
طهران في 8 سبتمبر /العُمانية/ تشكّل آلة السنتور قلب الموسيقى الكلاسيكية
الإیرانیة، وهي واحدة من أبرز رموز الهوية الثقافية، إذ إنها ليست مجرد آلة
موسيقية، بل هي تجسيد فني لصوت التاريخ والروح الشرقية التي تعبّر عن الشجن والجمال
والدقة.
وتصدر آلة السنتور صوتًا عذبًا، صافياً ومتنوع الطبقات يلامس الروح قبل
الأذن، حيث تعد هذه الآلة الموسيقية العريقة مكوّن من مكوّنات الذاكرة الثقافية
الإيرانية وهي رفيقة الشعراء في لحظات التأمل وصاحبة الحضور الثابت في المجالس
الفنية والثقافية.
وقال الباحث الإيراني في الموسيقى التقليدية آرش ايزدان لـوكالة الأنباء
العُمانية: إن أصول السنتور يُعتقد أنها تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد، وبحسب
المستندات التاريخية فقد ظهرت أولى أشكالها في بلاطات الإمبراطورية الفارسية
القديمة، وتُعد من أقدم الآلات الموسيقية الوترية في العالم.
وأضاف أن العديد من المؤرخين أشاروا إلى وجود رسوم قديمة تُظهر السنتور في
مجالس الملوك، مما يعكس مكانتها الرفيعة في الفنون الإيرانية الكلاسيكية.
وأكد على أن هذه الآلة تتميز بقدرتها على إنتاج نغمات دقيقة ومتنوعة
الطبقات، مما يجعلها مثالية للعزف الفردي والمرافقة الصوتية، حيث يُطرَق على
الأوتار بدقّة ونعومة مما يعكس فلسفة التوازن بين القوة والرقة والعقل والعاطفة، ما
يجعلها ترتبط بالموسيقى التأملية.
وأوضح أن السنتور تُعزف بمطارق خشبية رقيقة تُعرف بـ “المضراب”،
وتتكوّن من صندوق خشبي على شكل شبه منحرف، يحتوي على أكثر من 70 وترًا معدنيًا
مشدودًا بدقة، وتُرتب في مجموعات رباعية يتم وضعها يدويًا وبعناية فائقة لضمان
توزيع الأوتار بشكل متوازن؛ حيث إن المطرقتين أيضًا تُصنع من الخشب أو مواد خفيفة
وتُلّف أطرافهما أحيانًا بالصوف أو الجلد لإنتاج نغمات ناعمة أو قوية حسب نوع
العزف.
وبيّن الباحث الإيراني في الموسيقى التقليدية أن صناعة السنتور تُعد فنًّا
قائمًا بذاته، وتتطلب مهارة عالية في النجارة والدقة الصوتية، مؤكدًا أن غالبًا ما
يُستخدم خشب الجوز لصناعة هيكل السنتور وذلك بسبب قوته وقدرته على نقل الاهتزازات.
وذكر ايزدان أن آلة السنتور رغم قدمها، لم تفقد مكانتها في الموسيقى
الحديثة، بل ازداد استخدامها وتم دمجها مع آلات غربية لتقديم مزيج فريد من الأصالة
والحداثة.
وأفاد الباحث الإیراني في الموسيقى التقليدية آرش ايزدان بأن آلة السنتور
من شأنها أن تكون جسرًا للحوار الثقافي بين الشعوب خاصة أن لها نظائر كالـ “قانون” في الموسيقى العربية.
/العُمانية/ النشرة
الثقافية/ شيخة الشحية/ محمد جواد