
بتاريخ 6/10/2025 انعقدت بمدينة برلين ندوة مشتركة جمعت عدداً من كبار مسؤولي وكالات الأنباء العربية (السعودية، الإماراتية، القطرية والكويتية والأمين العام للاتحاد) برئيس ومدير عام ومسؤولي وكالة الصحافة الألمانية (DPA) التي تعتبر إحدى كبريات وكالات الأنباء بالقارة الأوربية. في مستهل اجتماع الندوة رحب السيد بيتر كروبش الرئيس والرئيس التنفيذي للوكالة الألمانية وسفن غوزمان رئيس التحرير بوفد اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا) وأعربا عن أملهما في زيادة التعاون بين الطرفين خدمة للإعلام المستقل وغير المنحاز وكذلك لتطوير العلاقة بين الطرفين إلى المدى الذي يخدم الجانبين. وفي إجابته على ترحيب الجانب الألماني بقدوم الوفد العربي قال الأمين العام لـ (فانا) إن علاقتنا بـ (DPA) وثيقة منذ سنوات عديدة ونحن نسعى دوماً لتطويرها إلى الأحسن علماً بأن التطورات المتسارعة في مجال الاتصالات التي نتج عنها تشكيل المنصات الكبيرة يدعونا إلى إعادة ترتيب شؤون وكالاتنا وعلاقات بعضها بالبعض الآخر لأن ما يحصل حالياً يشكل دون شك خطراً كبيراً على وجود الوكالات وديمومة عملها بالإضافة إلى مصداقية الأخبار التي تنشرها. بعد ذلك جال الوفد العربي للوكالات مع مسؤولي الوكالة الألمانية في أرجاء الوكالة وأقسامها المختلفة بعدها بدأ النقاش حول ورقة العمل التي تقدمت بها (فانا) وكذلك أوراق العمل التي قدمتها الوكالات المشاركة وهي السعودية، القطرية والكويتية. اعتماد المراسلين على الشائعات في كتابة أخبارهمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ طرح الجانب العربي هذه المسألة وكيفية جعل المراسلين الأوربيين يعتمدون على المصادر العربية الرسمية واستعدادها توفير قنوات مباشرة معهم للرد على الاستفسارات والتأكد من صحة المعلومات. كان هناك نقاش يبين أن أساس هذه المشكلة يكمن في أن بعض المراسلين الاوربيين يعتقدون أن وكالات الأنباء العربية تميل للرواية الرسمية فقط لذلك يفضلون البحث عن مصادر أخرى ولو كانت أقل دقة، والأمر الآخر إن المراسلين ينفذون الضغوط المفروضة من مؤسساتهم الأم لنشر قصص “حصرية” أو مثيرة وهو ما قد يدفعهم لتجاوز المصادر الرسمية والمحلية. وخلص أمر هذه المسألة بإمكانية وضع بنود في تراخيص عمل المراسلين الأجانب في الدول العربية تشترط الالتزام بالتحقق من الأخبار من مصدرين على الأقل أحدهما رسمي أو معتمد محلياً.نشر الأخبار السلبية عن الدول العربيةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نوقش هذا الموضوع بإسهاب حيث أجاب السيد بيتر كروبش المدير العام للوكالة الألمانية على ذلك بقوله إن أسباب ميل بعض مراسلي وكالات الأنباء الأوربية إلى نشر الأخبار السلبية بشكل متكرر، وهي ليست بالضرورة بدافع شخصي دائم، هي نتيجة تداخل بين العوامل التحريرية والمهنية والضغوط السوقية. ففي كثير من المؤسسات الإعلامية تعتبر الأخبار السلبية (أزمات، كوارث، جرائم، صراعات) أكثر “جدارة بالنشر” لأنها تحمل عنصر الصدمة والاثارة وهناك مقولة شائعة في غرف الأخبار الغربية If it bleeds, it Leads إذ كان الخبر ينزف دماً فهو يتصدر العناوين. إضافة لذلك فأن بعض الوكالات لديها أجندات سياسية أو اقتصادية تجعلها تركز على السلبيات في منطقة معينة لأبراز صورة محددة عنها لأن الأزمات والمشكلات تجد طريقها سريعاً إلى العناوين عبر مصادر متعددة بينما الأخبار الإيجابية تحتاج جهداً أكبر للتحقق والإعداد. في ختام هذه النقطة المهمة تمت الإشارة إلى أن زيادة مساحة الأخبار الإيجابية عن الدول العربية تحتاج إلى خطة عملية توازن بين “المصداقية الصحفية” و”جاذبية المحتوى”.