“فضاءاتُ الحرف …ورحلةُ المُحَقّق” ورشتان تستعرضان أصالة الخط العربي في مهرجان البدر

الفجيرة في 22 سبتمبر /وام/ شكّلت ورشتا “فضاءات الخط العربي”، و”رحلة خطّ المُحَقّق والعودة من جديد” محطتين فنيّتين ومعرفيتين عميقتين، أسهمتا في استكشاف أسرار الخط العربي والاقتراب من جمالياته البصرية والفنية، وذلك في إطار فعاليات اليومين العاشر والحادي عشر من مهرجان البدر في دورته الرابعة المقامة بمركز الفجيرة الإبداعي وتختتم الخميس المقبل.
وسلّط الخطّاط والفنان بمدرسة الخط والزخرفة بالفجيرة محسن نصّار، في ورشةٍ فنية بعنوان “فضاءات الخط العربي”، الضوء على تجربة الخطاط التركي الشهير محمد شوقي الذي عُرف بمدرسته الخاصة في الخط العربي، مستعرضاً خلال الورشة ثلاثة محاور رئيسية أولها الأثر الجمالي والروحي لعبارة “ربي يسّر ولا تعسّر”، وثانيها الجوانب الشخصية والفنية من حياة الخطّاط محمد شوقي، كنموذج ملهم، أما المحور الثالث فتناول الأصول الفنية لكتابة هذه العبارة وفق القواعد الكلاسيكية لفن الخط العربي.
وأكد نصّار، خلال الورشة أهمية فهم أصول الخط العربي موضحاً أن جماليات الحرف تعتمد على مقاييس دقيقة أبرزها “النقطة” كوحدة للقياس، ومدى تأثير الميل الحرفي والمدود المقوسة في خلق توازن بصري داخل الكلمة، كما انقسمت الورشة إلى جانب نظري وآخر عملي؛ حيث تفاعل الحضور مع شرح جملة مختارة، ودار نقاشٌ مفتوح بين مقدم الورشة والجمهور، ما أضفى طابعاً تفاعلياً ثريّاً جمع بين المعرفة والتجربة الحسية في فن الخط.
أما ورشة “رحلة خط المُحَقّق والعودة من جديد” لأستاذ فن الخط في مؤسسة الشارقة للفنون ياسر العشري، فركّزت على تطوّر خط المُحَقّق عبر المراحل التاريخية بدءاً من نشأته في الدولة الأموية، مروراً بازدهاره في الدولة العباسية، ووصولاً إلى اعتماده وكتابته في الدولة العثمانية.
واستعرض مقدم الورشة أبرز الأساتذة والخطّاطين الذين أسهموا في تطوير هذا الخط ودمجه ضمن منظومة “الأقلام الستة” وهي خط المُحَقّق، والثُلث، والنسخ، والريحاني، والتواقيع، والرقاع، مشيراً إلى فترة ازدهار المُحَقّق التي امتدت لنحو 500 عام وعودته الحديثة إلى الواجهة بعد اندثاره، من خلال الورش والمحاضرات التي تسعى إلى إحياء هذا الفن العريق وإبرازه مجدداً في المشهد الفني والخطّي المعاصر.
كما تناول العشري، السماتِ الجماليةَ والفنية التي تميّز بها خطّ المُحَقّق عن غيره مع شرح الفروق الدقيقة والتشابهات بينه وبين خطّ الثُلث من حيث التكوين والأسلوب، واختتم الورشة بكتابة حيّة ومباشرة لنصوص باستخدام خطّ المُحَقّق مقدماً للحضور تجربة بصرية ومعرفية متكاملة كشفت عن عمق هذا الفن وأصالته، وسط تفاعلٍ لافتٍ من الحضور خاصة من المهتمين بفنون الخط العربي وتاريخه العريق.
ويتواصل البرنامج اليومي لمهرجان البدر بمركز الفجيرة الإبداعي بتقديم باقة متنوعة من الورش الفنية التي تحتفي بالسيرة النبوية والفنون الإسلامية، كما يفتح معرض البدر أبوابه يومياً من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الثامنة مساءً.