
عواصم في 3 مارس
/العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا مختلفة
أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها وتتعلق بتدهور العلاقات
الأمريكية الأوروبية، وترامب وبوتين يكتبان التاريخ الأوروبي الجديد، والتطور
الإستراتيجي اللافت بين أوروبا والولايات المتحدة.
فنشرت صحيفة
“ديلي صباح” التركية مقالا بعنوان “من الهيمنة إلى العزلة: تدهور
العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا” بقلم الكاتب “محي الدين أتامان”.
قال الكاتب في
مستهل مقاله ” في الآونة الأخيرة، بدأ العديد من الساسة والأكاديميين في
مناقشة الوضع الحالي للنظام العالمي ومستقبله. في حين يزعم البعض أن الهيمنة
الغربية، أو بالأحرى الأمريكية، قد انتهت، يزعم آخرون أن الولايات المتحدة تحاول
استعادة هيمنتها العالمية”.
وأشار إلى أن
الأكاديميين الأمريكيين كانوا قد بدأوا بالفعل في مناقشة تدهور الهيمنة الأمريكية
منذ أوائل ثمانينات القرن العشرين.
وعلى سبيل
المثال، وصف الكاتب الأمريكي “روبرت كوهان” ثمانينات القرن العشرين
بأنها “فترة ما بعد الهيمنة”. أو بعبارة أخرى، فإن الهيمنة الأمريكية
الإشكالية وغير الكافية مستمرة فقط لأن أي قوة عالمية أخرى لا تدعي تولي مسؤوليات
الهيمنة.
وأضاف الكاتب أن الولايات المتحدة، بالتعاون مع حلفائها الغربيين، حاولت تعزيز هيمنتها
العالمية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991. كما كان إنشاء منظمة التجارة
العالمية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمثابة المؤشرات الرئيسة على الليبرالية
الاقتصادية والسياسية الخاضعة لسيطرة الغرب. إلا أن ذلك لم يدم طويلاً. فبعد
الهجوم الإرهابي الذي وقع في الحادي عشر من سبتمبر، بدأت الولايات المتحدة سياسة
عالمية جديدة قائمة على الصراع، حسب رأي الكاتب.
وخاصة بعد الدعم
الاقتصادي والمالي في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، توقفت الولايات
المتحدة عن توفير السلع العامة العالمية، وأهمها السلام والاستقرار الدوليان،
وبدأت الولايات المتحدة تدريجيا في تقويض قرارات المنظمات الدولية العالمية ومبادئ
القانون الدولي، وفقا لرأي الكاتب.
ولفت إلى أنه بعد
عملية طوفان الأقصى، العملية العسكرية واسعة النطاق التي شنتها حركة المقاومة
الفلسطينية حماس ضد الاحتلال الإسرائيلي، بدأت الولايات المتحدة في انتهاك معظم
قرارات المؤسسات الدولية.
ونوه إلى أنه من
خلال تقديم الدعم غير المشروط للإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة، تجاوزت
الولايات المتحدة ومعظم حلفائها الغربيين جميع الخطوط الحمراء من خلال انتهاك جميع
مبادئ القانون الإنساني وحقوق الإنسان الأساسية وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد
الإنسانية وإبادة جماعية بحق المدنيين في دولة فلسطين المحتلة، مضيفا أن الاستمرار
في تقديم الدعم غير المشروط لسياسة الإبادة الجماعية الإسرائيلية سيسهم بشكل كبير
في عزل الولايات المتحدة، حسب رأي الكاتب.
وأشار إلى أن
الحكومة الأمريكية الحالية تحاول حل بعض القضايا الإقليمية والعالمية من خلال
التفاوض فقط مع عدد من القوى العالمية الرادعة مثل الصين وروسيا. ويبدو أنها عازمة
على تجاهل تفضيلات جميع الدول الأخرى، بما في ذلك الدول الأوروبية.
كما أن إدارة
ترامب لم تتشاور مع حلفائها الأوروبيين بشأن القضية الأوكرانية الروسية، ولم تدع
الحكومة الأوكرانية إلى طاولة المفاوضات لحل الصراع الأوكراني الروسي.
