
رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن: العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا تشهد تحولا غير مسبوقمن عبدالناصر جبارةميونيخ (ألمانيا) – 16 – 2 (كونا) — قال رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن كريستوف هويسغن اليوم الأحد إن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية تشهد “تحولا غير مسبوق”.جاء ذلك في خطاب ألقاه هويسغن في ختام أعمال الدورة ال61 من المؤتمر التي شارك فيها وفد من دولة الكويت برئاسة سمو الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء إلى جانب أكثر من 60 رئيس دولة وحكومة و100 وزير خارجية ودفاع إضافة إلى ممثلي منظمات دولية وشخصيات بارزة في الأمن والسياسة والاقتصاد.ووصف الدورة الحالية من المؤتمر بأنها “الأهم على الإطلاق” منذ التأسيس عام 1964 كونها تأتي وسط عدد من المتغيرات الدولية المهمة من أبرزها سعي الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إقامة أسس جديدة للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي ووضع نهاية للحرب الأوكرانية الروسية.وسلم هويسغن الرئاسة إلى الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الذي سيقود مؤتمر ميونيخ للأمن ابتداء من دورة العام المقبل.وبحث المشاركون خلال أعمال الدورة من خلال الخطابات والحلقات النقاشية واللقاءات الثنائية التي عقدوها على أمد ثلاثة أيام التحديات الأمنية التي تواجه العالم بدءا بالحرب الأوكرانية مرورا بالعلاقات بين ضفتي الأطلسي في ظل إدارة أمريكية جديدة تسعى إلى وضع هذه العلاقات على أرضية جديدة وصولا إلى الصراعات الدولية والتحديات المناخية والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والمعوقات التي تقف في وجه تعزيز التعاون الدولي.واستحوذت الحرب الروسية ـ الأوكرانية والاقتراحات الأمريكية الجديدة بخصوص إيقاف هذه الحرب والتوصل لاتفاق سلام على معظم مناقشات هذه الدورة.فمن جانبه أكد الوفد الأمريكي بقيادة فانس وروبيو موقف الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن ضرورة إنهاء هذه الحرب بسرعة في حين حذر مسؤولون أوروبيون رفيعو المستوى من التوصل لاتفاق بين واشنطن وموسكو من دون إشراك الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا في المفاوضات.أما شولتس فطالب الأوروبيين بتوحيد المواقف وتعزيز القدرات الدفاعية والعسكرية الأوروبية واستثمار المزيد من المال في النفقات الدفاعية والأمن.وقال المستشار الألماني في خطاب ألقاه في اليوم الثاني للمؤتمر إن الأمر يتطلب رفع قيمة ما يعرف ب”صندوق الاستقرار” وتخصيص المزيد من الأموال في النفقات الدفاعية قائلا إن بلاده “مستعدة للاستثمار في الأمن والاستقرار في أوروبا”.ووصف التغيرات الكبيرة في العلاقات بين ضفتي الأطلسي بأنها مفصلية قائلا إنها “ساعة أوروبا”.وتعهد شولتس بمواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا قائلا إن أي اتفاق سلام يجب ألا يأتي على حساب الأوكرانيين أو الأوروبيين ويجب أن يضمن بقاء أوكرانيا من الناحية العسكرية قوية بما يسمح لها الدفاع عن نفسها أمام أي “اعتداء” روسي في المستقبل.من ناحيتها أكدت فون دير لاين في حلقة نقاشية ضرورة تخصيص الموارد اللازمة لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية مطالبة بتغيير معايير تكبد الديون حتى تكون الحكومات الأوروبية قادرة على زيادة موازناتها العسكرية والاستثمار في مجال الدفاع.أما زيلينسكي فأعرب عن اعتقاده بضرورة تشكيل “قوات أوروبية مشتركة” حتى تصبح أوروبا “مستقلة” معتبرا أن “العلاقات القديمة” التي تربط الولايات المتحدة وأوروبا “في طور الانتهاء”.