
ــ الاقتصاديةلوكالة الأنباء الليبيةأب التحولات الاقتصادية في ليبيا خلال 2025ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــطرابلس – في 1 تشرين أول – أكتوبر/ (وال)- (فانا)عام 2025 لم يكن عاديًا بالنسبة للاقتصاد الليبي، فقد حمل معه سلسلة من التحولات العميقة التي مسّت مختلف القطاعات: من النفط الذي ظلّ حجر الزاوية، إلى الإصلاحات المصرفية والمالية، مرورًا بمشروعات التنمية الزراعية والمناطق الحرة، وصولًا إلى إعادة صياغة موقع ليبيا في خريطة التجارة الإقليمية والدولية.ورغم التحديات المتجذّرة المرتبطة بعدم الاستقرار السياسي وهشاشة المؤسسات، فقد برزت مؤشرات نمو واعدة، ورؤى إصلاحية تمثّل بارقة أمل في طريق شاق نحو الانتعاش الاقتصادي المستدام.نمو قوي يتصدّر المنطقةأعلن صندوق النقد العربي عن توقعاته بأن يسجل الاقتصاد الليبي نموًا قياسيًا يبلغ 14.3% خلال عام 2025، ليكون الأعلى بين الاقتصادات العربية من حيث وتيرة النمو، قبل أن يتباطأ إلى 5.9% في عام 2026.ويُعزى هذا النمو إلى قطاع الهيدروكربونات الذي يوفّر أكثر من 95% من إيرادات الدولة، ما يجعل الاقتصاد رهينة مباشرة لتقلبات أسواق النفط.ورغم هذه الأرقام المبشرة، حذّر الصندوق من أن ضعف الاستقرار السياسي ومحدودية القدرات المؤسسية يشكّلان تحديًا أمام تسريع الإصلاحات الهيكلية.وفي المقابل، شهدت البلاد استقرارًا نسبيًا في معدلات التضخم، التي بلغت 2.4% عام 2023 وتراجعت إلى 2.1% عام 2024، مدعومة بثبات سعر صرف الدينار أمام الدولار. بنغازي.. المدينة التي نهضت من الركام بعد الحرب على الإرهاب شهدت بنغازي ودرنة في السنة الأخيرة مراحل متسارعة من إعادة الإعمار والتنمية بفضل مشاريع نفذها صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا بالتعاون مع الجهاز الوطني للتنمية، ما أعاد للحياة شرايين المدينة ومرافقها الحيوية ومنح الأهالي بصيص أمل جديد نحو الاستقرار والنمو.بدأت معالم التعافي تظهر تدريجياً في شوارع بنغازي الرئيسة وبين أزقتها، حيث شمل برنامج إعادة الإعمار إصلاح وفتح طرق رئيسية وطرق فرعية ربطت الأحياء ببعضها، وتجديد شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء، فضلاً عن إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات التي تضررت خلال سنوات الحرب على الإرهاب. وأُعيد افتتاح عدد من المراكز الحكومية ومباني المؤسسات الخدمية لتعود تقديم الخدمات للمواطنين بصورة طبيعية أكثر مما كانت عليه خلال السنوات الماضية.على صعيد الرياضة والثقافة، شهدت المدينة افتتاح ملاعب رياضية جديدة وتجديد ملاعب قديمة تأهلت لاستقبال البطولات المدرسية والمحلية والدولية، وهو ما سهل عودة الأنشطة الشبابية والرياضية وأعاد للمدينة نشاطها الاجتماعي، بحسب ما ظهر من حركة الملاعب ومراكز الشباب منذ افتتاحها. كما تضمن البرنامج ترميم وصيانة مرافق ثقافية ومكتبات عامة تُعتبر حاضنة للفعاليات المجتمعية والتعليمية.في الموانئ والمطارات، ركزت الجهود على إعادة تأهيل البنى التحتية لنقل البضائع والركاب بهدف تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية. وشملت المشاريع تطوير صالات وممرات في المطارات وتحسين أرصفة ومرافق في الموانئ لتسهيل العمليات اللوجستية المحلية والإقليمية، ما عزز قدرة المدينة على استقبال السلع والخدمات ودعم التجارة المحلية والدولية من خلال الانفتاح على العالم.درنة، التي تحمل أيضاً آثار مراحل صعبة بعد إعصار مدمر، شهدت مشاريع مماثلة شملت إعادة فتح طرق حيوية، وإعادة تأهيل مؤسسات تعليمية وصحية، وإصلاح بنى تحتية أساسية. وأعاد التركيز على تأهيل البنية الأساسية في المدينة تسهيل عودة الأهالي إلى نشاطاتهم الاقتصادية والزراعية والصيدية المحلية، كما ساهم في تخفيف معاناة الأسر التي تكبدت خسائر كبيرة.المشاريع لم تكن تقنية فقط؛ بل تضمنت برامج توظيف محلي وتدريب للمقاولين والعمال في مواقع البناء والترميم، ما ساهم في خلق فرص عمل مؤقتة وطويلة الأمد ونقل مهارات فنية مهمة لسوق العمل المحلي. كما رافقت بعض المشاريع مبادرات اجتماعية تستهدف دعم الفئات الضعيفة وتسريع عملية التعافي المجتمعي.