ويرى الكاتب أنه من خلال اتباع سياسة عالمية أحادية وتدخلية شرسة، فإن الحكومات الأمريكية
الأخيرة، بما في ذلك إدارة ترامب الحالية، سوف تعمل على عزل الولايات المتحدة بشكل
أكبر في السياسة العالمية، ومن المثير للاهتمام أن نشاهد كيف تعمل الولايات
المتحدة على تهميش ليس فقط الدول
المحايدة ولكن أيضا حلفائها، ومن الواضح أنه كلما طالت مدة قيامها بذلك، أصبحت أكثر عزلة، وكلما استفادت القوى العالمية المنافسة من هذا الوضع.
وذكر الكاتب أن
الولايات المتحدة تحاول في الآونة الأخيرة جعل كل الدول تعتمد عليها بالقوة، حيث
تطالب الدول الأوروبية، الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، بزيادة ميزانياتها الدفاعية
إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لكل منها، ما يعني زيادة الاعتماد على
الولايات المتحدة، لأنها ملزمة بشراء الأسلحة عالية التقنية من الولايات المتحدة
فقط. وبعبارة أخرى، فإن هذا المسعى لا يهدف إلى زيادة القوة الرادعة للدول
الأوروبية، بل إلى زيادة اعتمادها على الولايات المتحدة.
وأضاف أنه من
الطبيعي أن تتسبب كل هذه المطالب في انعدام الثقة بين الولايات المتحدة وقارة
أوروبا. وعلى وجه الخصوص، أظهرت وجهة نظر ترامب بشأن المسألة الأوكرانية للدول
الأوروبية أن الولايات المتحدة قد تترك أي حليف بمفرده في خضم الأزمة. وأصبحت
أوكرانيا أحدث مثال على تخلي الولايات المتحدة عن حليفها.
وقال الكاتب في
ختام مقاله “من المفهوم أن الدول الأوروبية أصبحت الآن أكثر تشكّكا في المظلة
الأمنية الأمريكية. ويتعين على دول أوروبا الغربية في نهاية المطاف أن تجد بدائل
أخرى لمستقبل أمنها الوطني”.
وفي سياق متصل،
نشرت صحيفة “اكسبريس تريبيون” الباكستانية مقالا كان عبارة عن تساؤل
مفاده “ترامب وبوتين: هل هما مؤلفا التاريخ الأوروبي الجديد؟ بقلم الكاتب
” الدكتور محمد علي إحسان”.
وأشار الكاتب في
بداية مقاله إلى أنه منذ تولي إدارة ترامب الجديدة السلطة، أثيرت العديد من الأسئلة
حول قضايا السياسة الخارجية والدبلوماسية والجغرافيا السياسية والبيئة المستقبلية
الشاملة التي ستدار في ظلها العلاقات الدولية. كما أن عهد إدارة ترامب ستوجد نقطة
تحول جديدة في التاريخ الأوروبي والتي برزت كأحد الافتراضات الرئيسة.
وقال في مقاله إن ترامب يعمل على تهميش أوروبا ويكاد يفاجئها في الوقت الذي يمضي فيه قدماً نحو
التوصل إلى اتفاق معقول لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. كما أن الأخير طالب من
أوروبا أن تبذل المزيد من الجهد من أجل الحفاظ على أمنها، وفي القيام بذلك تعمل إدارة
ترامب على دق إسفين في حلف التحالف عبر الأطلسي في المستقبل.
وذكر أن الدول
داخل الاتحاد الأوروبي تشعر بالقلق بشأن ما إذا كان ينبغي لها إنفاق المزيد على
برامج الرعاية الاجتماعية لضمان بقائها السياسي أو إنفاق المزيد على الدفاع، ولا
يعني هذا فقط زيادة إنفاقها الدفاعي (حوالي 3 في المائة من الناتج المحلي
الإجمالي) تجاه حلف شمال الأطلسي بما يتماشى مع الطلب الأمريكي، بل أيضًا دعمها
المستمر للحرب في أوكرانيا.
ويسعى الرئيس
الأمريكي ترامب إلى تقليص المخاطر والتكاليف الباهظة التي تدفعها الولايات المتحدة
لخوض حرب أوروبية. وفي الأيام المقبلة، قد يواجه الاتحاد الأوروبي خفضًا في القوات
الأمريكية في القارة، وإذا ما انسحبت الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي
بالكامل، وهو احتمال وارد، فسوف تضطر الدول الأوروبية إلى النظر إلى هذا التطور
باعتباره تهديدًا وجوديًّا، متسائلا الكاتب في الوقت ذاته “كيف ستستجيب أوروبا
لهذا التهديد؟”.
