
اسطنبول في 15 سبتمبر /العُمانية/ لا
تزال منازل الطيور المبنية على جدرانالجوامع القديمة والتي تعود إلى الفترة
العُثمانية، تحافظ على عبقها باعتبارها رمزًا للأناقة المعمارية والرفق
بالحيوانات.
وعُرف الأتراك ومنذ زمنٍ طويل باهتمامهم
الملفت بالحيوانات والطيور التي استوطنت مدنهم وقراهم.
وظهرت المعالم والهياكل الهندسية التي
تتجسد فيها مظاهر العناية والحماية بها والتي دأب العثمانيون على تصميمها وبنائها
بأشكال وأحجام مُختلفة ضمن جدران القصور والبيوت والمساجد والمدارس في ذلك الحين،
ومازالت حتى اليوم شاهدة على أسمى معاني الرحمة والجمال إبان فترة حكم الدولة
العثمانية.
ويقول المؤرخ التركي سدات يلماز في تصريح
لوكالة الأنباء العُمانيةإن المهندسين العثمانيين دأبوا على تزيين المباني
المشيدة في عهدهم، مثل القصور والمساجد والجوامع والمقابر والنزل والنوافير وسبل
المياه بأعشاش للطيور تأخذ شكل القصور.
وأشار إلى أنهم منحوا الطيور اهتمامًا
كبيرًا؛ حيث كانوا يصمّمون أشكالًا مختلفة من أعشاشها ويبنونها على جدران البيوت
آنذاك، لترسم لوحات جميلة تشكل أسمى معاني الإنسانية والجمال والرفق بالحيوان.
وبدأت هذه المباني التي تُعرف أيضا باسم
“منازل الطيور” أو “منازل العصافير” في الظهور في العمارة
العُثمانية منذ القرن السادس عشر لتبلغ أوجها في القرن الثامن عشر حيث انتشرت على
نطاقٍ واسع عبر بنائها العديد من المباني والقصور باستخدام الطوب والحجارة، عدا عن
الأخشاب التي تستطيع الحفاظ على وجودها حتى الآن.
وفضلًا عن المعايير الجمالية والعمرانية
فقد بُنيت بيوت الطيور بدقة بالغة وفق معايير أخرى مهمة منها بناء البيوت والقصور
الحجرية على أعلى مستوى ممكن ضمن البناء أو الجدار بهدف حمايتها من المخاطر وهجمات
الحيوانات المُفترسة إلى جانب بنائها بحسب اتجاه سطوع الشمس بعيدًا عن هبوب الرياح
الشمالية.
وقد تحول الاهتمام بأعشاش الطيور الحجرية
في الحقبة العُثمانية إلى فنٍّ مُتقن حاله كحال المباني والتُحف العمرانية الأخرى،
ومع الوقت تحولت لقصورٍ عُثمانية مصغرة تأخذ شكل المبني الذي بنيت ضمن جدرانه سواء
كان مسجدًا أو قصرًا أو حتى مدرسة لتصبح بذلك أحد معالم الثقافة المعمارية
العُثمانية التي تنافس المعماريون فيما بينهم وقتها لتصميم وبناء أجملها.
هذا ويمكن العثور على منازل الطيور التي
جرى بناؤها قديمًا في كلّ تركيا لاسيما في مدينة إسطنبول، فبيوت الطيور لم تُحْيِ
وتُزيّن واجهات المباني العُثمانية المُهيبة فحسب بل حلّت بديلًا مكان المنحوتات
والرسوم المصورة التي كانت رائحة لدى الإمبراطوريات الغربية حينها.
/العُمانية/ النّشرة الثقافيّة/ شيخة
الشحيّة