أثر هذه الجهود بدا واضحاً في الحياة اليومية: حركة سير أكثر انتظاماً، عودة الطلائع التجارية إلى الأسواق، وملاعب ومراكز ثقافية تنبض بأنشطة الأطفال والشباب. وفي المقابل، لا تزال تحديات قائمة — من الحاجة لتمويلات إضافية واستدامة الصيانة إلى ضرورة تنسيق أوسع بين الجهات الحكومية والمحلية والقطاع الخاص لضمان استمرارية النتائج وتوسيع نطاقها إلى بقية المناطق المتأثرة.الإعمار في شرق ليبيا.. رافعة للتنمية والاستقرار الاقتصاديوفي تحول آخر، شهدت مناطق شرق ليبيا خلال السنوات الأخيرة جهودًا مكثفة في الإعمار والتنمية بعد فترة طويلة من الاضطرابات ومحاربة القوات المسلحة للإرهاب، حيث ركزت هذه الجهود على إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية كالطرق والجسور وشبكات المياه والكهرباء، بالإضافة إلى تطوير القطاع الصحي من خلال إعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية.كما تم العمل على دعم القطاع التعليمي بإعادة تجهيز المدارس والجامعات، إلى جانب تطوير المنشآت الصناعية خاصة في مجالات النفط والغاز التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الليبي.ويلعب الإعمار في شرق ليبيا دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد الوطني عبر ضمان استمرارية الإنتاج النفطي وزيادة عائداته، إلى جانب خلق فرص عمل للسكان المحليين مما يقلل من البطالة ويعزز الاستقرار الاجتماعي.كما يسهم تحسن البنية التحتية في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ويدعم تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط فقط، كما يساعد في تنمية القطاع الخاص.ورغم التقدم، تواجه مشاريع الإعمار تحديات مثل النزاعات المحلية، نقص التمويل، والحاجة إلى تنسيق أفضل بين الجهات المعنية، لكن مع استمرار الدعم السياسي والمالي، من المتوقع أن تسهم جهود الإعمار في شرق ليبيا بشكل كبير في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، مما ينعكس إيجابيًا على الاستقرار العام في البلاد.مشروع الدوائر الزراعية في وادي الشاطئلم يكن النفط وحده في الواجهة، إذ أطلق الجهاز الوطني للتنمية مشروع الدوائر الزراعية ضمن خطة تطوير مشروع الدبوات الزراعي في وادي الشاطئ جنوب غرب ليبيا.يمتد المشروع على مساحة 4900 هكتار موزعة على 12 دائرة زراعية لزراعة القمح والشعير والبرسيم، مع خطط لرفع العدد إلى 500 دائرة بنهاية 2025 وصولًا إلى ألف دائرة بحلول 2030.الهدف من المشروع لا يقتصر على الأمن الغذائي فحسب، بل يشمل خلق فرص عمل، وتحريك قطاعات النقل والتوزيع، مما يسهم في تنويع الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على النفط.المنطقة الحرة في سرتوفي إطار رؤية ليبيا 2030، أُعيد تفعيل مشروع المنطقة الحرة في سرت باستثمار تصل قيمته إلى ملياري دولار.المشروع الذي يمتد على مساحة 214 هكتارًا يتضمن ثلاث مراحل رئيسية لتطوير ميناء سرت:1. تشغيل الميناء الحالي – اكتملت بالكامل.2. رصف الأرصفة الجنوبية والشرقية – نسبة الإنجاز 65%.3. تعميق الأعماق البحرية إلى 25 مترًا لاستقبال السفن العملاقة.هذا التطوير سيحوّل سرت إلى مركز إقليمي للشحن والتوزيع، ويوفر أكثر من 2000 وظيفة مباشرة وقرابة 4000 وظيفة غير مباشرة في الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد.سحب فئتي 5 و20 دينار من التداولوفي خطوة لفرض ضبط نقدي أكبر، أعلن مصرف ليبيا المركزي سحب فئتي 5 و20 دينارًا من التداول مع نهاية سبتمبر 2025.وطالب المصارف بتوعية المواطنين بآليات السحب وتواريخها، لضمان سلاسة العملية.الخطوة تهدف إلى مكافحة التداول غير المنضبط، والتقليل من التعامل بالفئات التالفة أو المزوّرة، وتعزيز الثقة بالعملة الوطنية.