الدورة السابعة لملتقى التعاون العربي -الصيني في مجال الإذاعة والتلفزيونتنعقد في الصين يومي 4 – 6 نوفمبر الحالي
البيان الختامي والتوصيات الملتقى الإعلامي العربي 21 بيروت
تقرير عن ندوة برلين
الندوة المتخصصة لوكالات الأنباء تعقد في برلين الاثنين المقبل ٦ أكتوبر بحضور عدد من وكالات الانباء العربية واتحادها
الرياض 23 جمادى الأولى 1447 هـ الموافق 14 نوفمبر 2025 م واس
لم يكن حجر واحد يشبه الآخر داخل ركن النحاتة السعودية حلوة العطوي، لكن المدهش أن جميعها كانت تحمل بصمة واحدة، تلك التي تصنعها يدٌ اعتادت أن تُصغي للحجر قبل أن تلمسه.
في أحد أركان فعاليات الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية “بنان”، وقفت النحاتة القادمة من منطقة تبوك هادئة، كأنها تعرف تمامًا ما تفعله منذ أربعين سنة، وكأن كل قطعة نحتتها كانت خطوة أخرى في طريق طويل بدأته يوم اكتشفت أن الحجر ليس صامتًا كما يظن الجميع.
حلوة التي تصف نفسها بأنها “كبرت مع الحرفة” تقول: “إن اختيار الحجر هو أول سر في العمل فالحجارة التي تجلبها من مناطق مختلفة في الرياض تختلف في ألوانها وطبقاتها وصلابتها، وكل نوع منها يفرض على النحات ما يجب أن يكون شكل القطعة بعض الأحجار تحتاج إلى أسبوع واحد فقط لتخرج منها قطعة نهائية، بينما يحتاج بعضها الآخر إلى شهر كامل من الصبر، ليس بسبب صعوبتها فقط، بل لأن شكلها الداخلي لا يتضح إلا بعد أن تبدأ عملية النحت فعلًا”.
في يدها قطعة حجر داكنة، تشرح كيف أن الألوان التي تظهر بعد النحت ليست إضافات خارجية، بل ألوان طبيعية من داخل الحجر نفسه، تتغير الظلال كلما أزالت طبقة جديدة، وكل ضربة إزميل تكشف شيئًا جديدًا في قلب الحجر.
ومن بين القطع التي تعرضها في “بنان” كانت هناك منحوتة واضحة لعين كل من يقترب من الركن، صورة متقنة لـ”قفزة الحصان”، قطعة تبدو ثابتة، لكنها تحمل حركة كاملة في خطوطها، وكأن الحصان يتوقف للحظة واحدة قبل أن يتابع انطلاقته.
وتشير إليها حلوة بفخر، وتقول: “إن هذه القطعة تحديدًا أخذت منها وقتًا طويلًا لأنها احتاجت دقة شديدة في إبراز التفاصيل والظل والعمق، وتعكس ما تعده أعلى درجات التحدي في النحت، أن تمنح الحجر إحساس الحركة”.
ورغم تنوع أعمالها، تحرص حلوة على أن تتدرج أحجام القطع لتناسب كل زائر، فهناك قطع صغيرة تُمسك بكفّ اليد، وقطع أخرى متوسطة أو كبيرة تصلح للبيوت والمكاتب.
ومع ازدحام المسار المؤدي إلى ركنها، كانت تشرح للزوار كيف تختار الحجر المناسب لكل فكرة، وكيف تتعامل مع الطبقات الصلبة دون أن تكسر التفاصيل, وتخبرهم أن الحرفة لم تعد مجرد مهارة فردية، بل تراثًا تعتقد أنه يستحق البقاء، خاصة في معرض يجمع حرفيين من أربعين دولة، ويحاول إعادة الاعتبار للمصنوعات اليدوية بوصفها جزءًا من الهوية السعودية.
ويقترب الأطفال أحيانًا ويسألون عن الأدوات، وتسألها بعض السيدات عن الألوان وكيف تظهر بهذا الصفاء، بينما يحرص الزوار على لمس القطع بعد الاستئذان، ليتأكدوا أن هذه الألوان ليست طلاءً، بل جزء من شخصيّة الحجر نفسه, وكانت حلوة تبتسم دائمًا وتقول: “هذا عمل الطبيعة… وأنا أكمل ما بدأته الطبيعة”.
وفي المساحة الواسعة التي يحتفي بها “بنان” بالحرف التقليدية، بقي ركن حلوة العطوي واحدًا من الأركان التي تحمل صوت الحرفة الهادئ, لا ترفع صوتها، ولا تستعرض أدواتها، لكنها تترك للحجر أن يكون دليلًا عليها؛ يروي عنها وعن أربعين عامًا من الممارسة، وعن قدرة الحرفيين على تحويل المادة الصلبة إلى معنى، والكتلة الجامدة إلى روح لها حضور.
// انتهى //
22:06 ت مـ
0145