كسر الحلقة الموجودة بين الدعاية الإرهابية والإعلامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ طرح الوفد العربي موضوع الكيفية التي يمكن بها كسر الحلقة بين الدعاية الإرهابية والإعلام بعد ظهور سباق محموم من قبل وسائل الإعلام الأوربية والدولية للحصول على السبق الصحفي في تغطية العمليات الإرهابية، كما أن الإرهابيين أصبحوا حريصين على تزويد وسائل الإعلام بجميع المعلومات عن عملياتهم، هذا التعاون بين الطرفين يجعلنا نتساءل من المستفيد من الآخر؟ ويمكن تلخيص الأمر في أن كلا الطرفين – وإن كانت أهدافهما مختلفة جذريًا – يستفيد بشكل أو بآخر من الآخر. إن مكاسب وسائل الإعلام من هذه الحالة هو الحصول على “السبق الصحفي”، الحصول على صور أو معلومات حصرية عن العمليات الإرهابية يرفع نسب المشاهدة ويجذب القراء والمعلنين، ولأن التغطيات المثيرة والمباشرة تجذب الانتباه، خصوصاً في أوقات الأزمات، إضافة إلى أن الإعلام الذي يقدم معلومات “من قبل الحدث” يُنظر إليه كمصدر سريع ومواكب ويعزز مصداقيته. أما مكاسب الجماعات الإرهابية فهي “تحقيق الانتشار والدعاية”، لأن وسائل الإعلام تضخم رسائلهم وتجعل عملياتهم معروفة عالميًا، حتى لو لم تؤيدها، كذلك فأن تغطية إعلامية مكثفة تساعد على نشر حالة الهلع التي يسعى الارهابيون إليها، وبالتالي فأن عرض “نجاحات” مزعومة قد يغري المتعاطفين المحتملين ويعزز فكرة تجنيد عناصر جديدة. بعد ذلك جرى تبادل أفكار حول المعادلة الإشكالية بين الطرفين فأشير إلى أن العلاقة ليست شراكة مباشرة في معظم الأحيان، لكنها أشبه بـ “اعتماد متبادل غير مقصود”، الإعلام يبحث عن القصة، والارهابيون يبحثون عن المنصة. في النهاية، الارهابيون يستفيدون أكثر على المدى الطويل”، لأن هدفهم الأساسي هو التأثير النفسي والدعائي، والإعلام – عن قصد أو غير قصد – قد يحقق لهم ذلك. انتقل النقاش بعد ذلك عن كيفية محاولة “كسر الحلقة” بين الإعلام والدعاية الإرهابية للوصول إلى الهدف وهو “تقديم المعلومات للجمهور دون أن تتحول التغطية إلى أداة دعائية” ونمت الإشارة إلى بعض الأساليب ومنها:إن بعض الدول (مثل أستراليا وكندا) وضعت “إرشادات رسمية” لوسائل الإعلام حول كيفية تغطية الإرهاب، مثل:عدم عرض فيديوهات أو بيانات صادرة مباشرة عن الارهابيين.حجب صور الدماء أو المشاهد الصادمة إلا إذا كانت ضرورية للغاية.إن بعض وسائل الاعلام كـ (BBC وAFP وAP) تقوم بمراجعة أي بيان أو مقطع فيديو قبل نشره، وتحذف العبارات التي تحمل دعاية أو دعوة للعنف.ضرورة استخدام مصطلحات مهنية بدل الأوصاف التي تمنح الإرهابيين هالة قوة او بطولة مثال “منفذ الهجوم” بدل “المقاتل” أو “المجاهد”.تسليط الضوء على جهود فرق الطوارئ والسلطات في التعامل مع الحدث، بدل إظهار تفاصيل تنفيذ العملية.ضرورة قيام منظمات الصحافة العالمية بتنظيم ورش عمل للصحفيين لشرح مخاطر التغطية غير المنضبطة وكيفية التوازن بين “حق الجمهور في المعرفة” و “منع الترويج للأرهاب”.الحد من التغطية المباشرة وفي هذه الحالة يتم تأجيل نشر تفاصيل حساسة حتى لا تؤثر على عمليات الأمن.مناقشة المقترحات السعوديةـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وبشأن المقترحات المقدمة من وكالة الأنباء السعودية (واس) ولا سيما ما يتعلق بكيفية الحد من انخراط الوكالات في التعامل مع الجهات الغير حكومية والمنظمات العابرة للحدود على حساب الجهات الوطنية فقد أشير إلى أن هذا الأمر يتحقق عبر وضع ضوابط واضحة للتعاون الخارجي، تضمن الشفافية والموافقة المسبقة من الجهات الوطنية، مع تعزيز البدائل العربية المشتركة في التدريب والدعم الفني، بما يحافظ على استقلالية الوكالات ودورها الوطني.