رأس الخيمة في 22 نوفمبر/ وام/ تجسد دولة الإمارات نموذجا حضاريا ملهما قائما على تحقيق التوازن بين الأصالة والحداثة ترجمة لرؤية قيادتها الرشيدة في بناء دولة تحافظ على جذورها، وتؤمن بأن التقدم الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال تكامل القيم مع التطور.
وتعد التجربة التنموية في دولة الإمارات من أبرز التجارب العالمية القائمة على الجمع ما بين الأصالة المتجذّرة في القيم والهوية الوطنية، والحداثة المنفتحة على العالم، الأمر الذي ظهر جليا من خلال فعاليات كبرى مثل إكسبو 2020 دبي، ووجود صروح حضارية وثقافية وعمرانية مثل متحف اللوفر أبوظبي، وبرج خليفة، ودبي أوبرا، إلى جانب المهرجانات التراثية والثقافية، والمشاريع التعليمية والثقافية العالمية، والمبادرات الاجتماعية والثقافية الحديثة.
وفي هذا السياق، أكدت فاطمة المزروعي كاتبة وأديبة إماراتية ورئيس قسم الأرشيفات التاريخية في الأرشيف والمكتبة الوطنية، أن دولة الإمارات تضع ترسيخ الانتماء والاعتزاز بالتراث، وصون القيم والعادات الأصيلة في صميم استراتيجياتها التنموية، ومنها الاستراتيجية الوطنية للهوية الوطنية 2023–2031، والاستراتيجية الثقافية لدولة الإمارات 2031، اللتان تجسّدان رؤية الدولة في جعل الثقافة والهوية الإماراتية عنصرًا فاعلًا في مسيرة التنمية المستدامة.
ونوّهت إلى حرص دولة الإمارات على دمج مفاهيم الهوية الوطنية في المناهج التعليمية، بما يُسهم في تعزيز ارتباط الأجيال الجديدة بتاريخها وقيمها الأصيلة، وترسيخ الانتماء الوطني في نفوس الطلبة منذ المراحل الدراسية الأولى.
وقالت المزروعي، إن مبادراتٍ مثل “عام المجتمع” و”عام التراث” و”عام الاستدامة” تعكس رؤية دولة الإمارات في بناء مجتمعٍ متوازنٍ ومتماسكٍ، يعتزّ بماضيه، ويستشرف مستقبله بثقة، ويجعل من الأصالة ركيزةً للحداثة، ومن التراث منطلقًا للإبداع.
وأشارت إلى المبادراتٍ المجتمعية مثل “عام القراءة” و”عام التسامح” و”عام المجتمع”، الهادفة إلى ترسيخ منظومة القيم الوطنية ضمن رؤية حضارية متجددة تعزّز مكانة الإنسان في صميم التنمية المستدامة.
وأضافت أن تمكين المرأة الإماراتية شكّل أحد أبرز معالم التوازن بين الأصالة والحداثة، إذ نجحت الدولة في منح المرأة أدوارًا قيادية في مختلف المجالات، مع الحفاظ على مكانتها الاجتماعية والثقافية الأصيلة التي تُجسّد قيم المجتمع الإماراتي وهويته المتفرّدة.
وأوضحت أن الموازنة بين الحداثة والتقليد فن صعب لا يتقنه إلا المجتمع الواعي الذي يدرك أن التقدّم لا يعني التخلي عن الأصالة، وأن التمسّك بالماضي لا يعني رفض الحاضر، بل يجسّد وعيًا حضاريًا يوازن بين الجذور الراسخة والتطلعات المستقبلية.
وقالت المزروعي إن الحكمة تكمُن في الانتقاء الواعي من مظاهر الحداثة، وذلك عبر الأخذ بما ينفع الإنسان ويُسهم في تطوير حياته، مثل العلوم الحديثة والتكنولوجيا وأساليب التعليم المتقدمة والانفتاح الثقافي البنّاء، باعتبارها أدواتٍ تُعين على الارتقاء وبناء مستقبلٍ مزدهرٍ ومستدام.
وأضافت أن الهوية الإماراتية كانت دائمًا منفتحة على الآخر دون أن تفقد أصالتها، ولهذا نجد أن المجتمع الإماراتي مجتمع عالمي يحتضن أكثر من 200 جنسية تعيش بسلام وتسامح على أرض واحدة، في ظل قوانين تحافظ على الحقوق وتضمن الاحترام المتبادل.
بدوره قال حمدان العامري، خبير في التنمية المهنية والاجتماعية، إن الإمارات تمثل اليوم نموذجًا فريدًا في قدرتها على الجمع بين عمق الجذور وقوة الطموح، فالحداثة ليست تقليدًا، بل تطوير لأسلوب حياة إماراتي أصيل يواكب المستقبل دون أن يفقد هويته، وهذا ما نلمسه في السياسات التي تحافظ على اللغة العربية والهوية الوطنية والزي التقليدي، إلى جانب الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والفضاء والتعليم والطاقة النظيفة.
وأضاف، أن الإمارات شهدت في السنوات الأخيرة نقلة نوعية في مجالات متنوعة، منها التعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية، وبات المجتمع الإماراتي يستثمر في أدوات العصر الحديث بهدف تنمية الوطن وتعزيز قدرته التنافسية على الساحتين المحلية والدولية.
وأكّد العامري سعي الإمارات جاهدة للحفاظ على أصالتها وسط زخم الحداثة والتطور الحضاري، محققة بذلك توازنًا يثير الإعجاب بين التمسك بالتراث والانفتاح على العالم المتجدد.
وشدد على أن هذا التوازن يُجسّد الرؤية الإماراتية الفريدة، حيث يحتضن المجتمع الإماراتي القيم العريقة، ويستفيد من التطورات التكنولوجية والاجتماعية لتعزيز مسيرة التنمية المستدامة، في ظل التغيرات الجوهرية والمتسارعة التي يشهدها العالم الحديث.
وأوضح أن الهوية الحديثة في الإمارات تدمج بين المظهر العصري المنفتح والقيم المحلية الراسخة، بما يعكس قدرة الدولة على التوازن بين الحداثة والأصالة.
شي