ثقافي / أبرار.. تحت قبة الكتاب تروي الفراشة حكاية الأمل

جدة 29 جمادى الآخرة 1447 هـ الموافق 20 ديسمبر 2025 م واس
تحت قبة سوبر دوم في معرض جدة الدولي للكتاب، لم تكن أبرار آل عثمان مجرد كاتبة توقّع كتبها، بل حكاية إنسانية مكتملة التفاصيل، تقف بثبات وسط الزحام، وتقدّم تجربتها للحياة كما هي: صادقة، موجعة أحيانًا، ومضيئة على الدوام.
وُلدت أبرار بمرض انحلال الجلد الفقاعي، المعروف بمرض “الفراشة”، وهو مرض وراثي نادر يرافق المصاب منذ لحظة الولادة، بلا علاج حتى اليوم، طفولتها كما تقول لم تكن سهلة، فالجسد الهش كان يفرض عليها نمط حياة مختلفًا، مليئًا بالحذر، والألم، والأسئلة المبكرة بجروح تتكرر، وألم لا يختفي، وطفولة تعلّمت فيها الصبر قبل أن تتعلّم اللعب، لكنها في المقابل تعلّمت معنى التكيّف، ومعنى أن تصنع من الهشاشة قوة داخلية لا تُرى.
منذ سنواتها الأولى، لم تتعامل أبرار مع المرض بوصفه نهاية الطريق، بل بوصفه واقعًا لا يلغي الحلم، ومع الوقت تحوّل الألم إلى دافع، والتجربة إلى مادة للكتابة، والاختلاف إلى هوية خاصة.
وأكدت أن شعارها في الحياة هو “الأمل”، كلمة واحدة تختصر مسيرتها، وتفسّر خياراتها، وتشرح لماذا ما زالت تمضي إلى الأمام رغم كل شيء.
دخلت أبرار المجال الإعلامي، وعملت مُعدة ومراسلة في إحدى القنوات، إلى جانب خوضها عدة تجارب في التقديم التلفزيوني، مثبتة حضورها بهدوء واحترافية، لم تكن تسعى للظهور من زاوية إنسانية عاطفية، بل مهنية قادرة على العمل، والإنتاج، وتحمل مسؤولية الكلمة والصورة، هذا التوازن بين التجربة الشخصية والمهنية منحها مصداقية مختلفة، وحضورًا لا يعتمد على الشفقة، بل على الكفاءة.
رحلتها مع الكتابة بدأت عام 2015 بإصدار كتابها الأول “في كل قلب حياة”، وهو مجموعة خواطر إنسانية حملت لغة شفافة، ورسائل وجدانية قريبة من القارئ، ثم جاء كتاب “EB نصفي الآخر” عام 2019، ليشكّل محطة مفصلية في مسيرتها، حيث قررت مواجهة المرض بالكتابة، وسرد قصتها مع انحلال الجلد الفقاعي بصدق ووعي، بعيدًا عن التهويل أو الانكسار، مقدّمة شهادة شخصية ومعرفية في آن واحد.
وفي عام 2021، أصدرت “ما بيننا روح واحدة”، حيث انتقلت من الخاص إلى المشترك الإنساني، وطرحت مشاعر نمر بها جميعًا بطرق مختلفة، تاركة مساحة للقارئ ليشاركها السؤال والشعور.
أما كتابها الأحدث “حين يكون للحياة معنى” الصادر في 2025، فهو خلاصة تجربة ونضج، تكتب فيه عمّا تعلّمته من الحياة، من المواقف والتجارب والأشخاص، وكيف تصوغنا الأيام، دون أن ننتبه، حتى نصبح ما نحن عليه اليوم.
مسيرتها لم تمر دون تقدير؛ فقد حصلت على جائزة MBC الأمل، إلى جانب تكريمات محلية ودولية، جاءت انعكاسًا لتجربة ملهمة، لا لأنها قصة مرض، بل لأنها قصة إنسان اختار أن يعيش بكامل حضوره، وحين تُسأل عن الداعمين في رحلتها، تختصر الإجابة في كلمة واحدة: “عائلتي”، في إشارة واضحة إلى أن الدعم الحقيقي كان الأساس الذي بُنيت عليه هذه الرحلة الطويلة.
في الحادية والثلاثين من عمرها، تقف أبرار صوتًا مختلفًا في المشهد الثقافي والإعلامي، نموذج لإنسان لم يسمح للمرض أن يكون العنوان، ولا للإنجاز أن يكون قناعًا، وفي معرض الكتاب وبين كتبها وقرّائها، كانت تحكي قصة واحدة تتكرر بصيغ متعددة: أن الأمل ليس فكرة مجردة، بل ممارسة يومية، وأن للحياة معنى، حتى حين تأتي قاسية.
// انتهى //
21:42 ت مـ
0090