ثقافي / “هيئة التراث” تناقش سبل العناية الواجبة بالمقتنيات الثقافية

الرياض 08 جمادى الأولى 1447 هـ الموافق 30 أكتوبر 2025 م واس
ناقش المؤتمر الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية بجلسة علمية موسّعة عنوان “العناية الواجبة في مجال التراث الثقافي: ممارسات متطورة”، رأسها عضو مجلس الشورى والخبير في آثار وتراث المملكة الدكتور عبدالله الزهراني، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين الدوليين، تناولوا خلالها ممارسات العناية الواجبة ودور المؤسسات المتحفية والبحثية في تعزيز الشفافية والمسؤولية الأخلاقية في إدارة المقتنيات الثقافية، واستعرضوا تجارب دولية في حماية الممتلكات المنقولة من الاتجار غير المشروع.
وقدّم المشاركون خمس أوراق علمية تناولت أحدث الأساليب والممارسات في التحقق من مصادر المقتنيات وتوثيقها، بدأت بورقة للباحث الدكتور كريستوس تسيرويانيس، استعرض خلالها التطورات الحديثة في معايير النزاهة المتحفية، مشيرًا إلى التحول الكبير في سياسات المؤسسات العالمية التي أعادت مئات القطع الأثرية إلى بلدانها الأصلية بعد مراجعات رقمية دقيقة استخدمت فيها أدوات التحليل الجنائي الرقمي والخرائط الشبكية لرصد روابط الاتجار غير المشروع.
فيما قدم الدكتور ستيفان إيبير من جامعة باريس سكلاي، واقع سوق المخطوطات والوثائق العربية، محذّرًا من ازدياد عمليات البيع عبر المنصات الإلكترونية المجهولة باستخدام العملات الرقمية، وما تمثله من أخطار على التراث الوثائقي العربي، الذي يضم أكثر من 15 مليون مخطوطة مهددة بالتزوير أو التهريب، ودعا إلى تعزيز التنسيق بين الدول والمنظمات الدولية لتطوير قاعدة بيانات موحدة لتوثيق هذه المقتنيات.
بدوره، تناول مدير معهد القانون والفنون في لندن إلكسندر هيرمان، الجانب القانوني للعناية الواجبة، موضحًا أن الالتزام بتوثيق مصدر القطع أصبح اليوم واجبًا قانونيًا لا يقتصر على البعد الأخلاقي، مستشهدًا بنماذج من التشريعات الدولية مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970 واتفاقية “اليونيدروا” لعام 1995، مؤكدًا أن الإخفاق في إجراء العناية الواجبة قد يعرّض المؤسسات للمساءلة القانونية.
وقدمت الدكتورة نانسي كاريلز من متحف الفنون الآسيوية بمؤسسة سميثسونيان، عرضًا حول مفهوم الأمانة الثقافية المشتركة، مشددة على أن فلسفة المتاحف الحديثة تقوم على “التعاون لا التملك”، وأن نشر بيانات الملكية عبر المنصات الرقمية يعزز الثقة العامة ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع الدول الأصلية للقطع.
واختتمت الجلسة بعرض من مارسيل ماريه من المتحف البريطاني، تناول فيه شبكات تهريب الآثار وآليات غسل المصدر، موضحًا الأساليب التي يستخدمها الوسطاء لإخفاء مسار القطع عبر وثائق مزوّرة أو طرق شحن معقدة، مقدمًا تجربة المتحف في تطوير قاعدة البيانات العالمية CircArt لرصد تداول القطع الأثرية وتوثيق مساراتها بالتعاون مع الجهات الأمنية حول العالم.
وأكّد المشاركون على ضرورة تعزيز التكامل بين الأطر القانونية والبحثية والتقنية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، داعين إلى تأسيس منظومات وطنية ودولية لتبادل المعلومات حول القطع الأثرية المشتبه بها، وتكثيف برامج التدريب وبناء القدرات للعاملين في المتاحف والمراكز البحثية، بما يضمن توحيد معايير العناية الواجبة والشفافية في إدارة المقتنيات.
وأكّدت هيئة التراث على أن ما طرح من أوراق ونقاشات في هذه الجلسة يمثل خطوة متقدمة نحو بناء شراكات دولية فاعلة تسهم في صون التراث الإنساني وتعزيز حضور المملكة في المحافل الدولية تحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة 2030.
// انتهى //
15:02 ت مـ
0106