إصدار في 3 أجزاء يتناول “قريات” وذاكرتها الإنسانية والثقافية

مسقط في 11
نوفمبر /العُمانية/ صدر للكاتب صالح بن سليمان الفارسي إصدار جديد في 3 أجزاء
بعنوان “قريات.. المكان وآثار الإنسان”في إطار عمل توثيقي ضمن
مشروع الكاتب الثقافي في حفظ الذاكرة المكانية للولاية.ضم الكتاب مقدمة و9 فصول تناولت ملامح الجغرافيا الطبيعية والبشرية في قريات، وتوثيق أسماء القرى والبلدان والمعالم الزراعية والبحرية، والفنون والنقوش الصخرية القديمة والعمارة التراثية، مع تسليط الضوء على الأودية والهضاب والشعاب والمواقع التاريخية التي شكلت حقيقة الحياة في ولاية قريات، مع الجمع بين المعرفة جغرافيا والتحليل اللغوي والحفاظ على البعدين الاجتماعي والثقافي.ويقترب الإصدار من الملامح الطبيعية والإنسانية لولاية قريات، ويوثق ملامحها
الطبيعية والإنسانية، كما يأتي ليكون أكثر عمقًا واتساعًا، جامعًا بين التوثيق
الجغرافي والقراءة التاريخية والبيان اللغوي والبيئي، لإيجاد قراءة للمكان
بوصفه موضعًا نابضًا بالحياة والهوية.

ويشير المؤلف في
مقدمته إلى ولاية قريات التي تتميز بموقعها الجغرافي المميز وتاريخها العريق
وبيئتها الطبيعية الثرية والمتنوعة، ما جعلها نقطة التقاء للمفردات الاجتماعية
التي أسهمت في رقي الحياة واستدامتها.

ووضح أن القرى
والجبال والوديان والسهول في ولاية قريات تشكل ثراءً بيئيًّا وثقافيًّا متفردًا،
يعكس تفاعل الإنسان مع المكان منذ أمد بعيد، ويجسد وعيه بالجغرافيا والطبيعة
وهويته الثقافية.

وذهب الكاتب من
خلال إصداره التوثيقي إلى التركيز على أسماء المواضع الجغرافية في ولاية قريات وما
يوجده ذلك من دلالات ثقافية وتاريخية ولغوية كونها تحمل في طياتها إشارات
طبوغرافية دقيقة وتعبيرات تواكب الخصائص البيئية المحيطة، ويتجسد ذلك في “جبل
الأسود” و”وادي ضيقة” مرورا بـ”خور الملح” و”جبة
العيد”، ما يجعل الصورة الجغرافية والإنسانية في حالة تجل للولاية، حيث تصف
هذه الأسماء شكل الأرض وألوانها وطبيعتها واستخداماتها.

وذهب المؤلف إلى
تقديم قراءة لبعض الأسماء التي ترتبط بالنباتات والحيوانات والطيور التي تزخر بها
الولاية، مثل “جبل السعتري” و”جبل البومة” و”وادي
غزالة”، بينما تحمل أخرى أسماء أشخاص وقبائل، مثل “مسجد السعيدي”
و”مقام الشيخ فرج”، مرورا بأسماء ذات دلالات دينية أو تاريخية مثل
“مصلى العيد” و”وقف عرفة”.

ووصف الكاتب
تكرار وتشابه بعض الأسماء في ولايات أخرى أو حتى بلدان عربية، فيعود ذلك أيضا إلى
تشابه الملامح الجغرافية أو انتقال السكان وتسميتهم للأمكنة الجديدة بأسماء
أوطانهم الأولى وفق تعبيره، في دلالة واضحة على التواصل الحضاري والروابط
الإنسانية القديمة.

وأشار المؤلف
الفارسي إلى أهمية الحفاظ على مثل هذه الأسماء والمعالم الجغرافية والتاريخية
كونها وثائق حضارية وجغرافية ذات نتاج فكري، كما أنها تشكل تراكمًا فكريًّا
ومعرفيًّا صنعه الإنسان في عُمان عبر عصور مضت، وهي أيضا جزء من الهوية الثقافية
الوطنية التي يجب الاعتناء بها والحفاظ عليها من الاندثار، خاصة في ظل التحولات
والتوسع العمراني الحديث الذي امتد ليكون أكثر قربًا من الملامح الأثرية
والتراثية. ويشير إلى أن المكان هو النواة الأولى للحياة والاستقرار لأي تجمع
بشري، حيث تتوافق فيه العلاقة بين البيئة والإنسان وبيئته كونه وعاء للذاكرة
والتاريخ.

وبالوصف المنهجي
التاريخي أخرج المؤلف هذا العمل مستندًا إلى رحلات ميدانية قام بها في الأودية
والجبال، سجّل فيها ملحوظاته ومشاهداته حول البيئة الاجتماعية والطبيعية،
بالإضافة إلى مقابلاته مع كبار السن الذين حفظوا أسماء الأمكنة وتاريخها، مدعمًا
ذلك بما ورد في كتب الرحالة والجغرافيين الذين قاموا بزيارة الولاية وأشادوا
بطبيعتها الجميلة وتنوع تراثها الغني.

ويرى المؤلف
الفارسي أن هذا العمل هو رحلة من أجل المعرفة نابعة من الانتماء للمكان وسعي
لتوثيق الذاكرة لدى الإنسان في سلطنة عُمان وعلاقته بأرضه ومجتمعه مع الحفاظ على
إرث الأجداد، وترسيخ وعي الأجيال القادمة بقيمة المكان والهوية.

/العُمانية/

خميس الصلتي