وحول مواجهة التضليل الإعلامي عبر تعزيز دور الوكالات في ترسيخ الموثوقية ولا سيما مع تصاعد مخاطر التزييف العميق؟ Deepfake يمكن لوكالات الأنباء أن تعزز دورها عبر:- ترسيخ الموثوقية من خلال الالتزام الصارم بالتحقق من المصادر وتدقيق المحتوى قبل النشر.- إنشاء وحدات خاصة للتحقق الرقمي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الصور والفيديوهات المزيفة.- تدريب المحررين والصحفيين على كشف التضليل وأساليب التزييف الجديدة.- تعزيز الشفافية بنشر منهجية التحقق ومصادر الأخبار أمام الجمهور.- التعاون بين الوكالات العربية لتبادل البيانات والتحذيرات من الأخبار المضللة.إن الغاية من هذه النقاط هي تحصين المصداقية وجعل الوكالات المصدر المرجعي الأول في مواجهة الفوضى المعلوماتية الرقمية.وجوابنا على سؤال (لواس) حول كيفية تعزيز تعاون الوكالات في عصر الذكاء الاصطناعي للاستفادة من انتشارها الميداني في جمع المعلومات الموثوقة بمختلف وسائطها بما يسهم في تغذية النماذج وتقليل الانحياز ويؤكد دورها المحوري في هذه الثورة التكنولوجية؟ خلصت مناقشات الندوة المشتركة إلى أنه يمكن تعزيز تعاون وكالات الأنباء في عصر الذكاء الاصطناعي عبر إنشاء شبكات بيانات عربية مشتركة تستفيد من انتشارها الميداني لتجميع معلومات موثوقة ومتنوعة، تُستخدم في تغذية النماذج اللغوية وتقليل الانحياز. كما يُمكن تطوير منصات تعاون رقمية لتبادل المحتوى والتحقق الجماعي، بما يرسّخ دور الوكالات كمصدر رئيسي للبيانات الدقيقة ويؤكد محوريتها في الثورة التكنولوجية القائمة على الذكاء الاصطناعي.المقترحات القطريةـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لخص الأمين العام للاتحاد المقترح الذي بعثته، مشكورة، وكالة الأنباء القطرية والمتعلق بدور وكالات الانباء العالمية والأوربية في تغطية أحداث غزة وحماية الحقيقة ومواجهة استهداف الصحفيين وأشار إلى ما ورد في التقرير المؤلف من خمس صفحات إلى دور وكالات الأنباء تجاه غزة بشكل عام القائم على عدة عناصر منها ضرورة التوثيق الميداني للمجازر التي ترتكب هناك وضرورة تقديم تغطية متوازنة وموضوعية، إبراز البعد الإنساني للأزمة، ومواجهة الرواية الامريكية في الإعلام الدولي. أشير أثناء النقاش أن وكالات الانباء العالمية والأوربية تلعب دورًا محوريًا في نقل الحقيقة من غزة وسط ظروف إنسانية وأمنية بالغة الصعوبة، إذ تتحمل مسؤولية مهنية وأخلاقية في تغطية الأحداث بموضوعية وشفافية رغم القيود المفروضة على الحركة واستهداف الصحفيين. كما تقوم هذه الوكالات بتوظيف شبكات مراسليها المحليين والميدانيين، واستخدام التقنيات الحديثة للتحقق من الصور والفيديوهات لضمان دقة المعلومات في ظل حملات التضليل الواسعة. كما تساهم في فضح الانتهاكات بحق الصحفيين والمدنيين عبر تقارير موثقة تُقدَّم للمؤسسات الدولية المعنية بحرية الإعلام وحقوق الإنسان. وأضاف الجانب الأوربي إلى وكالات الأنباء الأوربية تحديداً نعمل على موازنة السرد الإعلامي من خلال إتاحة مساحات للرواية الفلسطينية وتدقيق البيانات الرسمية الواردة من مختلف الأطراف، بما يعزز حماية الحقيقة وحق الجمهور في المعرفة. كما تبادر بعض الوكالات إلى تدريب المراسلين على الأمن الرقمي والسلامة الميدانية، وتطوير بروتوكولات تعاون مع منظمات الصحافة الدولية لضمان استمرار التغطية في غزة رغم المخاطر.