رئيس الوزراء الإسباني يمثل أمام لجنة تحقيق برلمانية في إطار قضية فساد

رئيس الوزراء الإسباني يمثل أمام لجنة تحقيق برلمانية في إطار قضية فسادمن هنادي وطفة (تقرير إخباري)مدريد – 30 – 10 (كونا) — في خطوة استثنائية تشكل محطة بارزة في تاريخ إسبانيا الديمقراطي يمثل رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اليوم الخميس أمام لجنة تحقيق برلمانية في مجلس الشيوخ في إطار قضية فساد تعرف باسم (قضية كولدو).ويمثل زعيم حزب العمال الاشتراكي الإسباني بطلب من الحزب الشعبي المحافظ أمام لجنة التحقيق التي ستستجوبه بشأن اطلاعه وعلاقاته بشبكة فساد مزعومة يشتبه في تلقيها عمولات غير قانونية مقابل منح عقود عامة تزعمها مسؤولون سابقون في الحكومة الإسبانية والحزب الاشتراكي يتواجدون في السجن منذ أكثر من عام.ويحمل مثول سانشيز دلالة تاريخية عميقة وأبعادا رمزية في مبدأ مساءلة السلطة التنفيذية أمام البرلمان علما بأنها المرة الثانية في تاريخ إسبانيا الديمقراطي بعد مثول رئيس الوزراء الأسبق خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو أمام لجنة تحقيق في مجلس النواب في ديسمبر 2004 خلال التحقيقات في تفجيرات مارس 2004 بالعاصمة الإسبانية.ويأتي استدعاء سانشيز بعد إصدار وحدة العمليات المركزية (أوكو) التابعة للشرطة القضائية في الحرس المدني الإسباني وهي الهيئة المسؤولة عن التحقيق في الجرائم الخطرة والجريمة المنظمة تقريرا يسلط الضوء على مدفوعات نقدية غير مبررة لصالح المتورطين الأبرز في شبكة الفساد ومخالفات مزعومة في تمويل حزب العمال الاشتراكي.واعتبر الحزب الشعبي ذلك دليلا على معرفة القيادة العليا للحزب بممارسات شبكة الفساد كما اعتبر سانشيز “شريكا رمزيا” في سلسلة قرارات تتعلق بتمويل الحزب وعليه فقد طلب مثوله أمام مجلس الشيوخ.والهدف الأساسي من استدعاء سانشيز هو المساءلة السياسية واستيضاح مدى علمه أو تورطه في معرفة وجود شبكة الكسب غير المشروع داخل حزبه وداخل حكومته ومساءلته عن عدم اتخاذه إجراءات فورية لكبح جماح الفساد المزعوم في محيطه.ويعد مثول الزعيم الاشتراكي إلزاميا غير أنه يحتفظ بحق عدم الإدلاء بشهادته أو الإجابة عن أسئلة اللجنة التي تتكون من ممثلين من جميع الكتل البرلمانية في مجلس الشيوخ (حيث يتمتع الحزب الشعبي بالأغلبية) في جلسة قد تستغرق ما يصل إلى سبع ساعات.وقضية (كولدو) هي تحقيق جنائي تقوده وحدة العمليات المركزية (أوكو) التي تحقق في شبكة يشتبه في ارتباطها بعقود حكومية وتكليفات عامة والحصول على عمولات غير مشروعة ومِنح مقابل تسهيلات داخل المؤسسات الحكومية.ومن أبرز الشخصيات المتورطة في الشبكة وزير النقل الاشتراكي السابق خوسيه لويس أبالوس ومستشاره السابق كولدو غارثيا المتهم بكونه حلقة الوصل بين موظفي الدولة ورجال الأعمال ضمن الشبكة وكلاهما في السجن منذ أكثر من عام.كذلك يبرز بشكل خاص الأمين السابق للتنظيم في الحزب الاشتراكي والرجل الثالث فيه سانتوس سيردان المتورط في إدارة المدفوعات والعمولات بالإضافة إلى رجل أعمال يدعى فيكتور دي ألداما يوجه إليه الاتهام باستغلال النفوذ داخل المؤسسات المالية للحصول على عقود وتعويضات مالية.وتظهر بيانات (أوكو) ان شبكة الفساد التي نشطت في الفترة من 2019 إلى 2023 اعتمدت بنية مالية معقدة وشركات وسيطة وسلسلة روابط بين شركات ومقاولين والإدارة العامة لتلقي عمولات غير مشروعة بقيمة 5ر16 مليون يورو (2ر19 مليون دولار) في عقود عامة تقدر بقيمة 60 مليون يورو (6ر69 مليون دولار) علما بأن التحقيقات تشمل 480 حسابا بنكيا.ومن أبرز تلك الصفقات عقد أبرمته وزارة النقل في خضم جائحة فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) لتوريد كمامات طبية ومعدات طوارئ بأسعار مرتفعة اتضح لاحقا أنها لم تكن مطابقة للمواصفات وشروط الجودة.وكانت تلك الصفقة المفتاحية ونقطة التحول التي دفعت (أوكو) للتحقيق في ملابساتها وهو ما قادها لاكتشاف أنها جزء من عقود أوسع وأكبر تضمنت جهات حكومية متعددة.وقد أكدت التحقيقات الرسمية أن بعض العقود تضمنت تسهيلات خاصة لشركات محددة مقابل عمولات مالية كما تم رصد نمط متكرر من منح العقود بأسعار مبالغ فيها لضمان أرباح غير قانونية.ويصف مراقبون مثول سانشيز أمام لجنة تحقيق برلمانية بأنه يشكل نقطة مفصلية في المشهد السياسي والثقافة السياسية الإسبانية إذ يفتح بابا جديدا في العلاقة بين السلطات التنفيذية والبرلمان والمساءلة السياسية والاستقرار الحكومي.ولكن في الوقت نفسه يأتي ذلك المثول ضمن مساعي المعارضة للضغط على الحكومة واستنزافها سياسيا والتحرك نحو سحب الثقة من سانشيز أو المطالبة باستقالته للتوجه نحو انتخابات مبكرة ما يجعل الأشهر المقبلة حاسمة بالنسبة للحكومة الإسبانية. (النهاية)ه ن د / م ع ع