
أبوظبي في 21 سبتمبر /وام/ لم يعد الخطر السيبراني في عصرنا الحالي مقتصراً على البرمجيات الخبيثة أو الثغرات التقنية، بل انتقل إلى مستوى أكثر تعقيداً يلامس العنصر البشري مباشرة؛ إذ يلجأ المحتالون إلى ما يُعرف بـ”الهندسة الاجتماعية” كأداة رئيسية لاختراق الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
وفي أحدث تحذير له، كشف مجلس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات أن نحو 98% من الهجمات الإلكترونية تعتمد على هذا الأسلوب، الذي يقوم على استغلال الثقة والعواطف والقرارات اللحظية للضحايا بدلاً من مهاجمة الأنظمة مباشرة، ما يعني أن المهاجمين الرقميين ليسوا مجرد مبرمجين يجلسون خلف الشاشات، بل إن كثيرين منهم محترفون في التلاعب بالعواطف وإتقان فن الإقناع.
يقول المجلس لوكالة أنباء الإمارات “وام”: “المحتالون يتقنون تقمص شخصيات مختلفة، من موظف رسمي إلى صديق مقرّب، ويجيدون تقليد أساليب المؤسسات الموثوقة، مستغلين الثقة أو حالة الإرباك التي يخلقونها عمدًا لإقناع الضحية بالكشف عن معلومات حساسة، وتتنوع أساليبهم ما بين الوعد بالمكافآت والإغراء المستخدم بجائزة أو عرض مغرٍ وبناء الثقة وادعاء المصداقية عبر انتحال صفة جهة رسمية”.
ويضيف: “ينتهج المحتالون أساليب الضغط والخوف بإرسال تحذيرات كاذبة أو تهديدات عاجلة وكذلك الإرباك بالمعلومات وتقديم بيانات متضاربة للتشويش على التفكير”.
وعلى عكس الصورة النمطية للاختراقات التي تعتمد على أدوات تقنية معقدة، فإن “الهندسة الاجتماعية” تستهدف أضعف حلقة في المنظومة الأمنية وهي الإنسان نفسه.
ويؤكد خبراء الأمن أن الضحية قد يشارك، تحت تأثير الضغط النفسي أو الحاجة الملحّة، برقم حسابه البنكي أو كلمة المرور دون أن يدرك أنه وقع في الفخ، وهنا يأتي دور التوعية وحماية المجتمع لمواجهة هذا التحدي، بأطلاق مجلس الأمن السيبراني حملة توعوية أسبوعية ضمن مبادرة “النبض السيبراني”، حيث ركز الأسبوع السادس منها على إبراز مخاطر الهندسة الاجتماعية.
وتشمل الحملة إرشادات عملية مثل التحقق من هوية الأشخاص والجهات قبل مشاركة أي معلومات والحذر من الرسائل المفاجئة أو التي تطلب إجراءات فورية، وكذلك الامتناع عن مشاركة البيانات الشخصية عبر الهاتف أو وسائل التواصل ومتابعة التنويهات الدورية التي تصدرها الجهات المختصة.
ويحذر المجلس من أن المحتالين قد يلجأون إلى رسائل تبدو ودودة أو متعاطفة، بل حتى حزينة أحياناً، لدفع الضحية إلى الرد دون تفكير، لافتا إلى أهمية تعزيز الثقافة الرقمية في المجتمع، واليقظة المستمرة تجاه أي محاولة غير مألوفة تطلب معلومات حساسة.
الواقع يؤكد ان الاختراق لم يعد مسألة كود برمجي معقد، بل معركة وعي وسلوك، ومع إدراك أن 98% من الهجمات السيبرانية تعتمد على “الهندسة الاجتماعية”، فإن المعركة الحقيقية تبدأ من وعي الفرد، قبل أي نظام أو جدار حماية.