرا، أن “كل دولة تتخذ سياسة معينة تخص عملتها الوطنية، حيث تشكل أساس اقتصاد كل دولة، لذلك فإن لكل دولة طبيعتها الاقتصادية الخاصة التي تحدد سياسة الصرف المنتهجة”، لافتا إلى أن معظم دول الخليج انتهجت سياسة سعر الصرف الثابت حيث أثبتت نجاحها، وهو ما تعكسه الفوائد المحققة، حيث أدت إلى الاستقرار المالي والنقدي.
وأشار إلى أن اتباع هذه السياسة جذب رؤوس الأموال الأجنبية وحافظ على رؤوس الأموال المحلية، وخفف من حدة تقلبات أسعار المواد المستوردة ومن التضخم إلى جانب تقليل تكلفة المشاريع الكبرى.
وأكد سعادته أنه وبالنظر إلى ما تحقق من فوائد عديدة بفضل سياسة الصرف الحالية، ومقارنتها بالتحديات المتمثلة في عدم استقلالية السياسة النقدية، فإن الفوائد أكبر بكثير من التحديات التي يمكن مواجهتها، وأن اقتصادات المنطقة تحتاج إلى نقل المعرفة فيما يخص الإنشاءات والتكنولوجيا، وكل هذه الأمور تحتاج إلى سياسات تساهم في تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وتجذب رؤوس الأموال إلى دول المنطقة، وقد ساهمت سياسة سعر الصرف الحالية في جذب الاستثمارات وتحقيق التنوع الاقتصادي كما حد تثبيت سعر الصرف من تقلبات العملة والمخاطر المصاحبة لذلك.
وبين سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني أن اتخاذ سياسة سعر صرف محددة يكون بعد دراسة معمقة للهيكل الاقتصادي للدول ولبنيته التحتية مع تقييم الفوائد التي ستجنيها هذه السياسة، وبالتالي بعد الاطلاع على كل هذه المعطيات اتضح أن سياسة سعر الصرف الثابت هي الأنجح لدول الخليج، مشددا على أن تبني سياسة سعر صرف أخرى يحتاج إلى تغيير في الهيكل الاقتصادي وهو ما يتطلب سنوات وعقودا ولا يحدث بين يوم وليلة، ومنوها إلى إشادة صندوق النقد الدولي، بنجاح سياسة الصرف الحالية.
كما تطرق سعادته إلى نجاح دول الخليج في المحافظة على تضخم معتدل، وأن دول العالم شهدت على امتداد العامين الماضيين ارتفاع التضخم حيث وصل إلى 9 و10 بالمئة، بينما كانت على مستوى دول الخليج في حدود 5 و6 بالمئة، مؤكدا على نجاعة السياسة النقدية المتبعة في تخفيض مستويات التضخم.
من جهته، قال سعادة السيد أيمن السياري محافظ البنك المركزي السعودي: “إن السياسة النقدية تعد من السياسات الاقتصادية المهمة التي تعنى بالحفاظ على الاستقرار النقدي ويعتمد مستهدفها على الهيكل الاقتصادي وخصائصه”.
وأوضح سعادته أن صادرات الطاقة ومشتقاتها تمثل ما يقارب 70 بالمئة من الصادرات السلعية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتم تسعير هذه السلع بالإضافة إلى الواردات بالدولار الأمريكي، منوها إلى أن الإحصاءات تشير إلى أن غالبية التعاملات في التجارة العالمية يتم تسويتها بالدولار الأمريكي، وعليه فإن تثبيت سعر الصرف يساهم في الحد من تقلبات العملة وبالتالي الحد من الضغوط التضخمية المستوردة.
كما أشار إلى الدور الذي تمارسه سياسة سعر الصرف الثابت والاستقرار النقدي في دعم التنوع الاقتصادي، من خلال مساهمتها في دعم القدرة على التخطيط المالي ورسم سياسات اقتصادية على المدى الطويل، مما يدعم اتخاذ القرارات الاستثمارية المناسبة ويرفع جاذبية الاقتصاد للاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى دعم القطاعات الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد على استيراد السلع الوسيطة والرأسمالية والتي تعد مدخلات مهمة في العملية الإنتاجية للاقتصاد.