عام التوازن بين التحديات والفرصعام 2025 كشف عن معادلة دقيقة يعيشها الاقتصاد الليبي: فرص واعدة لنمو قوي مدعوم بقطاع النفط، وبوادر إصلاح مصرفي وزراعي ولوجستي، تقابلها تحديات عميقة مرتبطة بعدم الاستقرار السياسي وضعف البنية المؤسسية.منطقة حرة في سرت، زراعة محورية في وادي الشاطئ، تحديث لمصفاة الزاوية، ومشروعات رقمية في مصرف ليبيا المركزي، كلها تشكل مؤشرات لتحولات قادمة، لكن تحويل هذه المبادرات إلى تنمية مستدامة سيبقى رهينًا بتكامل الإصلاحات، وإرساء بيئة سياسية مستقرة، وتوحيد الرؤية الاقتصادية على المستوى الوطني.اكتشاف نفطي جديدفي سياق يعزّز مكانة ليبيا كأحد أكبر المنتجين في شمال أفريقيا، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط عن اكتشاف تجاري في حوض غدامس حققته شركة سوناطراك الجزائرية.ويُتوقع أن يصل إنتاج الاكتشاف الجديد إلى 4200 برميل يوميًا، في وقت تؤكد فيه المؤسسة الوطنية أن إنتاج البلاد الإجمالي تجاوز حاجز 1.3 مليون برميل يوميًا.يمثل هذا الكشف إضافة نوعية لقدرات ليبيا الإنتاجية، كما يفتح الباب أمام تعزيز التعاون الإقليمي مع الجزائر في مجال الطاقة، خصوصًا مع تزايد الطلب العالمي على النفط والغاز.التجارة الليبية – البرازيلية.. أرقام تتجاوز عقدًا كاملًاعلى صعيد التجارة الخارجية، شهدت العلاقات الاقتصادية بين ليبيا والبرازيل قفزة نوعية خلال النصف الأول من عام 2025.فقد ارتفعت صادرات البرازيل إلى ليبيا بنسبة 4.7% خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2025 مقارنة بالعام الماضي، لتصل قيمتها إلى 421.9 مليون دولار.وكان خام الحديد أبرز الصادرات بقيمة 146.8 مليون دولار، رغم تراجعه بنسبة 10% عن العام السابق. فيما جاءت لحوم الدواجن في المرتبة الثانية بقيمة 103.7 مليون دولار بانخفاض 5.5%.أما لحوم الأبقار فقد حققت طفرة كبيرة بنسبة نمو 74.9% لتصل إلى 76 مليون دولار، في حين ارتفعت صادرات السكر بنسبة 15.1% مسجلة 68.8 مليون دولار.وعلى الجانب الآخر، بلغت واردات البرازيل من ليبيا 793 ألف دولار فقط، ما يعكس اختلال الميزان التجاري لمصلحة البرازيل، ويضع أمام ليبيا تحديًا لزيادة صادراتها وتنويعها.راتبك لحظي” يغيّر قواعد اللعبةأطلق مصرف ليبيا المركزي مشروعًا طموحًا بعنوان “راتبك لحظي”، بعد استلامه بيانات 2.2 مليون مواطن من وزارة المالية، بينهم 1.2 مليون أُحيلت بياناتهم المصرفية بشكل رسمي.وتخدم المنظومة الجديدة حوالي 950 ألف موظف، حيث تتيح لهم استلام مرتباتهم بشكل مباشر وسريع دون وسيط، مع إمكانية التحقق الفوري عبر تطبيق إلكتروني خاص.ومن مميزات المنظومة الجديدة، التحويل المباشر للرواتب دون وسطاء، وتعزيز الشفافية المالية وإمكانية المتابعة اللحظية، والتخلص من الإجراءات الورقية التقليدية، والمراجعة الفورية لكل عملية تحويل، وتقليل فرص التأخير في الصرف، ويمثل هذا النظام نقلة نوعية في التحول الرقمي للمصرف المركزي، ويُعد خطوة نحو تعزيز الثقة بين المواطن والمؤسسات المالية، وفق المصرف المركزي.قيود جديدة على التمويل المصرفيوفي خطوة تهدف لحماية الاستقرار المالي، وجّه مصرف ليبيا المركزي المصارف التجارية بوقف منح التمويلات للجهات الاعتبارية حتى نهاية 2025، مع تحديد سقف التوسع في المحفظة الائتمانية بنسبة 7% فقط من رصيد نهاية 2024.هذه الخطوة تعكس رغبة المركزي في تقليل المخاطر المصرفية والحد من التوسع غير المنضبط في الإقراض، خصوصًا مع ارتفاع طلبات التمويل الفردي، كما أنها تعكس توجهًا نحو تعزيز متانة النظام المصرفي.خطوة نحو الاكتفاءقدّمت شركة Honeywell UOP الأمريكية دراسة جدوى لتطوير مصفاة الزاوية، أظهرت نتائج مشجعة للغاية.وأكدت الدراسة أن التحديث سيجعل المصفاة قادرة على تغطية نسبة كبيرة من احتياجات السوق المحلي من البنزين، مما يقلل من الاعتماد على الاستيراد ويخفف من أعباء الدعم الحكومي.وهذا المشروع إذا ما تم تنفيذه سيُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتوفير ملايين الدولارات التي تُنفق سنويًا على واردات الوقود، فضلًا عن رفع كفاءة الصناعة النفطية في البلاد.