ثقافي / مؤتمر الاستثمار الثقافي يُناقش أثر الثقافة في تعزيز النمو والتنافسية

الرياض 08 ربيع الآخر 1447 هـ الموافق 30 سبتمبر 2025 م واس
أقامت وزارة الثقافة في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، ضمن مؤتمر الاستثمار الثقافي، جلسة بعنوان “الثقافة كمحفّز: تمكين النمو وتعزيزالتنافسية”، شارك فيها معالي نائب وزير الثقافة الأستاذ حامد بن محمد فايز، ومعالي نائب وزير الرياضة الأستاذ بدر بن عبدالرحمن القاضي، ومعالي نائب وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عمار نقادي، ومعالي نائب وزير التعليم الدكتور إيناس بنت سليمان العيسى.
وأكد معالي نائب وزير الثقافة الأستاذ حامد بن محمد فايز، أن الاستثمار في المشاريع الثقافية الكبرى لا يكتمل أثره ولا يحقق الاستدامة إلا من خلال رعاية الإبداع ودعم الإنتاج الثقافي المستقل، مشيرًا إلى أن وزارة الثقافة تعمل على تحقيق ذلك عبر ثلاثة مسارات رئيسية، وهي الاستثمارات المحورية، والتركيز على المنصات والبرامج، وقابلية التوسع.
وأوضح معاليه أن الوزارة حرصت على الاستثمار في البنية التحتية الثقافية، من خلال مشاريع رائدة أسهمت في بناء منظومات عمل متكاملة، مستشهدًا بتحويل “حي جاكس” في الدرعية من مستودعات إلى منطقة فنية نابضة بالحياة، حتى أصبح بيئة إبداعية متكاملة تحتضن فعاليات “بينالي” الدرعية، كما استشهد بمشروع تطوير منطقة جدة التاريخية، الذي شمل ترميم (66) مبنى فيها، وتحويل بعضها إلى فنادق بوتيك ومساحات ثقافية، ما جعلها نظامًا حيًا تتفاعل فيه الثقافة والتراث والاقتصاد معًا، لتشكل استثمارًا حقيقيًا يعود بالنفع على المجتمع.
وبيّن أن الوزارة اهتمت برعاية الإبداع من القاعدة من خلال الجامعات، والإقامات الفنية، والبرامج المخصّصة لبناء القدرات، مشيرًا إلى تجربة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بقوله: “يراه البعض مجرد مهرجان، لكنه في الحقيقة برنامج يمتد لأربع سنوات، دعم حتى الآن أكثر من (50) مشروعًا سينمائيًا، وأتاح الفرصة للمواهب الشابة للتدرب والاستفادة من خبرات النجوم العالميين، من خلال ورش تدريبية متقدمة تحتفل بالإبداع، وتبني المؤهلات”.
وفي جانب التوسع، أشار إلى أن الوزارة تعمل على نشر برامجها ومبادراتها في مختلف مناطق المملكة، حيث أطلقت البيوت الثقافية، وأسست جيلاً جديدًا من المكتبات الحديثة، بلغت ثماني مكتباتٍ في مختلف مناطق المملكة.
وأكد معاليه طلبًا حقيقيًا في القطاع الثقافي، موضحًا أن دور الوزارة يتمثل في دعم هذا الطلب وتمكينه، وتهيئة سوق متكاملة تحقق المنفعة للمستثمرين والمستفيدين على حد سواء، انطلاقًا من مهمة الوزارة الأساسية في تطوير القطاع وبناء الشراكات مع مختلف القطاعات العامة والخاصة وغير الربحية.
وتطرق نائب وزير الثقافة إلى نماذج ناجحة من التعاون مع قطاعات أخرى، من أبرزها التعاون مع وزارة الرياضة في تحويل “كأس السعودية” لسباقات الخيل إلى حدث ثقافي ورياضي متكامل، مشيرًا إلى أن مثل هذه المبادرات تُسهم في إبراز الهوية الوطنية، وتعزيز الحضور الثقافي على المستوى الدولي، مضيفًا: “التعاون بين الرياضة والثقافة أصبح جزءًا لا يتجزأ، حيث لا يُنظر إليهما كقطاعين منفصلين بل كمنظومة واحدة، كما فتح المجال لبرامج إضافية، مثل تقديم عروض أزياء بتقنية الهولوغرام، أو إبراز الخط العربي كما حدث في عام الخط العربي حين تبنّت وزارة الرياضة طباعة أسماء اللاعبين بالعربية.
وأشار إلى أن التعاون الوثيق مع وزارة التعليم في ربط الثقافة بالعملية التعليمية، بدءًا من إدخال الموسيقى في مرحلة رياض الأطفال، مرورًا بالأنشطة الثقافية في المراحل التعليمية، وإطلاق برنامج الابتعاث الثقافي، وصولاً إلى إعلان تأسيس “جامعة الرياض للفنون”، مؤكدًا أن التعليم يمثل الركيزة الأهم لضمان استدامة الإبداع الثقافي للأجيال القادمة.
