
اقتصاديون عن اقبال المستثمرين على سندات الكويت: ثقة بقوة البلاد المالية واصلاحاتها الاقتصاديةمن فواز كراميالكويت – 7 – 10(كونا) –أرجع اقتصاديون إقبال المستثمرين العالميين الكبير على أول سندات سيادية تصدرها دولة الكويت بقيمة 25ر11 مليار دولار بعد غياب عن أسواق الدين العام لثماني سنوات إلى خمس أسباب رئيسية بينها الملاءة المالية الاستثنائية للبلاد وتصنيفاتها الائتمانية القوية فضلا عن جملة إصلاحات هيكلية طبقتها البلاد على مدى سنة ونصف أبرز ملامحها قانون (السيولة والتمويل) كونه التشريع القانوني لهذا الاصدار.واعتبر الاقتصاديون في لقاءات متفرقة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء أن الاصدار لم يكن مجرد تمويلا لعجز بل إشارة سياسية للأسواق بأن الكويت تعزز أدواتها التمويلية وتفعل قانون الدين العام (السيولة والتمويل) الجديد ليأتي تجاوب المستثمرين العالميين معها بدفعة ثقة كبيرة انعكست بإقبال هائل على الطرح.وهذا السياق أكد امين سر الجمعية الاقتصادية الكويتية محمد الجوعان ل (كونا) أن تسابق المستثمرين والدول على سندات الكويت السيادية لم يأت من فراغ بل جاء نتيجة خمسة عوامل رئيسية أولها الملاءة المالية الاستثنائية وثانيها غياب اصدارات كويتية منذ عام 2017 في حين تمثل العامل الثالث بالتصنيفات الائتمانية القوية للبلاد والرابع في التسعير الجذاب لهذه السندات واخيرا الرسالة السياسية من الاصدار وتنويع قاعدة المستثمرين.وأوضح الجوعان أنه بعد غياب 8 سنوات أصدرت الكويت سندات سيادية بقيمة 25ر11 مليار دولار والطلب العالمي عليها تجاوز 28 مليار دولار وبلغ معدل التغطية 5ر2 مرة مشيرا الى أن الملاءة المالية الاستثنائية للكويت واضحة من خلال تصنيفها كأحد أقوى المراكز المالية في المنطقة ولديها احتياطات ضخمة تديرها الهيئة العامة للاستثمار وصندوق الأجيال إلى جانب نسبة الدين العام المنخفضة جدا إلى الناتج المحلي الاجمالي وتقل عن 10 في المئة قبل الاصدار.وقال إن معطيات الملاءة المالية الاستثنائية جعلت المستثمرين يعتبرون الكويت أمانا سياديا نادرا بين الأسواق الناشئة مبينا أن العامل الثاني تمثل في أن اخر إصدار سيادي للكويت كان في عام 2017 ما خلق ندرة في الأصول الكويتية المتاحة عالميا لذا عندما عادت الكويت للاصدار العام الأخير كان هناك “تعطش طبيعي” لدى الصناديق العالمية وصناديق التقاعد الباحثة عن ورقة استثمارية عالية التصنيف في الخليج العربي.وأضاف أن ثالث العوامل المتمثل في التصنيفات الائتمانية القوية عكسته وكالات التصنيف الدولية الرئيسة الثلاثة (فيتش وستاندرد آند بورز وموديز) التي أبقت تصنيفات الكويت عند مستويات مرتفعة (ايه و ايه.ايه) مع نظرة مستقبلية مستقرة وهو ما منح المستثمرين ثقة بأن المخاطر الائتمانية منخفضة جدا مقارنة بدول في المنطقة تحمل تصنيفات أدنى.وأشار إلى أن العامل الرابع وهو التسعير الجذاب حيث سعرت سندات الكويت بفارق 40 و50 نقطة اساس فقط فوق سندات الخزانة الأمريكية رغم قوة الكويت المالية وهذا العائد يعد مغريا جدا للمستثمرين العالميين لأنه يجمع بين مخاطر منخفضة نتيجة التصنيف المرتفع والأصول السيادية الضخمة والعائد الذي جاء أعلى من السندات الأمريكية والأوروبية.وعن العامل الخامس قال الجوعان إن الرسالة السياسية للاصدار واضحة ولم تكن مجرد تمويل لعجز بل إشارة سياسية للأسوق بأن الكويت تعزز أدواتها التمويلية وتفعل قانون الدين الجديد في حين جاءت توزيعات التخصيص بين 66 في المئة لمستثمرين دوليين من أمريكا واوروبا وآسيا ما رفع مستوى الثقة أكثر وأكد أن الاصدار عالمي الطابع.