
نيويورك في 28
سبتمبر /العُمانية/ أكّدت سلطنة عُمان اليوم على أنّ السلام العادل يُعدُّ ركيزة
أساسية لاستدامة الأمن والاستقرار والتنمية، وذلك أمام الدورة الثمانين للجمعية
العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك.
وألقى معالي
السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزيرُ الخارجية كلمة سلطنة عُمان قال فيها: إنّ
الأسرة الدولية تواجه اليوم طيفًا واسعًا من القضايا الحيوية، التي تؤرق ضمير
الإنسانية، وتتطلب منّا تضافرًا حقيقيًّا لمعالجتها بروح المسؤولية والتعاون، وقد
عبّرت سلطنة عُمان في مناسبات متعددة عن رؤيتها ومواقفها الواضحة حيال هذه
القضايا، وفي مقدمتها أزمة المناخ، والتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، فضلًا عن
الدعوة لاستثمار الفرص الجديدة في مجالات التجارة والتنمية المستدامة.
وأضاف معاليه:
إنّ هناك قضية إنسانية وسياسية عميقة الجراح ما تزال تقف في صدارة الأولويات
الملحّة، ويجب أن تتقدم على سواها في مداولاتنا وقراراتنا، ألا وهي القضية
الفلسطينية.
وذكر معاليه أنه
قد طال الأمد وتفاقمت المعاناة وبلغ السيل الزبى، وحان أوان إنهاء الاحتلال ورفع
الظلم، وإعادة الاعتبار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، من خلال تنفيذ حلّ
الدولتين، باعتباره السبيل العادل والوحيد نحو سلام دائم وشامل ينهي عقودًا من
الصراع والحرمان.
وأكّد معاليه
أنّ سلطنة عُمان تؤمن بأن السلام العادل يُعدُّ ركيزة أساسية لاستدامة الأمن
والاستقرار والتنمية، ومن هذا المنظور فإن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة
بعاصمتها القدس الشرقية يجب أن يكون في مقدمة الأولويات الاستراتيجية لبلوغ السلام
العادل والدائم في الشرق الأوسط؛ ولذلك فإنّ الاعتراف بدولة فلسطين هو الخطوة
الأهم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ القضية الفلسطينية.
وأشار معاليه
إلى أنّ سلطنة عُمان تُعبّر عن تقديرها العميق للحكومات التي اتخذت هذه الخطوة،
والتي ترسخ احترام القانون الدولي وتتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والإعلان
العالمي لحقوق الإنسان، وأنّ الاعتراف بفلسطين يجسّد التزام المجتمع الدولي بحلّ
الدولتين حسبما نصّت عليه قرارات الأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر حلّ الدولتين، وإعلان
نيويورك برعاية الأمم المتحدة.
وأكّد معاليه
على أنّ سلطنة عُمان ملتزمة بسياستها الثابتة بتحقيق الأمن والسلام العادل في
المنطقة، ولها مبادرات ومنجزات مشهودة في هذا المضمار وهي ما زالت تواصل جهودها
وتعاونها البنّاء مع كافة الأطراف والشركاء لبلوغ هذه الغاية النبيلة لمصلحة
الجميع.
وأفاد معاليه
بأننا نحتفل اليوم بمرور ثمانين عامًا على تأسيس منظمة الأمم المتحدة، هذا الكيان
الدولي الذي يجسّد التزامنا الجماعي بالعمل من أجل السلام، وتسوية النزاعات عبر
الحوار والوسائل السلميّة والقانونية.
ولفت معاليه أنه
ومع ذلك لا تزال إسرائيل تمعن في تجاهل نداءات المجتمع الدولي، وترفض الانخراط في
حوار جاد يفضي إلى حلًّ عادل وشامل، وبذلك فإن استمرارها في استخدام القوة وتغييب
صوت العقل يهدد مصداقية النظام الدولي، ومن هنا فإن مسؤوليتنا المشتركة تحتّم
علينا مضاعفة الجهود، وبذل الضغوط الفاعلة، لدفع إسرائيل إلى طاولة الحوار،
وإفهامها أن طريق السلام لا يمكن أن يرسم بالإملاءات أو فرض الأمر الواقع، بل
بالتفاهم والاحترام المتبادل للقانون الدولي وحقوق الشعوب.
وقال معاليه إنّ
سلطنة عُمان تدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات تقيد قدرة الحكومة الإسرائيلية
على الاستمرار في سياسة الإبادة الجماعية والتدمير والاحتلال غير المشروع للأراضي
الفلسطينية، واستمرارها في سياسة التجويع وفرض الحصار على الشعب الفلسطيني، ومنع
وصول المساعدات الإنسانية إليه.
