
الجبيل 16 ربيع الآخر 1447 هـ الموافق 08 أكتوبر 2025 م واس
على بعد 300 متر من الشمال الشرقي لمدينة الجبيل، يقف “الجبل البحري” شامخًا حارسًا للزمن، شاهدًا على تاريخ بحري عريق كان محورًا لنشأة إحدى أهم مناطق الصيد وتجارة اللؤلؤ على ساحل الخليج العربي، حتى أن المدينة اكتسبت اسمها من هذا المعلم التاريخي الفريد.
ويُعد الجبل البحري أحد أبرز المعالم التاريخية في محافظة الجبيل، حيث تشير الروايات التاريخية إلى أن تسمية “الجبيل” نفسها تعود إلى هذا الجبل.
وأشار حمد الجاسر في كتابه «المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية» إلى أن تسمية الجبيل اشتقت من جبيل صغير كان يقع داخل الميناء، وهو ما يضفي عليه قيمة رمزية وتأسيسية تتجاوز كونه مجرد تكوين طبيعي، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية المحلية الراسخة في ذاكرة أهالي المدينة.
في قلب الحياة الاقتصادية والاجتماعية القديمة لم يكن الجبل البحري مجرد منظر طبيعي، بل كان مركزًا حيويًا لاقتصاد المنطقة قبل عصر النفط، فقد شهد محيط الجبل نشاطًا تجاريًا حيويًا، حيث كان أحد الشواهد البارزة على صيد الأسماك وتجارة اللؤلؤ، مما يروي قصة ازدهار اقتصادي واجتماعي ارتبط بالبحر وخيراته.
وتحول الجبل البحري في حقبتي الخمسينيات والستينيات الميلادية إلى نقطة جذب سياحي، يجذب الزوار والمتنزهين، ويحتفظ الجبل حتى اليوم بمسميات تاريخية عديدة تروي حكايات الماضي، مثل “السوق” و”الخزنة” و”البركة”، إضافة إلى وجود نقوش وكتابات قديمة على صخوره، تشكل بمجملها متحفًا طبيعيًا مفتوحًا.
وسط هذا الإرث الغني، يدعو المهتمون بالتراث والسياحة إلى استثمار هذا المعلم بشكل يليق بقيمته التاريخية والجغرافية، من خلال تطويره سياحياً ليعود نقطة جذب رئيسية، حيث يُمثل تطوير الجبل البحري فرصة استثمارية واعدة لتعزيز القيمة الاقتصادية والسياحية لمدينة الجبيل، مع الحفاظ على طابعه التاريخي، مما يسهم في تنويع مصادر الدخل وخلق فرص عمل، دافعًا بعجلة القطاع السياحي في المحافظة، وموثقًا للصلة بين ماضي المنطقة العريق وحاضرها المزدهر، خاصة وأنه شاهد حي على إرث بحري غارق في العراقة والأصالة.
// انتهى//
14:59 ت مـ
0124