
يزد في 14 يوليو/العُمانية/في عمق
الصحراء الإيرانية، وتحديدًا في مدينة يزد، تتربع واحدة من أذكى الابتكارات المعمارية
التي عرفها الإنسان في مواجهة الطبيعة، أبراج الرياح أو ما تسمى بالملاقف
الهوائية، وهي عبارة عن هياكل طينية، ولم تعد اليوم مجرد زخارف تاريخية بل تشكل
أنظمة تهوية ذكية، سبقت عصر الطاقة والابتكار الصناعي بقرون.
وصُمّمت الأبراج بشكل هندسي ذكي لتلتقط
الهواء من الأعلى وتوجّهه بانسيابية إلى مداخل البيوت والأبنية، فتنخفض درجات
الحرارة، وتُنعش الفضاء الداخلي في أيام الصيف الحارقة، إذ إنه في ظل غياب
التيارات الهوائية، تندفع الحرارة إلى الأعلى خارج المبنى، محدثة تيارًا طبيعيًّا
متجدّدًا من التهوية.
وتقول ريحانة موسوي الباحثة الإيرانية في
التراث الثقافي في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن مدينة يزد وسط إيران تُعدّ
موطن أبراج الرياح، وتشتهر بامتلاكها أعلى برج للملاقف الهوائية في العالم بقصر
“دولت آباد” الذي يبلغ ارتفاعه نحو 34 مترًا.
وأضافت أن هذه الأبراج تنتشر في البيوت
التاريخية والمساجد، وحتى خزانات المياه التقليدية، إذ إنها شاهدة على عبقرية
العمارة التقليدية في التفاعل مع المناخ القاسي.
كما أكدت الباحثة على أن هذه الأبراج لم
تُبنَ فقط لأسباب عملية، بل كانت تجسيدًا لفلسفة معمارية ترى في الطبيعة شريكًا لا
عدوًّا، لذلك جاءت مثالًا حيًّا على التناغم بين الجمال والاستدامة، حيث تلتقي
الخطوط الطينية العمودية بدفء الهواء الطبيعي وتُحوِّل البيت الصحراوي إلى مساحة
باردة ومريحة دون الحاجة إلى وقود.
ووضحت أن الأبراج من الناحية المعمارية
تتكامل مع عناصر أخرى مثل القبو أو السرداب والسطوح المعزولة حيث تنقسم إلى 3
أنواع وهي الأبراج التي تلتقط الرياح من جهة واحدة وأخرى ذات التصميم الدائري التي
تلتقط الهواء من كل الجهات وأبراج الماء التي ترتبط بأحواض تحت الأرض لتبريد
المياه.
وبينت أن الوظيفة الأساسية لهذه الأبراج
تتمثل في جلب الهواء البارد إلى داخل المنازل وطرد الهواء الساخن، حيث تعتمد على
فرق الضغط والحرارة بين داخل وخارج المباني دون الحاجة لأي مصدر للطاقة.
وأشارت الباحثة في التراث الثقافي إلى أن
بعض هذه الأبراج تحمل تفاصيل زخرفية وفنية دقيقة، حيث صنفت منظمة الأمم المتحدة
للتربية والعلم والثقافة اليونسكو مدينة يزد ضمن قائمة التراث العالمي عام 2017،
واعتبرت أبراج الرياح عنصرًا معماريًّا وتراثًا قيّمًا في مسيرة العمارة
الإنسانية.
/العُمانية/النشرة الثقافية/ شيخة
الشحية