وأضاف معاليه:
من هذا المنبر ندعو إلى حملة عالمية سلميّة لرفع الحصار والظلم عن الشعب
الفلسطيني، وتحريره بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة.
وتابع معاليه:
انطلاقًا من المواقف الثابتة والمبادئ الراسخة القائمة على دعم السلم والاستقرار
الإقليمي، والرفض القاطع للتعدي على سيادة الدول، تؤكّد سلطنة عُمان تضامنها
ووقوفها مع دولة قطر الشقيقة فيما تتخذه من إجراءات رادعة لحفظ أمنها وسيادتها
الكاملة على أراضيها، مجددة استنكارها للعدوان الإسرائيلي عليها يوم التاسع من
سبتمبر الجاري، كما نجدّد استنكارنا للعدوان الإسرائيلي على إيران وعلى اليمن
وسوريا ولبنان، وندعو لفرض عقوبات على إسرائيل جراء انتهاكاتها الصارخة للقانون
الدولي وتعديها غير المشروع على سيادة الدول.
ودعا معالي
السّيد وزير الخارجية الأسرة الدولية وفي مقدمتها الدول دائمة العضوية بمجلس
الأمن، تمكين الأمين العام من القيام بدوره في الوفاء بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة
في مجال الأمن والسلم الدولييْن، فضلاً عن مدّه بالتعاون اللازم لبلوغ أهداف
التنمية المستدامة، وخاصة فيما يتعلق بتحفيز النمو الاقتصادي الشامل للأمم، وتوفير
فرص العمل، وتشجيع الابتكار، بما يُسهم في تنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية،
ومكافحة الفقر والمرض وتحقيق الأمن الغذائي والأمن الصحي وأمن الطاقة.
وأكّد معاليه
على أنّ سلطنة عُمان تولي التعليم والصحة أولوية خاصة، لكونهما حقّيْن أساسييْن
للجميع، وركيزتيْن رئيستيْن للتنمية، كما تولي اهتمامًا عاليًا بالتحول الرقمي،
إلى جانب تطبيقات الذّكاء الاصطناعي والابتكار والتصنيع، وترسيخ منظومة الحماية
والعدالة الاجتماعية والأمان الوظيفي.
وذكر معاليه أنّ
سلطنة عّمان تؤكّد دعمها المتواصل للشباب وتمكينهم بالعلم والمعرفة، باعتبارهم قطب
الرحى للتنمية، والقوة الدافعة للابتكار والنماء والاقتصاد المعرفي، حيث نواصل
العمل على إيجاد الفرص وتنويعها بما يُتيح لهم توظيف مهاراتهم والمساهمة في بناء
المستقبل.
ووضّح معاليه
أنّ العالم اليوم يمر بإحدى أكثر الفترات تعقيدًا وصعوبة، حيث تتزايد الأزمات
الدولية، وتتقاطع التحدّيات السياسية والاقتصادية والإنسانية بصورة غير مسبوقة،
وفي خضم هذه الظروف الدقيقة نشهد عجزًا واضحًا لدى المجتمع الدولي عن اتخاذ قرارات
حاسمة وفعالة تسهم في نزع فتيل النزاعات، أو التخفيف من معاناة الشعوب المتضررة،
ومعالجة الأزمات بمنظور شامل وعادل، ولكن رغم هذه التحدّيات فإن ما نعيشه اليوم
يمثل فرصة حقيقية أمامنا لإعادة تصحيح المسار، وتجديد أسس العمل الدولي المشترك نحو
مستقبل يسوده العدل والإنصاف.
وفي ختام كلمته
قال معالي السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزيرُ الخارجية: فلنجدد في هذه الجمعية
العامة تمسكنا الجماعي الصادق بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني،
وبالمبادئ الراسخة لميثاق الأمم المتحدة، مع الدعوة إلى تعزيز دور هذه المنظمة
الأممية ومؤسساتها المتفرعة كافة، لتضطلع بدور أكبر في ترسيخ الأمن والسلم
الدولييْن، ونشر مظلة التنمية المستدامة، وترسيخ ثقافة العدالة والتسامح والاحترام
المتبادل. فهذا هو السبيل لتحقيق تطلعات الشعوب في الحرية وبلوغ الرخاء وصناعة
مستقبل مزدهر يسوده الإنصاف والاستقرار.
/العُمانية/
ياسر البلوشي