واستعرض الكاتب
بعض السيناريوهات في ضوء هذه التطورات العالمية، أولها: هل ستذهب أوروبا وحدها
لدعم الحرب في أوكرانيا؟ إذا فعلت ذلك، فلن يكون لدى الأمريكيين أي ضمانات أمنية
يمكنهم تقديمها لبقية أعضاء حلف شمال الأطلسي بموجب المادة الخامسة، وهو ما يعني
في الأساس موت حلف شمال الأطلسي.
وإذا حدث ذلك
بالفعل، ستضطر أوروبا بعد ذلك إلى استبدال كل القدرات الاستراتيجية التي تتحالف
فيها مع الأمريكيين، كما سيتعين عليها أن تضع الاقتصاد الأوروبي على أهبة
الاستعداد للحرب. ونتيجة لكل ذلك، سيتعين على الدول الأوروبية أيضا إنشاء صناعات
دفاعية جديدة لتحمل عبء استراتيجية الأحادية، وقد لا تتمكن بلدان الاتحاد الأوروبي
من تحمل كل هذا على حساب الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وفي المقابل،
أشار الكاتب إلى أنه من وجهة نظر روسيا، لا ينبغي أن تكون الاستراتيجية النهائية
للحرب الأوكرانية مجرد إنهاء هذه الحرب، بل تحقيق أهداف أكبر في السياسة الخارجية.
كما أبدى الرئيس
الأمريكي ترامب بالفعل استعداده لقبول معيارين رئيسين حددتهما روسيا لحل هذا
الصراع مفادهما لن تكون أوكرانيا جزءا من حلف شمال الأطلسي، وسيتم ضمان حيادها في
المستقبل؛ وستحتفظ روسيا بشبه جزيرة القرم وأقاليمها الأربعة.
وأضاف أنه
يتعين على روسيا أن تناقش البنية الأمنية الشاملة في أوروبا. كما ينبغي لروسيا في
هذه المرحلة أن تسعى إلى الحصول على ضمانات أمنية أكبر من إدارة ترامب، وهو ما من
شأنه أن يشير إلى أن نقاط الاشتعال مثل بحر البلطيق والقطب الشمالي والبحر الأسود
لن تتحول إلى بؤر ساخنة ولن يتم استفزاز روسيا مجدّدا لخوض حرب أخرى.
ويتوقع الكاتب أنه من شأن هذه التطورات آنفة الذكر أن تشكل معضلة أمنية لكل من أوروبا الغربية
وأوكرانيا وأوروبا الشرقية، تتلخص في الاختيار بين البقاء كجزء من الاتحاد
الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الضعيفين أو العودة إلى مجال النفوذ الروسي.
والسؤال الحقيقي
الذي يطرحه الكاتب في مقاله يتمثل في هذا الافتراض، فهل روسيا والولايات المتحدة
باعتبارهما طرفين رئيسين، قادرتان على الثقة في بعضهما البعض بالقدر الكافي في حال
التوصل إلى اتفاق.
وطرح الكاتب
السؤال الأساسي الذي لا يزال يفرض نفسه على الأمريكيين ومفاده: من هو العدو؟ فمن
خلال إخراج روسيا من العزلة الدولية، قد يرى الرئيس ترامب أن الرئيس بوتين يميل على
الأقل إلى البقاء على الحياد إن لم يكن إلى الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة ضد
الصين. كما أنه من المؤكد على أن الأمريكيين سوف يتجهون نحو آسيا بعد تسوية الأمور في
مسرحي الحرب الآخريْن وهما أوكرانيا والشرق الأوسط.
ويعتقد الكاتب
في ختام مقاله بأن أفضل استراتيجية لروسيا في الأيام المقبلة تتمثل في الاستفادة من
منصب الرئيس ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، واستعادة مجال نفوذها، ومواصلة
شراكتها غير المحدودة مع الصين، ولعب دور نشط في الأحداث التي تؤدي إلى تغيير في
كيفية عمل العالم في المستقبل في ظل نظام عالمي متغير قد تظهر فيه روسيا كطرف بارز.
