اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا يعيد الأمل لاستقرار شرق إفريقيا بعد صراع 30 عاما

اتفاق السلام بين الكونغو ورواندا يعيد الأمل لاستقرار شرق إفريقيا بعد صراع 30 عامامن مصطفى المريني (تقرير إخباري)الرباط – 10 – 8 (كونا) -– بدأت حكومتا جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا تنفيذ اتفاق السلام التاريخي الذي وقعاه في 27 يونيو 2025 بواشنطن بهدف إنهاء نزاع مسلح دام نحو 30 عاما في منطقة البحيرات العظمى خلف آلاف القتلى ومئات الآلاف من النازحين.واستهل الجانبان يومي الخميس والجمعة الماضيين أولى خطوات عملية تنفيذ الاتفاق عبر عقد اجتماع لمناقشة آلية التنسيق الأمني المشتركة للاتفاق استضافته العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.ويأتي الاتفاق التاريخي بعد وساطة مشتركة بين الولايات المتحدة وقطر بمشاركة الاتحاد الإفريقي وسط أمل واسع في تحقيق استقرار دائم في المنطقة التي شهدت توترات وصراعات متكررة على خلفية خلافات سياسية وعرقية.وتاريخيا يعود أصل النزاع بين رواندا والكونغو الديمقراطية إلى سنوات طويلة مضت وتصاعدت حدته بعد الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا عام 1994 وراح ضحيتها نحو 800 ألف شخص من عرقيتي (التوتسي) و(الهوتو).وقاد متطرفون من (الهوتو) الإبادة بمساندة القوات الحكومية الأمر الذي دفع قوات (الجبهة الوطنية الرواندية) بقيادة بول كاغامي للسيطرة على العاصمة الرواندية كيغالي ما أدى إلى فرار نحو مليون من (الهوتو) إلى شرقي الكونغو خوفا من الانتقام.وقد تأججت التوترات في شرق الكونغو بين المجموعات العرقية لا سيما بين (البانيامولنغي) من (التوتسي) واللاجئين من (الهوتو) ما أدى إلى تدخل الجيش الرواندي مرتين بين 1996 و1998 مدعيا ملاحقة المتورطين في الإبادة الجماعية.وشهدت السنوات التالية تصاعد النزاعات مع ظهور جماعات مسلحة مثل حركة (23 مارس) التي نفذت هجمات ضد الجيش الكونغولي فيما اتهمت الكونغو رواندا بدعمها عسكريا وماليا وهو ما نفته رواندا.وبعد تصاعد القتال في أوائل 2025 وتقدم (23 مارس) في مناطق عدة استجابت الأطراف الدولية للضغط من أجل حل النزاع.ففي مارس 2025 استضافت الدوحة اجتماعا ثلاثيا جمع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيسين الرواندي والكونغولي حيث أكد الجميع أهمية الحوار المستمر لتحقيق السلام وفي أبريل 2025 شهدت الدوحة أيضا اجتماعا سداسيا شاركت فيه الولايات المتحدة وتم الإعلان عن التزام الأطراف بالسلام والتنمية في المنطقة.كما وقع في 25 أبريل 2025 إعلان مبادئ بين الكونغو الديمقراطية و(تحالف نهر الكونغو) وحركة (23 مارس) بوساطة قطر بشأن وقف إطلاق النار وتسهيل المساعدات الإنسانية.وعقب ذلك انخرطت الولايات المتحدة في الوساطة بعدما أبدى الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي اهتماما بالاستثمار في المعادن النادرة في بلاده ما عزز حماسة واشنطن لإنجاح الاتفاق.وفي 18 يونيو 2025 وقعت رواندا والكونغو مسودة اتفاق السلام في واشنطن تلتها التوقيع النهائي في 27 يونيو مع حضور مسؤولين رفيعين من الدولتين والوسطاء الدوليين.ويشمل الاتفاق احترام سيادة وسلامة أراضي الطرفين وإنهاء الأعمال العدائية بما في ذلك وقف العمليات العسكرية عبر الحدود ودعم الجماعات المسلحة مع التزام (كينشاسا – عاصمة الكونغو) بتحييد (القوات الديمقراطية لتحرير رواندا) وموافقة كيغالي على سحب قواتها وتفكيك الدفاعات الحدودية خلال ثلاثة أشهر بالإضافة إلى حظر دعم الجماعات المتمردة مثل حركة (23 مارس) ودعم جهود نزع سلاح وتسريح المقاتلين والتحقق من هوياتهم.كما ينص الاتفاق على إنشاء آلية التنسيق الأمني المشترك خلال 30 يوما لتتبع الجماعات المسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية تحت مراقبة الولايات المتحدة وقطر وضمان العودة الآمنة للاجئين والنازحين.ويدعو إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو (مونوسكو) لتعزيز حماية المدنيين وضمان حرية تنقل البعثة وسلامة موظفيها إلى جانب تشكيل لجنة إشراف مشتركة تضم الولايات المتحدة وقطر والاتحاد الأفريقي لمراقبة التنفيذ والتوسط في النزاعات المحتملة وإطلاق إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي خلال ثلاثة أشهر لتعزيز التجارة عبر الحدود وتنظيم سلاسل الإمداد المعدنية بمشاركة مستثمرين دوليين ومنظمات إقليمية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ومجموعة شرق أفريقيا.ويمثل هذا الاتفاق خطوة تاريخية نحو تحقيق السلام والاستقرار في منطقة عانت من سنوات طويلة من النزاعات المسلحة والتوترات العرقية ويعكس دور الوساطة الدولية خاصة الأمريكية والقطرية في تسهيل الحوار بين الطرفين.ومن المتوقع أن تسهم الآلية الأمنية المشتركة والتكامل الاقتصادي في بناء ثقة بين الطرفين وتهيئة بيئة مناسبة للتنمية والاستثمار بما يدعم استقرار منطقة البحيرات العظمى ويخفف من معاناة السكان المدنيين.ويظل التحدي الأكبر في تنفيذ بنود الاتفاق والالتزام الكامل من الطرفين خصوصا فيما يتعلق بنزع سلاح الجماعات المسلحة وإعادة إدماجهم علاوة على ضمان عودة آمنة للاجئين والنازحين في الوقت الذي يأمل المجتمع الدولي بدعم من الدول الإفريقية والمنظمات الإقليمية أن يشكل هذا الاتفاق بداية جديدة لوضع حد للصراعات التي طال أمدها وتحقيق مستقبل أكثر سلاما وازدهارا للمنطقة وشعوبها.وعقد في السابع والثامن من أغسطس الجاري ممثلون عن جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا إلى جانب مراقبين من الولايات المتحدة ودولة قطر وممثل وسيط الاتحاد الإفريقي ومفوضية الاتحاد الإفريقي الاجتماع الأول لآلية التنسيق الأمني المشتركة لاتفاقية السلام بين الكونغو ورواندا الموقعة بواشنطن في 27 يونيو الماضي. (النهاية)م ر ي / م ج ب