ثقافي / الأواني الحجرية في جازان.. تحفٌ صخريةٌ تحكي عبق الزمن والهوية

جيزان 20 جمادى الأولى 1447 هـ الموافق 11 نوفمبر 2025 م واس
تزخرُ منطقة جازان بتراثٍ عميقٍ يجمع بين التاريخ العريق والطبيعة الساحرة والإنسان المبدع، لتظلّ شاهدةً على روح الجبال وهوية جازان الأصيلة، المتوارثة جيلًا بعد جيل، وعلامةً بارزةً من علامات المنطقة الثقافية.
ومن بين ملامح هذا الإرث، تبرز الأواني الحجرية تحفًا صخريةً حيّة للذاكرة المحلية، وواحدةٍ من العادات المتجذرة على موائد الزمن والمطابخ الشعبية، إذ ما زالت تحتفظ بمكانتها في تقديم أشهى المأكولات التي تعبق برائحة الأجداد ونكهة الجبال.
وتُصنع هذه الأواني من الحجر الصابوني بعنايةٍ فائقة، وبمقاساتٍ مختلفةٍ تناسب الاستخدامات المتنوعة، مع زخارف دقيقة تعكس مهارة الصانع وذائقته الفنية, وتُعدّ من المهن الصعبة التي تتطلّب صبرًا وقوةً وإبداعًا إذ يجمع الحرفي بين الدقة والخبرة ليحوّل الحجر إلى قطعةٍ فنيةٍ هندسيةٍ تنبض بالجمال.
ويُستخرج الحجر الصخري باستخدام أدواتٍ تقليدية مثل الأزميل والقدّوم والفرس والمرزبة والسكاكين، لا سيّما من جبال قيس بمحافظة العارضة، المشهورة بأحجارها الصابونية، إذ يُنحت الحجر بدقةٍ ليخرج على شكل أوانٍ دائرية وبيضاوية تُعرف محليًا باسم “المغشّات”، وتُستخدم لطهي الوجبات الشعبية التي تشتهر بها منطقة جازان، محافظةً على حرارة الطعام لساعاتٍ طويلة.
والتقت وكالة الأنباء السعودية خلال جولتها بسوق الثلاثاء الأسبوعي بمحافظة صبيا بأحد بائعي الأواني الحجرية عبده مكي الذي أشار إلى أن هذه الصخور الحجرية تُصنع منها العديد من الأواني التي تتنوع بين “المغشّ” و”الحِسّية” و”القدور” و”الفناجيل”، ويكون للطعام نكهته الخاصة التي يفضلها الأهالي، وتجيد استخدامها الأمهات اللواتي أصبحن على معرفة وخبرة كافية بأنواعها المختلفة من خلال طهي وتقديم الطعام، لأنها تضيف نكهةً خاصةً على الأطعمة ومظهرًا جماليًا مناسبًا للسفرة الجيزانية.
وبيّن أن هذه الأواني تحظى برواج واسع من قبل أهالي وزوار المنطقة، وتتفاوت أسعارها بحسب حجمها وما تتميز به من جودةٍ عالية وجمالٍ فريد وقيمةٍ تراثية تحفظ نفحات الزمن وتخلّد حكاية الأجداد، وتظلّ الأواني الحجرية في جازان شاهدًا حيًا على انسجام الإنسان مع الطبيعة وبراعة الحرفيين، الذين حوّلوا الصخر إلى تحفةٍ تنبض بالأصالة، لتروي للأجيال قصة هويةٍ لا تذوب مع الزمن.
// انتهى //
17:10 ت مـ
0164