بدوره حث روته الأوروبيين على إظهار المزيد من القوة وتقديم “اقتراحات جيدة” بخصوص الاقتراحات الأمريكية الجديدة الرامية إلى إنهاء الحرب الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022.وقال روته إن على الدول الأوروبية التفاعل بقوة مع الاقتراحات الأمريكية الجديدة مضيفا أنه “إذا أراد الأوروبيون المشاركة في عملية المباحثات فعليهم أن يجعلوا أنفسهم مهمين” وعليهم تقديم “اقتراحات جيدة”.وتأتي جميع هذه التصريحات على خلفية اقتراحات أمريكية بخصوص إنهاء الحرب في أوكرانيا لا سيما بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي إجراء مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول الحرب الأوكرانية من دون التنسيق مع الاتحاد الأوروبي أو مع حكومة كييف.وشهد المؤتمر كذلك إعلان كل من الولايات المتحدة وأوروبا البدء في الأسبوع المقبل بالتحضيرات اللازمة والاستعدادات للمساعي الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.وفيما نقلت تقارير لموقع (بوليتيكو) ولقناة (سي .إن .إن) الأمريكية عن وزير الخارجية الأمريكي روبيو قوله إنه سيجتمع مع مسؤولين روس رفيعي المستوى لبحث سبل إنهاء الحرب قال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي إن الرئاسة الفرنسية دعت إلى قمة لزعماء دول الاتحاد الأوروبي في باريس غدا الاثنين الأمر الذي أكده اليوم وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في مقابلة مع إذاعة (فرانس إنتر) الفرنسية.وشهد المؤتمر سجالا بين نائب الرئيس الأمريكي والمسؤولين الألمان حول العلاقة مع اليمين المتطرف لا سيما بعد انتقاد فانس ما وصفه ب”إقصاء” الحزب اليميني المتطرف (البديل من أجل ألمانيا) من النقاش السياسي في وقت تستعد فيه ألمانيا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 23 فبراير الجاري.وانتقد فانس في خطاب الزعماء الأوروبيين واتهمهم بممارسة الرقابة على حرية التعبير وما يعرف في ألمانيا ب”جدار الحماية” الذي أقامته الأحزاب الألمانية الرئيسية من أجل حظر أي تعاون مع حزب (البديل) أو أي حزب يميني متطرف آخر.وعلق شولتس على ذلك بالقول إن هذه التصريحات “غير مناسبة وخصوصا بين الأصدقاء والحلفاء” مضيفا أن حكومة بلاده ترفض ذلك بشدة لأن هناك “أسبابا وجيهة” تدعو إلى عدم العمل والتعاون مع حزب (البديل من أجل ألمانيا).ورد وزير الخارجية الفرنسي على تصريحات فانس قائلا في حلقة نقاش إنه “ليس مطلوبا من أحد أن يتبنى نموذجنا لكن لا يمكن لأحد أن يفرض نموذجه علينا لأن حرية التعبير مكفولة في أوروبا” في إشارة منه إلى تصريحات فانس.وقال مراقبون إن دورة هذا العام تعتبر من أهم دورات المؤتمر منذ تأسيسه في عام 1994 نظرا للشرخ الذي تعيشه العلاقات بين ضفتي الأطلسي ووصول الحرب الروسية ـ الأوكرانية إلى مستوى متقدم من التصعيد إلى جانب الصراعات الدولية الأخرى ومنها التطورات في منطقة الشرق الأوسط وظهور بوادر حرب تجارية بين الولايات المتحدة من جهة والصين والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى على خلفية رفع الحواجز الجمركية أمام الواردات الأمريكية.وتضمنت قائمة أبرز الشخصيات التي شاركت في المؤتمر كلا من الرئيس الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.كما شارك في المؤتمر من الولايات المتحدة كل من نائب الرئيس الأمريكي جي ديه فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو إضافة إلى وفد كبير من المشرعين الأمريكيين.يذكر أنه إلى جانب الفعاليات الرئيسية للمؤتمر السنوي تم تنظيم قرابة 200 فعالية موازية. (النهاية)ع ن ج / م ع ع