وأوضح سعادته أن الحفاظ على الاستقرار النقدي خلال العقود الماضية عزز من مصداقية البنوك المركزية الخليجية، وانعكس ذلك في القدرة على الحفاظ على هوامش أسعار فائدة منخفضة مقارنة بالعديد من الأسواق الناشئة الأخرى، مؤكدا أن البنوك المركزية الخليجية أثبتت نجاحها خلال جائحة كوفيد-19 في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي ودعم قدرة القطاع الخاص على الحصول على الائتمان، الأمر الذي ساهم في دعم الاقتصاد الوطني خلال الجائحة.
وأشاد سعادته بنمو اقتصاد المنطقة المسجل بين عامي 2000 و2023، حيث نما متوسط الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي بنحو 4 بالمئة، مقارنة باقتصادات الدول المتقدمة التي بلغ النمو فيها لذات الفترة 1.8 بالمئة، مع الحفاظ على معدلات تضخم مستقرة في دول مجلس التعاون الخليجي بحدود 2 بالمئة. كما أشار إلى نمو متوسط الأنشطة غير النفطية في العامين الماضيين بنحو 5 بالمئة في المملكة والائتمان المصرفي بنحو 11 بالمئة مع الحفاظ على مستويات تضخم مستقرة.
وأكد سعادة محافظ البنك المركزي السعودي أن الاستقرار النقدي يعد أهم أهداف البنك المركزي وساهم تحقيقه في الحد من الضغوط التضخمية ودعم النمو الاقتصادي.
بدوره، قال سعادة السيد طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني: “إن سعر الصرف متنوع ومن ضمنه تثبيت سعر الصرف أو ربطه بعملة معينة لأسباب اقتصادية بحتة”، مشيدا بما حققته اقتصادات دول الخليج العربية من مكاسب متنوعة.
وأضاف أن “اقتصادات المنطقة تعتبر من أكبر الاقتصادات مجتمعة ومهمة في الاقتصاد العالمي، وبالتالي طبيعتها تستدعي إيجاد سعر صرف مناسب لتحقيق الأهداف والغايات التي تسعى إليها دول المنطقة، وتاريخيا أثبت سعر الصرف الثابت فعاليته، حيث يوفر بيئة مناسبة جدا لجذب الاستثمارات، وبالتالي فإن الربط مفيد لاقتصاد المنطقة”،
وأردف قوله: “وجدنا في التاريخ السابق واللاحق أن ربط العملة سياسة مفيدة لاقتصاد المنطقة، وأن تكامل السياستين المالية والنقدية في دول الخليج العربية يحقق الاستقرار، وإذا كانت هناك سياسة مالية تحافظ على أسعار السلع والخدمات الأساسية دون استقرار سعر الصرف “السياسة النقدية”، فإن هذه السياسات لن يكون لها أثر كبير، فالتكامل مهم بين مختلف السياسات”.
وقال سعادة الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني “إن العالم يخرج من موقف عالمي يطغى عليه التضخم العالمي بينما يسجل التضخم في منطقة الخليج العربي أقل مستوى عالمي، حتى مقارنة بالدول التي ترتبط بها العملات والتي سجلت معدلات تضخم عالية، موضحا إن كان سعر الصرف المرن قد يجلب التضخم بالتالي لن يكون مجديا لاقتصاد المنطقة، وإن اتباع سياسة الصرف الحالية بنيت على دراسات حيث تم النظر إلى السياسة الأنسب للاقتصاد”.
وفي السياق ذاته، قال سعادة السيد خالد إبراهيم حميدان محافظ مصرف البحرين المركزي: “إن تثبيت سعر الصرف فيه فوائد كثيرة من أبرزها تحقيق مستويات نمو أعلى، وتسجل متوسط تضخم أقل، مقابل استقطاب وجذب استثمارات أكبر”،
وأضاف أن الأربعين عاما الماضية سجلت فيها دول الخليج العربي نسبة ومعدل نمو عالية مقارنة بباقي دول العالم، حيث نما اقتصاد الخليج العربي بوتيرة أسرع وبنسبة تقدر بنحو 15 بالمئة مقارنة بدول العالم، كما أن متوسط نسبة التضخم في دول المنطقة يقدر بنحو 2 بالمئة مقارنة بباقي دول العالم، حيث يبلغ المتوسط في بقية العالم 5.1 بالمئة.
ولفت إلى أنه من ناحية أخرى استقطبت المنطقة استثمارات أجنبية مباشرة مرتفعة، حيث شهدت دول الخليج العربية استقطاب الاستثمارات الأجنبية بنمو نسبته 5.5 بالمئة سنويا مقارنة بباقي دول العالم التي سجلت نسبة نمو بنحو 3.1 بالمئة.