عمّان في
17 نوفمبر 2025 /العُمانية/ عبّرت
مسرحية “إكستازيا” التي نالت جائزة أفضل عرض متكامل من مهرجان الأردن
المسرحي في دورته الثلاثين، عن طرح جمالي يمزج بين مسرح الفرجة والتجريب الفني.
وتضمنت المسرحية التي وضع نصَّها وأخرجها ياسين إحجام، العديد من الرسائل
الفلسفية التي تتعلق بمصير الإنسان على هذه الأرض، وتشتبك مع أسئلة الهوية
والتحوّلات الداخلية للإنسان المعاصر.
استند الجانب الفرجوي للعرض الذي قُدم على مسرح المركز الثقافي
الملكي، إلى الأساطير والميثولوجيا الشعبية، إلى جانب الأداء الجسدي للممثلين الذين
تحركوا على الخشبة كما لو أنهم يعزفون إيقاعاً واحداً، مع تفاعلهم بالموسيقى الحيّة التي أسهمت في دمج الجمهور بالعرض
وجعلته يتفاعل معه حتى نهايته.
أما الجانب
التجريبي فظهر عبر الرؤية البصرية التي اعتمدت على إضاءة تتغيّر بإيقاع نفسي وبصري
متوازن، وهو ما حقق للممثلين حضوراً على مستويين، الأول يتعلق بالأجساد المادية
التي تتحرك فوق الخشبة، والثاني بالظلال التي تنعكس على خلفية المسرح بشكل مكبَّر لتتحول
إلى ما يشبه الدمى في مسرح خيال الظل.
واستطاعت
العناصر السينوغرافية اختزال المشاهد في مقاطع سريعة وومضات خاطفة، غير أنها حملت
بين طياتها دلالات كثيفة، إذ بدا واضحاً التعبير عن اضطراب إنسان العصر وقلقه
الداخلي وبحثه المحموم عن الاستقرار في عالم رجراج؛ كل ذلك من خلال التحريك بين
العتمة والضوء، وبين صمت الكلمات والتعبير الصارخ للغة الجسد، لتحمل
“إكستازيا” بذلك خطاباً مسرحياً حداثياً، يمزج بين الأداء الحركي والاشتغال النفسي والعمق الدرامي.
لم تُبنَ
المسرحية على حكاية أو قصة تقليدية تقوم على بداية وذروة ونهاية، بل جاءت عبارة عن
فضاء مفتوح للبحث، بحث أيّ إنسان، عن معنى وجوده، لذا انتقل الممثلون فوق الخشبة
بين عدة مستويات تعبّر عن حالات النشوة والألم والانهزام، وكأنهم يعيدون تعريف
معنى “الإكستازيا” كحالة يتجاوز فيها الإنسان حدود وعيه التقليدي،
ليواجه الأسئلة الكبرى المتعلقة بحياته.
وفي هذه
المواجهة الصريحة، يمكن للإنسان أن يصل إلى عدد لا ينتهي من الإجابات، وهي إجابات تختلف
ما بين ممثل وآخر، وكذلك ما بين متلقٍّ وآخر، لأن المخرج نجح في كسر الحاجز الرابع
في المسرح وجعل المشاهدين جزءاً فاعلاً ومتفاعلاً في العرض الذي استمر لما يقارب
الساعة.
يُذكر أن
فريق المسرحية التي فازت أيضاً بجائزتي أفضل تأليف موسيقي (ياسر الترجماني)، وأفضل
سينوغرافيا (عبد الحي السغروشني)، يضم الممثلين: قدس جندول، ورضى بنعيم، ورشيد
العدواني.
/العُمانية/ النشرة الثقافية/
أصيلة الحوسنية