خبراء في القمة العالمية للحكومات يتبنون خيار العودة للماضي ..الألم قد يكون ضروريًا لخفض التضخم

من حاتم حسين.

دبي في 13 فبراير/ وام/ في عام 2013 ، تناول جوليو روتمبرغ الخبير الاقتصادي في جامعة هارفارد ما اطلق عليه سيناريو “الاعتراف بالخطأ والتوبة” الذي عادة ما يحدث عقب الأزمات الكبيرة التي تحدث مرة واحدة كل جيل من الزمن، مثل الكساد الاقتصادي في الثلاثينيات أو التضخم الكبير في السبعينيات أو الأزمة المالية العالمية 2007-2008 . حيث عادة ما يتم إلقاء اللوم على الفيدرالي الأميركي، الذي بدوره يقوم عادة بالتعامل بحنكة مع تلك الانتقادات وتغيير مسارها. ويشير روتمبرغ بحسب مجلة الايكونوميست البريطانية إلى أن صانعي السياسة النقدية عبر العالم منذ الكساد العظيم في الثلاثينيات ما انفكوا منخرطين في عملية امتدت لعقود من التجارب والأخطاء التي تنعكس سلبا على شعوب العالم.
خلال القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها دبي هذا الأسبوع قد يجد المتابع أن ذات السيناريو يعيد نفسه من خلال النقاشات الدائرة بكثافة

على المستوى الاقتصادي، فقد ارتفع معدل التضخم العالمي إلى 9.8٪ وبعد أن أمضت البنوك المركزية معظم عام 2021 في إصرارها على أن التضخم كان مجرد تطور عادي وطبيعي بعد جائحة كورونا وأنه من شأنه أن يتبدد في غضون بضعة أشهر، جاءت تلك البنوك نفسها وغيرت مسارها بشكل فجائي. فقد رفع 33 بنكًا مركزيًا حول العالم، بحسب بيانات بنك التسويات الدولية، الذي هو بمثابة البنك المركزي لمحافظي البنوك المركزي في العالم ، أسعار الفائدة في عام 2022. وشدد بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي السياسة النقدية بشكل أكثر حدة من أي وقت مضى منذ الثمانينيات. وتحدث أندرو بيلي ، محافظ البنك المركزي البريطاني عن “أكبر تحد لنظام السياسة النقدية لاستهداف التضخم” في تاريخه. وهكذا مثل الأطباء في العصور الوسطى الذين كانوا لا يترددون في إراقة الدماء للتخلص من الأمراض، يتحدث العديد من محافظي البنوك المركزية الآن بصرامة عن الألم الذي سيكون ضروريًا لخفض التضخم.
الجلسات النقاشية العميقة التي تتيحها القمة العالمية للحكومات تحت شعار “ استشراف حكومات المستقبل” هذا العام تؤكد انه حان الوقت للعودة للماضي من أجل استشراف المستقبل حينما عملت السياسات النقدية والمالية جنبا إلى جانب لنزع فتيل الانفاق المفرط من النظام المالي العالمي من أجل مواجهة التضخم حيث استطاعت بريطانيا وألمانيا واليابان كبح عجز ميزانياتها بشكل كبير في الفترة من 1978 إلى 1984. وكذلك فعلت فرنسا وكندا ذلك بوتيرة أقل. فالتغيرات في السياسة المالية والتنسيق بين القطاعين النقدي والمالي أمر حتمي من خلال التعاون الدولي.

فالسياسات الفردية التي تقوم بها الدول لن تكون كافية لعلاج الأزمة كما أشارت مدير الصندوق الدولي في حديثها أمام القمة، حيث أكدت كريستالينا جورجيفا إن السياسات المحلية ليست كافية لحل تحدٍ ملح آخر وهو تحدي الديون غير المستدامة. فعبء الديون يلقي بثقله على الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية. وأوضحت أن هذا يصيب الفئات الضعيفة أكثر من غيره، ولكنه أيضًا مشكلة مشتركة للمنطقة والعالم. “وهنا يأتي دور العمل الجماعي. ومع وجود العديد من الدائنين من القطاعين العام والخاص ، فإنه لا يمكن معالجة الديون غير المستدامة إلا من خلال التعاون متعدد الأطراف.”

الحل يكمن كما تقول المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونجو إيويالا في كلمتها أمام الجلسة الافتتاحية للقمة ..في تعزيز التعاون العالمي والعمل نحو “إعادة العولمة” ، بدلاً من ما وصفته ب”التشرذم “، أو السعي الذي تتبناه بعض الدول إلى فتح قنوات تعاون مع مجموعة صغيرة من الحلفاء .

وجهة نظر أخرى تطرحها كارلا حداد مارديني ، مديرة في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إذ ترى أن أي حل للأزمات التي يمر بها العالم لن يحدث من قبل كيان واحد بمفرده. فالتحديات كبيرة جدا والأزمات تزداد سوءا، وثمة مشاكل عالمية تحتاج إلى معالجة. واعتبرت في تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام) إن تعاون القطاعين العام والخاص مطلوب للوصول إلى حلول فعالة وسريعة ومستدامة.