استراتيجية الأمن الوطني في لبنان .. مدخل مهم لمعالجة الملفين الأمني والاقتصادي

استراتيجية الأمن الوطني في لبنان .. مدخل مهم لمعالجة الملفين الأمني والاقتصاديمن فواز العتيبي (تقرير.إخباري)بيروت – 28 – 4 (كونا) — في وقت تبرز فيه الحاجة إلى استراتيجية أمن وطني يسعى من خلالها الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى “تحصين” بلاده و”تنبثق عنها استراتيجية دفاعية” تطفو على السطح تصورات حول مضمونها وكونها تشكل مدخلا جديا لمعالجة الملفين الأمني والاقتصادي اللذين يبدوان متلازمين.وبينما يترقب الخطوط العريضة لاستراتيجية عون المتعلقة بالأمن الوطني فإنه لا يمكن اختزالها في البعد العسكري فحسب وإنما يتوقع أن تشمل مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والمالية بين عدة مجالات أخرى لتشكل إطارا شاملا يحفظ أمن الدولة واستقرارها.ويواجه لبنان منذ سنوات تحديات سياسية وأمنية كبيرة مرتبطة بمسألة حصر السلاح بيد الدولة وهي قضية طالما شكلت محورا أساسيا في مسار تثبيت الاستقرار الداخلي وتنفيذ القرارات الدولية.وقد أعاد انتخاب عون وتسلمه مهامه مطلع العام الحالي بعد فراغ رئاسي دام اكثر من عامين والحرب الأخيرة على لبنان الزخم لهذا الملف مع تأكيد التزام الرئاسة بمعالجة حصر السلاح عبر الحوار “المباشر والهادئ” حفاظا على السلم الأهلي والتوازنات الدقيقة في البلاد.وتأتي هذه الجهود بالتوازي مع مسار اصلاحات اقتصادية شاملة التزمت بها الحكومة اللبنانية استجابة لمطالب المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي الهادفة إلى اعادة هيكلة النظام المالي ورفع السرية المصرفية إضافة إلى وضع خطط لمعالجة الفجوة المالية التي تعاني منها المالية العامة وانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية المستمرة منذ عام 2019.وتعد هذه الإصلاحات شرطا أساسيا لإعادة تفعيل علاقات لبنان مع المجتمع الدولي واستعادة الثقة بمؤسساته الرسمية خاصة بعد حرب الاحتلال الاسرائيلي الأخيرة وتداعياتها على مختلف القطاعات الحيوية في البلاد.وتقول تقارير إن فرنسا أبلغت المسؤولين اللبنانيين أنها مستعدة للدعوة إلى عقد مؤتمر مساعدة ودعم لبنان في باريس في يوليو المقبل وإن تأكيد هذا الموعد مرتبط بإنجاز الاصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة من لبنان.ويؤكد مسؤولون لبنانيون أن التلازم بين الملفين الأمني والاقتصادي يعد أمرا ضروريا إذ لا يمكن تحقيق استقرار اقتصادي في ظل بيئة سياسية وأمنية غير مستقرة والعكس صحيح ما يفرض على مختلف القوى السياسية التقدم بمسؤولية نحو حلول متكاملة وعملية تحفظ سيادة لبنان وتعزز فرص الإنقاذ المالي.وفي هذا الصدد قالت مديرة كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى الباشا لوكالة الانباء الكويتية (كونا) إن “الرئيس عون يتعاطى مع ملف حصر السلاح بيد الدولة بروية وهدوء ” باعتبار ذلك شرطا أساسيا لانسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي من المواقع التي ما زالت تحتلها في الجنوب وهو ما ترفضه (المقاومة)”.وأشارت إلى وجود ضغوط داخلية وخارجية تواجه مهمة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية إذ أن هناك ضغوطا من قبل بعض الفرقاء اللبنانيين المطالبة بنزع السلاح ضمن فترة زمنية محددة تضاف إلى ضغوط دولية تصر على انجاز هذا الأمر بسرعة.وحول الملف الاقتصادي اعتبرت الباشا أن دعم لبنان ومساعدته على النهوض اقتصاديا وإعادة الإعمار بعد الحرب الأخيرة مربوط بتطبيق القرار (1701) وبسط سلطة الدولة على أراضيها موضحة أن “الدول المانحة والجهات الداعمة لا تريد الانفاق بمبالغ ضخمة من دون حل مشكلة السلاح حتى لا تعود إلى دوامة الحرب والتدمير من جديد”.وأكدت أن عدم حصر السلاح بيد الدولة يعد مشكلة تمنع الدول الداعمة من تقديم المساعدات إلى لبنان رغم رغبتها الشديدة في مساعدته ودعمه للخروج من أزمته الحالية.وفي إطار التوجه لدعم لبنان قام وزيرا المال والاقتصاد اللبنانيين بزيارة إلى واشنطن أخيرا لبحث سبل تعزيز المسار الإصلاحي في لبنان وضمان تنفيذ التزاماته في هذا الشأن بهدف استعادة الثقة دوليا وفتح قنوات الدعم المالي.من جهته قال مستشار وزير الاقتصاد والتجارة السابق استاذ الاقتصاد بالجامعة اللبنانية البرفيسور جاسم عجاقه ل(كونا) إن “على لبنان تنفيذ الشروط الدولية للحصول دعم مالي لإعادة الإعمار أو قروض ميسرة تساعده على الخروج من الأزمة المالية والإقتصادية الخانقة”.وأوضح أن هناك شرطين أساسيين يفرضهما المجتمع الدولي أولهما بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها مع حصر السلاح بيد القوى العسكرية والأمنية الرسمية والآخر “اقتصادي مالي قانوني” يتمثل بإصلاحات تعرف باسم (اجماع واشنطن).وأشار إلى أن صندوق النقد الدولي أكد في عام 2021 أن لبنان يواجه تحديات غير مسبوقة تتطلب تنفيذ خطة إصلاح شاملة لمعالجة أربع نقاط هي ضعف الحوكمة وتنفيذ استراتيجية للمالية العامة وإعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي إلى جانب إرساء نظام موثوق للنقد والصرف.واعتبر النقاط الأربع بابا أساسيا للدخول في برنامج صندوق النقد الدولي ومدخلا لتوقيع أي برنامج معه مؤكدا أهمية هذه الإجراءات التي ستظهر نتائجها الإيجابية مع مرور الوقت.ورأى أن “لبنان لا يزال حتى الآن بعيدا عن إبرام اتفاقيات مهمة مع برامج صندوق النقد الدولي بسبب وضعه الإقتصادي والسياسي”.وتتوقع الأوساط اللبنانية أن تشهد المرحلة المقبلة حوارات سياسية وتشريعية مكثفة للدفع بعجلة التنمية في البلاد وإقرار المزيد من القوانين المطلوبة دوليا بهدف بناء أرضية صلبة تتيح للبنان استعادة عافيته تدريجيا والانطلاق نحو مرحلة استقرار مستدام.(النهاية)ف ز / م خ