“التغير المناخي والبيئة” تنظم النسخة الأولى من “ملتقى الأمن البيولوجي”

دبي في 9 ديسمبر /وام/ افتتحت معالي الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، أعمال النسخة الأولى من “ملتقى الأمن البيولوجي”، الذي تنظمه الوزارة بمشاركة واسعة من القيادات الحكومية، والخبراء الدوليين، والأكاديميين، وممثلي القطاع الخاص، بهدف توحيد الجهود الوطنية لتعزيز منظومة الأمن البيولوجي، وترسيخ الجاهزية لاستباق التحديات المستقبلية.

ويأتي هذا الملتقى في إطار الرؤية الإستراتيجية لدولة الإمارات، الرامية إلى بناء منظومة أمن بيولوجي متكاملة ومستدامة، تهدف إلى تحصين المكتسبات التنموية وضمان أعلى معايير الوقاية والسلامة للمجتمع والقطاعات الحيوية، وهو ما عكسته مناقشات الملتقى التي ركزت على محاور مفصلية لخدمة هذه الرؤية، بدءاً من دور التشريعات والسياسات الوطنية كخط دفاع أول، مروراً بتسليط الضوء على نهج الصحة الواحدة الذي يعد من أهم المُمَكِّنات للوصول لأمن بيولوجي مستدام، وكذلك توظيف حلول الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في الرصد المبكر، وصولاً إلى تعزيز الجاهزية المستقبلية عبر النمذجة الرقمية ووضع سيناريوهات محاكاة تدعم جهود الاستباقية.

وأكدت معالي الدكتورة آمنة بنت عبد الله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، في كلمتها الافتتاحية، أن انطلاق النسخة الأولى من ملتقى الأمن البيولوجي يجسد دخول الدولة مرحلة جديدة من الجاهزية الوطنية، وتجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة في اعتبار الأمن البيولوجي ركيزة أساسية في منظومة الأمن الوطني الشامل من خلال الاستجابة للأزمات وتعزيز الوقاية والاستباقية.

وقالت: “نجتمع اليوم في ظل متغيرات عالمية علمتنا أن المخاطر البيولوجية لا تعترف بالحدود، وأن حماية الصحة العامة واستدامة الغذاء وسلامة البيئة هي حلقات مترابطة لا يمكن فصلها، ومن هذا المنطلق، توجت جهودنا باعتماد مجلس الوزراء لـ الإطار الوطني للأمن البيولوجي في إصداره الثاني، ليكون بمثابة البوصلة الإستراتيجية التي توجه عملنا للسنوات المقبلة، مرتكزاً على تعزيز قدراتنا في الوقاية والاستجابة، وتطوير البنية التحتية، ودفع عجلة البحث والابتكار”.

وأضافت معاليها: “هدفنا الجوهري هو ترسيخ منظومة وطنية تقوم على مبدأ ‘الصحة الواحدة’، والانتقال بمنهجية العمل من مجرد الاستجابة للأزمات إلى تعزيز ‘الاستباقية والوقاية’، ونحن نعمل اليوم، بالشراكة مع الخبراء والقطاع الخاص، على ابتكار حلول تحوِّل التهديدات إلى فرص للتميز العلمي، لبناء ‘حصانة بيولوجية مُستدامة’ تعتمد على قوة التشريعات ودقة البيانات، بما يجعل من دولة الإمارات نموذجاً عالمياً في القدرة على الصمود والمرونة في التعافي”.

وشكَّل الملتقى منصة إستراتيجية للإعلان عن التوجهات المستقبلية للدولة في هذا الملف الحيوي، والمستندة إلى “الإطار الوطني للأمن البيولوجي 2023-2032” (الإصدار الثاني)، الذي اعتمده مجلس الوزراء في مايو الماضي، والذي يعد ركيزة عمل تضطلع بها الجهات المعنية كافة خلال السنوات المقبلة،ويركز على أربعة محاور رئيسية تتضمن: تعزيز القدرات الوطنية للوقاية والاستجابة، وزيادة أنشطة البحث والابتكار، وتطوير منظومة إدارة الطوارئ البيولوجية، بالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية للأمن البيولوجي في الدولة.