وليس ببعيد عن
التطورات في مشهد العلاقات الأوروبية الأمريكية في خضم الصراع الروسي الأوكراني،
طالعتنا صحيفة “إلباييس” الإسبانية بافتتاحية عنوانها “ترامب يغير
موقفه من الحلفاء”.
وقالت الصحيفة في
مستهل افتتاحيتها “لا نعرف تفاصيل خطة السلام التي وضعها الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب لأوكرانيا، ولكن بعد أسبوع كارثي للعلاقات عبر الأطلسي، يمكننا القول
إنها بمثابة فشل للشعب الأوكراني، ولأوروبا، وللقانون الدولي”.
وأضافت أن
تصويت يوم الاثنين الماضي في الأمم المتحدة، عندما أظهرت كل من واشنطن وموسكو
تحالفًا جديدًا يصطف فيه ترامب علنًا مع نظام بوتين في مواجهة الاتحاد الأوروبي
والدول الديمقراطية يعد تغييرا لافتا في موقف الولايات المتحدة تجاه أولئك الذين
كانوا حلفاء لها لمدة 80 عامًا.
وأبدت الصحيفة
استياءها من المواقف العدوانية التي تبناها دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس
لإفساد جهود العديد من القادة الأوروبيين والدبلوماسية الأوكرانية للتوصل إلى
اتفاق عادل لوقف إطلاق النار.
وبقدر ما استخدم
الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” وورئيس الوزراء البريطاني “كير
ستارمر” كل مهاراتهما الدبلوماسية خلال الأسبوع الحالي في زياراتهما للبيت
الأبيض، فقد ذهبت ثمار الحكمة أدراج الرياح في مواجهة الغضب الذي أثارته شجاعة
الرئيس الأوكراني زيلينسكي في دفاعه عن الحقيقة أمام الرئيس الذي يمثل الحزب
الجمهوري.
وذكرت الصحيفة أن تلك الحقيقة تتمثل في أن روسيا هي التي بدأت الحرب وأنه من غير المجدي بالنسبة
لكييف أن تعقد اتفاقًا مع موسكو دون ضمان أن الرئيس الروسي بوتين سيفي بالاتفاق لأن سياسة الصفقة المبرمة التي يحاول الرئيس الأمريكي ترامب فرضها على نظيره
الأوكراني تبدو إلى حد كبير مثل صك مفتوح للزعيم الروسي.
وأضافت أن
الكارثة التي شهدناها هذا الأسبوع أعمق حتى من الفجوة بين الجانبين الأوكراني
والأمريكي. لقد بدأت خطة ترامب بأسوأ طريقة ممكنة: بتسليم روسيا جميع أوراق
المساومة. كما أن الإلحاح الذي أظهره البيت الأبيض يتناقض مع الكرملين الذي لا
يتعجل إنهاء حرب استنزاف ستكون دائمًا باهظة الثمن.
وتعتقد الصحيفة
بأنه على ما يبدو أن كل ما طالب به بوتين أصبح جاهزًا للتنفيذ من قبل ترامب: فلن
تنضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، وستضم روسيا المقاطعات المحتلة ولن يكون هناك
جنود أمريكيون على الأراضي الأوكرانية.
بالإضافة إلى كل
ذلك، سيتم رفع العقوبات المفروضة على روسيا، والتي ستعود للانضمام إلى مجموعة
الدول السبع. وكما فعلت يوم الاثنين الماضي في الأمم المتحدة، ستدافع واشنطن عن
موسكو في المحافل الدولية خلال هذه العملية.
إن لم يتغير شيء
في واشنطن، فإن الأمر متروك الآن لأوروبا لتقديم الضمانات التي تحتاجها أوكرانيا،
دون ادخار أي نفقات أو مخاطر، وهو الأمر الذي سيخلف حتمًا تداعيات على حياة
الأوروبيين.
وختمت الصحيفة
افتتاحيتها بالإشارة إلى أن دعوة رئيس الوزراء البريطاني لعقد اجتماع في لندن مع
زعماء القارة سوف تعطي مقياسًا لحقيقة الاعتراف العلني بالوحدة التي تتركها
الولايات المتحدة لأوكرانيا وأوروبا في مواجهة بوتين، والخطاب السياسي الأساسي
الموجّه إلى الرأي العام الذي لابد وأن يكون على دراية بالتغيير العميق الذي يمر به
العالم.
العُمانية
خالد البوسعيدي
/ أنس البلوشي