من جانبه قال استاذ الإدارة والمالية العامة في جامعة الكويت الدكتور يوسف المطيري ل(كونا) إن الهدف من الإصدار السيادي الحصول على موارد مالية لتمويل العجز وتخفيف العبء عن الاحتياطي العام الذي كان يغطي عجز الموازنات السابقة في البلاد خصوصا تمويل مشاريع التنمية المتعددة التي شهد عدد منها تأخيرا بسبب التمويل لتساهم هذه المشاريع بنمو الناتج المحلي الاجمالي للبلاد في المستقبل.وأضاف المطيري أن إيجابيات الاصدار السيادي الأخير عديدة أبرزها الجدوى الاقتصادية للكويت حيث أن إيقاف السحب من صندوق الاحتياطي العام يعني تركيز أموال الصندوق على الاستثمار في أصول عالمية ذات عوائد أعلى من تكلفة السندات على المالية العامة الى جانب صعوبة تسييل الاصول مقارنة باموال السندات والدين العام السائلة خصوصا أن الطريقة السابقة في تمويل العجز عبر الاحتياطي واجهت مشاكل كان من ابرزها الافراط في عمليات السحوبات.وأوضح أن طريقة تمويل العجز عن طريق السندات عملية متعارف عليها ومتبعة في اقتصادات دول العالم كافة ويمكن التحكم بها بعكس الطريقة السابقة مشيرا إلى أن توقيت إصدار السندات الذي تزامن بعد خفض أسعار الفائدة في معظم دول العالم بما فيها الولايات المتحدة كان ملائما للغاية مما يخفض تكلفة خدمة دين السندات باعتبار سندات الكويت جاءت على ثلاث حزم موزعة بين ثلاث وخمس وعشر سنوات.وذكر الدكتور المطيري إيجابية أخرى للسندات السيادية تمثلت في دورها بتخفيض مؤشر أسعار المستهلك عن طريق سحب السيولة الزائدة من الأسواق وبالتالي انخفاض أسعار السلع وعليه ينخفض معدل التضخم الاقتصادي ما يؤدي إلى ارتفاع القوة الشرائية للدينار الكويتي ومن ثم تحريك أدوات السوق والنشاط الاقتصادي.من جهته أكد نائب رئيس البنك الإسلامي للتنمية السابق لشؤون المالية والإدارة والخبير المالي والاقتصادي الدكتور فؤاد العمر ل(كونا) أهمية أدوات الدين بما فيها السندات لزيادة الانفاق الرأسمالي على المشاريع التنموية المتنوعة التي تحتاجها البلاد معتبرا أن السندات السيادية هي اشراك للبنوك والمستثمرين العالمين بهذا التمويل.واعتبر أن المرحلة التي سبقت إصدار قانون التمويل والسيولة (رقم 60 لسنة 2025) كانت تمويل عجز الموازنة العامة من خلال الاحتياطي العام والذي كان من المفروض أن يكون لتغطية شح السيولة في حالات الحروب والأزمات كما حدث خلال أزمة (كوفيد 19) الأخيرة في حين تستخدم أدوات الدين العادية من سندات وصكوك لتمويل العجز وتمويل المشاريع التنموية.وفيما شدد على ضرورة وجود مسارات واضحة للأموال وتحديدا لتمويل مشاريع ذات عائد مجدي للاقتصاد الوطني وتحقيق نمو اقتصادي اعتبر أن إصدار الكويت لسندات سيادية أوجد داخل البلاد سوقا لأدوات الدين تدخل بموجبه الشركات العالمية العاملة في القطاع المالي وتعزز هذا القطاع الذي يعتبر أساسيا في رؤية البلاد.وأصدرت وزارة المالية مطلع أكتوبر الجاري سندات سيادية بقيمة 25ر11 مليار دولار موزعة على ثلاث شرائح وذلك في أول عودة ناجحة لأسواق الدين العالمية منذ عام 2017 تكونت الشريحة الاولى من مبلغ 25ر3 مليار دولار بأجل 3 سنوات وشريحة ثانية بثلاثة مليارات بأجل خمس سنوات في حين بلغت الشرحة الثالثة خمسة مليارات لأجل 10 سنوات.وقال وزير المالية بالوكالة الدكتور صبيح المخيزيم آنذاك تعليقا على الاصدار إن حجم الطلب والتسعير التنافسي يعكسان مكانة الكويت كمصدر سيادي متميز مؤكدا ان الاصدار لا يقتصر على تلبية احتياجات التمويل فحسب بل يعزز مكانة الكويت في الأسواق العالمية ويدعم شراكاتها مع المستثمرين الدوليين ضمن مسيرة تحقيق رؤية (كويت جديدة 2035).وأصدرت السندات وفق قانون التمويل والسيولة (رقم 60 لسنة 2025) الذي جاء ضمن حزمة تشريعات وقوانين اصلاحات هيكلية أخرى منها قانون الضريبة على مجموعة الكيانات المتعددة الجنسيات (المرسوم 157 لسنة 2024) الذي بدء تطبيقه مطلع العام الحالي إضافة إلى قانون (التطوير العقاري) القاضي باشراك القطاع الخاص في حل القضية الاسكانية وغيرها من القرارات التنفيذية. (النهاية)ف ن ك / ه ث