ويهدف الإطار إلى ضمان استمرارية الأعمال وحماية الاقتصاد الوطني والصحة العامة من أية تهديدات بيولوجية محتملة.

وناقشت الجلسة الأولى في الملتقى محور “السياسات والتشريعات الوطنية ركيزة للأمن البيولوجي: الواقع والطموحات”، وشارك فيها العديد من المختصين من الجهات ذات الصلة (وزارة الصحة ووقاية المجتمع، والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والمكتب التنفيذي للرقابة وحظر الانتشار للشؤون الدولية، ووزارة الخارجية، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية)، وأكدوا ضرورة مراجعة التشريعات ومواكبة المتغيرات العالمية ذات الصلة بالمخاطر والمهددات البيولوجية العابرة للقارات، وركزوا على أهمية المواءمة والمرونة بين التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية لضمان تنسيق الجهود ومواجهة التحديات.

وتضمن الملتقى محاضرة تخصصية للمعهد العالمي لمكافحة الأمراض (معهد غلايد) سلطت الضوء على “التحديات الراهنة ومستقبل منظومة الأمن البيولوجي في ظل نهج الصحة الواحدة” الذي يُعتبر أحد الأركان الأساسية لتعزيز منظومة الأمن البيولوجي، ويُمثِّل إطارا إستراتيجيا للتكامل بين الصحة العامة وصحة الحيوان والبيئة، وأهمية ذلك في الرصد المبكر للأوبئة والتنبؤ بالمخاطر البيولوجية.

وتناولت الجلسة الثانية موضوع “تطويع التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي كدرع للأمن البيولوجي”، وتحدث فيها نخبة من الخبراء المختصين في المجال ومن جهات مختلفة شملت القيادة العامة لشرطة دبي، ومركز الإمارات للأبحاث الحيوية، وجامعة خليفة، وشركة بينونة للحلول الجينية المختصة في توفير حلول تعتمد التقنيات الحيوية باستخدام البصمة الجينية والوراثة الجزيئية.

واستعرضت الجلسة الفرص الواعدة التي تتيحها تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدام البصمة الوراثية وتحليل البيانات الضخمة والتعلم الآلي في تطوير آليات الرصد المبكر والتنبؤ بالمخاطر والتشخيص الدقيق وتوفير اللقاحات لمواجهة الأوبئة ودعم سلاسل الإمداد.

واختُتمت فعاليات الملتقى بورشة علمية تطرقت إلى التطبيقات العملية لما تم الحديث عنه في الجلسات السابقة وأوضحت العديد من سيناريوهات المحاكاة باستخدام “النمذجة الرقمية كمرصد مبكر للمخاطر البيولوجية المستقبلية”.

وتحدث في الورشة خبراء من وزارة التغير المناخي والبيئة وجامعة الإمارات وهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، تناولوا أهمية اعتماد نهج علمي متقدم يعتمد على خوارزميات وبيانات حقيقية تسهم في وضع سيناريوهات محاكاة استباقية لمخاطر وتهديدات بيولوجية متوقعة بما يسهم في تقديم معلومات لصنّاع القرار تعتمد على أساس علمي تسهم في حماية المجتمع وتعزيز الجاهزية الوطنية.

وخرج المشاركون في الملتقى برؤية موحدة تؤكد أن الأمن البيولوجي المستدام لا يتحقق إلا من خلال شراكة إستراتيجية متكاملة تتجاوز الأدوار التقليدية بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية.

وأوصى الملتقى بتبني أحدث المعايير والبروتوكولات العالمية، وتوطين التكنولوجيا المتقدمة والأنظمة الذكية في منظومات الرصد والتحليل والاستجابة، بما يشمل تطبيق نهج “الصحة الواحدة” والاستفادة من الذكاء الاصطناعي والنمذجة الرقمية، لضمان جاهزية الدولة واستباقيتها في حماية مكتسباتها الوطنية وتأمين مستقبل أجيالها.

وتنسجم هذه التوصيات مع “الإطار الوطني للأمن البيولوجي 2023-2032″، الذي يُعد خارطة طريق وطنية لتعزيز الأمن البيولوجي الشامل خلال العقد المقبل.