اليوم الوطني / المملكة تستثمر في أجيالها.. برامج وطنية ترسم طريق المواهب الرياضية نحو العالمية

الرياض 01 ربيع الآخر 1447 هـ الموافق 23 سبتمبر 2025 م واس
في اليوم الوطني الخامس والتسعين لتوحيد المملكة، يلتقي التاريخ بالمستقبل في لوحة وطنية واحدة، عنوانها العزم والطموح، وكما شق الوطن مسيرته في التنمية والازدهار، شق أبناؤه وبناته طريقهم في الميادين الرياضية، حيث أصبحت المواهب الناشئة إحدى أبرز صور الإنجاز الوطني، وأقوى شواهد الاستثمار في الإنسان الذي يُعد جوهر رؤية المملكة (2030).
ومن هذا المنطلق، جعلت المنظومة الرياضية في المملكة الاهتمام بالمواهب الصغيرة حجر الأساس في إستراتيجيتها لبناء مستقبل رياضي مشرق، إدراكًا منها أن صناعة الأبطال تبدأ من المراحل العمرية المبكرة, إذ أُطلقت برامج وطنية شاملة لاكتشاف وصقل المواهب منذ المرحلة المدرسية، من أبرزها “كأس المدارس السعودية” و”الدوري المدرسي”، اللذان شهدا مشاركة مئات الآلاف من الطلاب والطالبات من مختلف مناطق المملكة.
وأسفرت تلك المبادرات عن بروز العديد من الأسماء الواعدة التي التحقت سريعًا بأكاديميات الأندية والمنتخبات السنية، في خطوة تهدف إلى بناء قاعدة بيانات وطنية تضم أفضل العناصر الموهوبة تمهيدًا لتطويرها عبر برامج تدريبية متخصصة.
وإلى جانب المبادرات المدرسية، واصلت وزارة الرياضة جهودها في تطوير الأكاديميات الرياضية المتخصصة التي تغطي مختلف الألعاب، بدءًا من كرة القدم وألعاب القوى، وصولاً إلى الفروسية والرياضات القتالية, حيث زُجت هذه الأكاديميات بأحدث التجهيزات التقنية الفنية، كما استقطبت خبرات تدريبية دولية، فضلًا عن إدخال أنظمة متقدمة للقياسات البدنية وتحليل الأداء، بما يضمن تطور اللاعب منذ المراحل المبكرة وفق معايير علمية عالمية.
كما عززت الشراكات مع الأندية والاتحادات الدولية مكانة المواهب السعودية، حيث أُرسلت مجموعات من اللاعبين الناشئين إلى معسكرات خارجية في أوروبا وأمريكا لاكتساب الخبرة والاحتكاك المبكر بالمستويات العالمية، مما أسهم في صقل شخصياتهم الرياضية ومنحهم تجارب ثرية.
وتشير الأرقام الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، إلى أن الفئة العمرية ما بين (5 سنوات – 17 سنة) سجّلت نسبة (18.7%) في ممارسة النشاط البدني اليومي لمدة لا تقل عن (60 دقيقة)، ما يعكس الحاجة المستمرة إلى تكثيف البرامج، وهو ما تعمل عليه وزارة الرياضة، واللجنة الأولمبية والبارالمبية السعودية، عبر مبادرات تستهدف رفع هذه النسبة بشكل تصاعدي خلال السنوات المقبلة.
ولم تقتصر الجهود على البرامج العامة، بل شملت مبادرات موجهة لفئات بعينها، من بينها دعم رياضة الفتيات, فقد شهدت السنوات الأخيرة تأسيس أكاديميات نسائية خاصة في عدد من الألعاب، وهو ما أتاح الفرصة لظهور أسماء بارزة مثل اللاعبة مشاعل العايد، التي سجلت حضورها التاريخي في أولمبياد باريس 2024 وهي في السابعة عشرة من عمرها، لتصبح نموذجًا يلهم الأجيال القادمة.
وفي الرياضات القتالية، أسهمت البطولات الخليجية والآسيوية في إبراز مواهب ناشئة مثل تالا أبو الجدايل، التي حققت فضية آسيا للناشئين في التايكوندو، فيما يواصل برنامج “فرسان المستقبل” إعداد جيل جديد من فرسان المملكة، ليكملوا مسيرة الأبطال الذين رفعوا راية الوطن في الميادين العالمية.
من جهة أخرى أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا بمواهب ذوي الإعاقة، من خلال برامج مبكرة تستهدف المدارس والمراكز التأهيلية، لتوفر لهم الدعم اللازم لتمكينهم من الانطلاق نحو المنافسات القارية والعالمية, وقد نتج عن ذلك بروز أسماء شابة في ألعاب القوى البارالمبية، مثل اللاعب عبدالله الغامدي، الذي يُعد من أبرز الوجوه الواعدة في منافسات رمي القرص، وينتظر أن يمثل المملكة في البطولات العالمية المقبلة ضمن الفئات السنية.
لم تعد الرياضة في المملكة محصورة في ألعابها التقليدية، فجيل جديد من الموهوبين أثبت حضوره في عالم الرياضات الإلكترونية، بفضل الدعم الكبير الذي قدمه الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية عبر إنشاء الأكاديميات المتخصصة التي صقلت مهارات اللاعبين الصغار وهيأتهم لخوض المنافسات الكبرى.
وقد تجلّت ثمار هذا الاستثمار الوطني مؤخرًا عندما احتضنت الرياض بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية (2025)، حيث خطف اللاعبون السعوديون الأضواء بأدائهم المبدع وروحهم التنافسية العالية، مقدمين صورة مشرّفة عن شباب الوطن.
وتؤكد هذه الجهود المتنوعة أن المملكة تبني منظومة رياضية متكاملة تبدأ من المدرسة، وتمتد عبر الأكاديميات والاتحادات، وصولاً إلى المعسكرات الدولية وبرامج الاحتراف، بما يعزز فرص استدامة الإنجاز الرياضي لعقود مقبلة.
// انتهى //
20:21 ت مـ
0221