واختتم بقوله: “نعمل في وزارة الثقافة مع وزارة التعليم ووزارة الموارد البشرية لضمان أن يتناسب التعليم مع الطلب في سوق العمل، وذلك عبر توفُّرِ وظائف وفرص حقيقية مرتبطة بالقطاعات الثقافية والإبداعية، كما أن المشاركة في الفعاليات العالمية مثل إكسبو 2020 وإكسبو 2025 أوساكا عززت العمل التكاملي والتشاركي بين الوزارات والقطاعات المختلفة”.
من جانبه أكد معالي نائب وزير الرياضة بدر بن عبدالرحمن القاضي، أن الرياضة تمثّل عاملَ جذبٍ للزوار، فيما تثري الثقافة تجاربهم وتزوّدهم بذكريات عميقة عن المملكة، مشيرًا إلى أن الفعاليات الرياضية الكبرى كالأولمبياد وكأس العالم، لا تقتصر على المنافسات الرياضية فحسب، بل تمتد لتشمل استكشاف الهوية الثقافية، وهو ما راعته المملكة في بناء ملاعب تعكس الثقافة المحلية والتضاريس لكل منطقة استعدادًا لاستضافة كأس العالم، مبينًا أن تمكين صانعي المحتوى المحليين يسهم في نقل صورة واقعية عن المملكة، مستشهدًا باختيار منصة “ثمانية” لتقديم تغطيات إعلامية للأحداث الرياضية، لما تتميز به من قدرة على إنتاج محتوى يعكس الهوية السعودية.
من جانبه، أوضح معالي نائب وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عمار بن محمد نقادي، أن التحول الاقتصادي في المملكة يستند إلى إطلاق إمكانات جميع المناطق والقطاعات، مع التركيز على التنويع الاقتصادي كهدف رئيسي لضمان الازدهار المستدام، مشيرًا إلى أن المملكة تمتلك محركين رئيسيين للنمو يدفعان هذا التنويع هما: الصناعة والتعدين، إلى جانب القطاعات الناشئة مثل الثقافة والرياضة والسياحة والترفيه، مبينًا أن الأنشطة غير النفطية شهدت نموًا متتاليًا على مدى 18 ربعًا بمعدل (5%)، لتصل إلى (56%) من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
وأكد معاليه أن صادرات الخدمات بقيادة الثقافة والسياحة تضاعفت أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2016، ما يبرز دور الثقافة كونها قطاعًا محوريًا في التنويع الاقتصادي، مشددًا على أهمية تحديد المزايا التنافسية لكل منطقة ودعمها عبر أدوات السياسات المناسبة، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية والتمويل من خلال الصندوق الثقافي وبرامج تطوير رأس المال البشري، وأفاد بأن الثقافة تسهم حاليًا بنسبة (1.6%) من الناتج المحلي الإجمالي وخلق أكثر من (230) ألف وظيفة.
وأكدت معالي وكيلة وزارة التعليم الدكتورة إيناس بنت سليمان العيسى، أن الثقافة تمثل جوهر رؤية المملكة 2030، وتشكل خيطًا ذهبيًا يربط بين التعليم والرياضة والاقتصاد، موضحة أن إدماج الثقافة في المدارس والجامعات يعزز فرص التعلم ويطلق مواهب الطلاب وإبداعاتهم.
وأبانت أن الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارة الثقافة على دمج المحتوى الثقافي في المناهج الدراسية، إلى جانب مراجعة معايير التأهيل الوطنية لتشمل المواهب الثقافية، مشيرة إلى أن الجامعات السعودية تقدم (49) برنامجًا في مجالات ثقافية متنوعة، وتضم (18) كلية متخصصة في الثقافة، وتدعم ريادة الأعمال الإبداعية للطلاب.
وأضافت أن برنامج المنح الدراسية شمل ابتعاث أكثر من (500) طالب للدراسة في تخصصات ثقافية بالخارج، منهم (130) طالبًا في أفضل (30) مؤسسة أكاديمية عالمية، مؤكدة أن المملكة تسعى لأن تكون مركزًا إقليميًا للتعليم الثقافي وتنمية المواهب، بما يسهم في إيجاد قوة عاملة ماهرة واقتصاد إبداعي مزدهر.
ويأتي انعقاد مؤتمر الاستثمار الثقافي ليؤكد المكانة المحورية للثقافة في رؤية المملكة 2030، ودور وزارة الثقافة في تمكين الصناعات الإبداعية محليًا وعالميًا، بما يعكس التزام المملكة بتعزيز مكانة الثقافة رافدًا أساسيًا للتنمية المستدامة والتواصل الحضاري.
// انتهى //
18:37 ت مـ
0193