“الرَّديف”.. روحُ التراث في الموسيقى الكلاسيكية الإيرانية

طهران في 15 ديسمبر 2025
/العُمانية/يمثّل “الرَّديف” في الموسيقى الكلاسيكية الإيرانية
نظامًا فنيًّا متكاملًا من المقامات والجُمل الموسيقية التي توارثتها الأجيال
شفهِيًّا عبر قرون، ويشكّل حجر الأساس لفهم جماليات هذا النوع من الموسيقى
التقليدية، التي تجمع بين النغم والشعر والثقافة والتعليم.

ويُقصد بكلمة “رديف” الترتيب أو التسلسل،
في إشارة إلى التنظيم الدقيق للجُمل الموسيقية وفق نسق محدد. ويرى المختصون أن هذا
النظام لا يُدرَّس من خلال التدوين الموسيقي التقليدي، بل يتم حفظه وتعلمه من خلال
الاستماع والممارسة، وهو ما يمنحه طابعًا حيًّا وتجريبيًّا.

وفي تصريح خاص لوكالة الأنباء العُمانية، أوضح الباحث
الإيراني في الموسيقى التقليدية آرش إيزدان، أن تعلّم “الرَّديف” يتطلب
من الطالب التكرار الدقيق لما يسمعه من أستاذه، ويُعدّ حفظه أحد الشروط الأساسية
للاحتراف في الموسيقى الإيرانية الكلاسيكية.

وبيّن أن “الرَّديف” يتألف من عدد من
المساحات النغمية تُعرف بـ”دستكاه” وتتفرع منها مقاطع قصيرة تُسمى
“گوشه” تعبّر كل منها عن مشاعر إنسانية متباينة، مضيفًا أن من أشهر هذه
المقامات: “شور”، و”ماهور”، و”نوا”، و”سه‌كاه”،
و”همايون”.

وأشار إيزدان إلى أن العزف في هذه المقامات يتم
باستخدام آلات موسيقية تقليدية مثل “التار”، و”السنتور”،
و”العود”، و”الكمانجه”، مؤكدًا أن “الرَّديف”
يُمثّل مرآة للثقافة الإيرانية ويعكس فلسفتها الجمالية والروحية، حيث تُغنّى على
أنغامه العديد من القصائد الفارسية والعربية الكلاسيكية.

وأكد أن طبيعة “الرَّديف” تتيح للعازف أو
المغني مجالًا للارتجال ضمن إطار القواعد المحددة، وهو ما يجعل كل أداء فني تجربة
فريدة بذاتها، تختلف باختلاف التفسير الشخصي للفنان.

وأوضح إيزدان أن الحفاظ على هذا الإرث الموسيقي يتطلب
من كل جيل نقل المعرفة الموسيقية شفهيًّا بدقة ووعي، مشيرًا إلى وجود محاولات
حديثة لدمج “الرَّديف” بأنماط موسيقية عالمية مع الحفاظ على أصالته،
وموضحًا أن منظمة اليونسكو أدرجته ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية
عام 2009، اعترافًا بقيمته الفنية والثقافية.

/العُمانية/النشرة الثقافية

أمل السعدية