ثقافي / “رواشين” الوجه.. إرث معماري يحكي عبقرية الأجداد في مواجهة تقلبات المناخ

الوجه 10 صفر 1447 هـ الموافق 04 أغسطس 2025 م واس
في قلب البلدة التاريخية القديمة بمحافظة الوجه، وفي كل زاوية منها، يبرز “الروشن” شامخًا بصفته رمزًا للعمارة التقليدية، وشاهدًا على براعة الأجداد في ابتكار حلول معمارية للتكيف مع الظروف المناخية في المناطق الساحلية، وأداة عملية لحماية المنازل من أشعة الشمس، وتوفير الراحة لساكنيها.
وتعمل ” الرواشين” بطريقتها الفنية على تخفيف درجات الحرارة في المنازل خلال فصل الصيف، وذلك من خلال تصميمها الفريد الذي يسمح بدخول الهواء الخارجي للمنزل والعمل على تكييفه، حيث تعرف بأنها النافذة أو الشرفة البارزة المصنوعة من أجود ألواح الخشب، التي تستخدم في تغطية النوافذ والفتحات الخارجية، ويتم نحتها “بفن الأرابيسك” وهو عبارة عن أنماط ونماذج هندسية معقدة تخرج في هيئة زخارف متشابكة ومتداخلة ومتقاطعة، وتتميز بجمالها ورونق تصميمها، فحين يشتد وهج الشمس في الصيف، وتكتظ الأزقة بحرارتها، تتحول الرواشين إلى ملاذ حقيقي لسكان المنازل، فهي تعمل بصفتها حاجزًا خشبيًا يمنع أشعة الشمس المباشرة من التسلل إلى الغرف، وفي الوقت ذاته، تسمح بدخول النسمات الباردة القادمة من البحر الأحمر، وكان سكان ذلك الزمان يجلسون خلف هذه الرواشين في نهار الصيف الطويل، يراقبون الحياة في الخارج دون أن يؤثر في خصوصيتهم.
وتكتسب البلدة القديمة في محافظة الوجه، بمبانيها الأثرية ومينائها وأسوارها وقلاعها، قيمة تاريخية وإرثًا عمرانيًا، وإطلالة على نمط وفنون البناء القديم ومهارات ابن المكان في أعمال العمارة.
وأثرى الموقع الجغرافي شمال ساحل البحر الأحمر تاريخ البلدة، حيث عرفت قديمًا بميناء الحجر “مدائن صالح”، وورد اسمها في بعض المصادر التاريخية، فقد ذكرها اليعقوبي في كتابه “البلدان” والعذري في كتابه “نظام المرجان ومسالك البلدان” وغيرها من المؤلفات، وكانت كذلك معبرًا لنقل وتبادل الثقافات والتجارة بين دول غرب وشرق البحر الأحمر، وممرًا لقوافل الحجاج.
// انتهى //
16:14 ت مـ
0132