متحفُ التّراث الرّيفي في إيران.. حين تضمّ الطبيعة الذّاكرة الثقافيّة

جيلان في 15 سبتمبر /العُمانية/ في قلب الغابات الكثيفة، وبالقرب من مدينة رشت شمال
غرب إيران، يقع أحد أبرز المعالم الثقافية بإيران، وهو متحف “جيلان للتراث
الريفي” أول متحف بيئي مفتوح في إيران، وأحد النماذج الفريدة التي تجمع بين
العمارة التقليدية والحياة الريفية والهُوية الثقافية.

وتعود فكرة إنشاء هذا المتحف إلى ما بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جيلان عام 1990،
وأدى إلى فقدان عدد كبير من البيوت والأنماط المعمارية التقليدية، في خطوة مهمة
للحفاظ على هذا التراث من الاندثار، فبدأ مشروع ضخم لجمع نماذج من العمارة
الريفية، ونقلها إلى موقع واحد لتشكيل متحف حيّ ينبض بالحياة.

وفي حوار مع وكالة الأنباء العُمانية قالت الباحثة الإيرانية في التراث الثقافي
ريحانة موسوي، إن المتحف يتربع على أرض تبلغ مساحتها حوالي 263 هكتارًا ويضم أكثر
من 80 مبنى تقليديًّا تم جلبها من قرى مختلفة وإعادة تركيبها بعناية، وبينها منازل
خشبية بأسطح مائلة وأعمدة مرتفعة، وأفران طينية، وحظائر ومخازن الأرز وهي تعكس بساطة
الحياة الريفية وتُظهر تناغم الإنسان مع الطبيعة.

وأضافت أن متحف التراث الريفي تم تشييده بالتعاون مع متحف الألزاس الفرنسي وتحت
إشراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”.

ووضحت أن المتحف يضم كل ما يتعلق بالتراث الثقافي الذي يعكس حياة المجتمعات
الريفية وفي مقدمتها العمارة التقليدية مثل البيوت المصنوعة من الطين أو الخشب
والمزارع القديمة والطواحين بالإضافة إلى الأزياء التقليدية التي يرتديها أهل
الريف والحرف اليدوية.

وأكدت الباحثة الإيرانية في التراث الثقافي على أن المتحف لا يقتصر على عرض صامت
للعمارة، بل يُقدّم تجربة تفاعلية كاملة حيث يتم عرض الطقوس والعادات مثل الأعراس
الريفية وطقوس الزراعة والحصاد وأيضا طهي وتحضير الأطعمة والمشروبات التي تعكس
الثقافة الغذائية للمناطق الريفية.

وأشارت إلى أن الموسيقى والفنون الشعبية مثل الأغاني الريفية والرقصات الفلكلورية
والحكايات الشفوية تشكّل أيضا حيزًا بارزًا من فعاليات المتحف على مدار العام.

وبيّنت أن التراث الريفي يمثل ذاكرة الشعوب الزراعية ويعكس علاقتها بالطبيعة
وأنماط عيشها البسيطة والمترابطة بالمجتمع والأرض، مؤكدة على أنه من هذا المنطلق
يتضمن المتحف أراضي مزروعة بالأرز والشاي وهي تُدار بالطرق التقليدية، إلى جانب
عرض أدوات الزراعة القديمة، مما يعكس العلاقة الوثيقة بين الأرض والثقافة.

كما أشارت إلى أن المتحف يوفر فضاءً بحثيًّا للباحثين والمختصّين وفرصة لاستكشاف
التراث المعماري والثّقافي الغنيّ لمنطقة شمال إيران، والتعرّف على حياة سكانها
عبر القرون.

/العُمانية/ النّشرة الثقافيّة/ شيخة الشحيّة