المقترحات الكويتيةــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ركزت المقترحات التي بعثت بها وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إلى الندوة المشتركة بين عدد من وكالات الأنباء العربية ووكالة الصحافة الألمانية على مواضيع تتعلق بكيفية تعزيز تبادل المحتوى الاخباري والمعرفي؟ حيث أشير إلى أن هذا الأمر يكون عبر منصات رقمية موحدة لتبادل الأخبار والوسائط لحظةً بلحظة، مع توحيد المعايير التحريرية والتقنية، وتشجيع الإنتاج المشترك والتغطيات التعاونية، بما يوسّع انتشار المحتوى العربي الموثوق ويعزز التكامل الإعلامي بين الوكالات.أما بشأن السؤال الثاني الذي ورد في مقترحات كونا فكان حول كيفية التدريب وبناء القدرات واشير الى ان ذلك يتم عبر برامج مستمرة مشتركة بين الوكالات تركز على المهارات الرقمية والتحرير المتعدد الوسائط، مع استخدام منصات تعليم إلكتروني وتبادل الخبراء والمدربين، بما يضمن تطوير الكفاءات ورفع جاهزية الكوادر لمواكبة التحولات الإعلامية الحديثة.أما السؤال المتعلق بما هي التحديات والفرص في العصر الرقمي؟ فقد تم التوصل إلى أنها تتمثل في سرعة انتشار الأخبار الزائفة وتراجع الثقة، بينما تكمن الفرص في استخدام التكنولوجيا لتعزيز التحقق، وتوسيع الوصول للجمهور، وتطوير المحتوى المتعدد المنصات، مما يجعل الوكالات أكثر تأثيرًا وفاعلية في المشهد الإعلامي الجديد. وبشأن المبادرات المشتركة لزيادة الوعي؟ فقد أشير إلى أنه يمكن إطلاق مبادرات توعوية مشتركة بين الوكالات عبر حملات إعلامية وبرامج تدريبية تسلط الضوء على مصداقية الأخبار ومكافحة التضليل، بما يعزز ثقافة الوعي الإعلامي والمسؤولية المجتمعية لدى الجمهور.تشكيل إطار للحوار… والمؤتمر الدولي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قبل ختام الندوة التي استمرت ما يقارب من خمس ساعات قبل الظهر وبعده طرحت الأمانة العامة موضوع تشكيل إطار للحوار بين وكالات الأنباء العربية والأوربية بهدف تحقيق التوازن في التغطية الإعلامية، تطوير القدرات المهنية والتقنية، توسيع الانتشار والوصول للجماهير وبناء جسور الحوار الثقافي والدبلوماسي. وقال الدكتور أيار إلى أن إقامة إطار تعاون مشترك بين وكالات الأنباء العربية والأوربية يمثل خطوة إيجابية لتعزيز حضور الإعلام العربي على الساحة الدولية وضمان وصول رسالته إلى جمهور أوسع وفي الوقت ذاته إيراء المحتوى الأوربي بمصادر عربية موثوقة. إن هذا التعاون ليس خياراً ترفيهياً بل ضرورة إعلامية وثقافية لمواكبة تحديات العصر وتحقيق المصالح المشتركة. نوقش هذا الأمر من قبل السيد كروبش فأشار إلى أن هناك العديد من المنظمات المعنية بوكالات الأنباء وفي حالة بروز الرغبة في عقد اجتماع ما فعلينا أن نحدد بالضبط ماذا نرغب منه وما هو الموضوع المطروح ومع ذلك قال كروبش أنه سيطرح الأمر على الاجتماع المقبل للرابطة الأوربية لوكالات الأنباء. بعد ذلك استفسر الدكتور أيار عن موضوع المجلس الدولي لوكالات الأنباء المتوقف عن الانعقاد بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية وقال إن العديد من وكالات الأنباء لا شأن لها بهذه الحرب وهناك الكثير منها يطالب بانعقاد المؤتمر السابع NAWC ويمكن إعادة تشكيل المجلس الدولي (NACO) ليقوم بوضع الترتيبات اللازمة للاستمرار في انعقاد هذا المؤتمر كل ثلاث سنوات. في ختام الاجتماع عبرت الأمانة العامة عن شكرها الخالص لوكالة الصحافة الألمانية لانعقاد هذه الندوة في برلين مع التمني أن نواصل هذه الندوات كلما سنحت الفرصة لذلك.انتهت الندوة الساعة 4:30 ب. ظـ.من يوم 6/10/2025