ثقافي / “زير الماء” في القصيم.. إرث مائي يروي ذاكرة المكان

بريدة 28 جمادى الآخرة 1447 هـ الموافق 19 ديسمبر 2025 م واس
يُعدّ “زير الماء” أحد الموروثات الشعبية التي ارتبطت بالحياة اليومية في منطقة القصيم، بوصفه وسيلة تقليدية لتبريد المياه قبل انتشار وسائل التبريد الحديثة، ولا يزال حاضرًا في الذاكرة الاجتماعية بوصفه رمزًا للبساطة والمهارة الحرفية التي تميز بها أبناء المنطقة.
ويُصنع الزير من الطين الأحمر المحلي المعروف بقدرته على حفظ برودة الماء، وتمر عملية تصنيعه بعدة مراحل تبدأ بجمع الطين وتنقيته، ثم تشكيله يدويًا على هيئة إناء ذي عنق عريض وقاعدة ضيقة، قبل تجفيفه تحت أشعة الشمس وحرقه في أفران تقليدية لاكتساب الصلابة اللازمة للاستخدام.
وتعتمد آلية تبريد الماء في الزير على خاصية التبخر، إذ تتسرب كميات محدودة من الماء عبر مسام الطين إلى السطح الخارجي، ومع تعرضها للهواء تنخفض حرارة الماء داخل الإناء، ما جعله وسيلة مناسبة للاستخدام في البيوت القديمة، خاصة في الأجواء الحارة التي تشتهر بها منطقة القصيم صيفًا.
ويستحضر كبار السن في المنطقة ذكرياتهم مع الزير، مشيرين إلى أنه كان حاضرًا في المنازل والمزارع، ويُوضع غالبًا عند المداخل ليكون متاحًا للضيوف وعابري السبيل، في صورة تعكس قيم الكرم والتكافل الاجتماعي التي تميّز بها المجتمع المحلي.
ويشهد الزير اليوم حضورًا متجددًا في الفعاليات والمهرجانات التراثية التي تُقام في منطقة القصيم، بوصفه قطعة تراثية، ويحرص الزوار على اقتنائه أو توثيقه بالصور، مما أسهم في تشجيع عدد من الحرفيين على إعادة إحياء صناعته والمحافظة عليها كونها حرفة تقليدية ذات بعد ثقافي.
ويؤكد مختصون في التراث الشعبي أن “زير الماء” يمثل نموذجًا لعلاقة الإنسان بالبيئة، وقدرته على توظيف الموارد الطبيعية بما يلبي احتياجاته اليومية، مشيرين إلى أن المحافظة عليه تعكس وعي المجتمع بأهمية صون الموروث الثقافي وتعزيز الهوية الوطنية.
ويظل “زير الماء” في القصيم شاهدًا على مرحلة من تاريخ الحياة اليومية، ورمزًا لتراث مائي لا يزال حاضرًا في الذاكرة الشعبية، رغم التحولات التقنية التي شهدها العصر الحديث.
// انتهى //
15:15 ت مـ
0057