
(حوار شنغريلا) يؤكد أولوية الأمن الجماعي لصون النظام العالميكوالالمبور – 1 – 6 (كونا) — أكدت القمة الأمنية الآسيوية لملتقى (حوار شنغريلا) في ختام أعمالها في سنغافورة اليوم الأحد أنه لا يمكن مواجهة انعدام الأمن بشكل منفرد مشددا على أولوية للأمن الجماعي لصون النظام العالمي.وقال وزير دفاع سنغافورة تشان تشون سينغ إن المنتدى الأمني كشف في ختام أعمال دورته ال22 عن ثلاثة محاور رئيسية من النقاشات وهي أنه “لا يمكن مواجهة انعدام الأمن بشكل منفرد وأن التعاون والمنافسة ليسا نقيضين بل متكاملين وأن لكل دولة وكالة ومسؤوليات سيادية تمكنها من الإسهام في حفظ النظام العالمي”.وقال سينغ خلال الجلسة الأخيرة لأعمال الملتقى إن مشاركة أكثر من 40 ممثلا وزاريا و40 قائدا عسكريا ومسؤولين دفاعيين من 47 دولة تمثل شهادة على القيمة المتنامية للحدث الدولي كمنصة للحوار الصريح لتأمين السلام وتجنب النزاعات.وأعرب عن تأييده لما طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في كلمته الرئيسية للقمة بشأن “الاستقلال الاستراتيجي” قائلا إن دول جنوب شرق آسيا ومنها سنغافورة يجب ألا تجبر على الاصطفاف مع أحد المحاور الدولية بل يجب أن تختار “جانب المبادئ لا جانب القوى”.وفي جانب آخر من كلمته أشاد الوزير بمواقف الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس ووزير دفاع نيوزيلندا جوديث كولينز ووزير الجيوش الفرنسية سيباستيان لوكورنو لطرحهم قضايا تتعلق بالبنى التحتية الحيوية تحت سطح البحر مثل خطوط نقل البيانات والطاقة.وأكد أن هذا النوع من التهديدات لا يمكن لأي دولة مواجهته بمفردها وانما يجب حمايته عبر تعاون جماعي معلنا أن سنغافورة وبالشراكة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ستقود جهود رفع الوعي وصياغة مبادئ مشتركة لتعزيز أمن هذه البنى التحتية.من جهته وفي الجلسة ما قبل الختامية التي عقدت بعنوان (الروابط الأمنية العابرة للأقاليم) دعا وزير الدفاع الوطني الفلبيني غيلبيرتو تيودورو الى تعزيز التعاون الأمني العابر للأقاليم على أساس قواعد الحوكمة الدولية مشددا على أن الفهم المشترك للتهديدات والالتزام بالقانون الدولي والعمل الجماعي شروط أساسية لاستدامة الأمن الإقليمي والعالمي.وأوضح تيودورو أن استقرار النظام الدولي المبني على القواعد القانونية كان عاملا حاسما في تحقيق الطفرات الاقتصادية في آسيا.وفي معرض تعليقه على الأوضاع العالمية لفت الوزير الفلبيني الى تداعيات الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة ما أثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة والسلع وأثقل كاهل الأسر الفقيرة عبر ارتفاع أسعار الغذاء والوقود ما يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.وفي سياق متصل أشار الى التحول من التحالفات الصارمة إلى الأطر المرنة المبنية على المصالح المشتركة مستشهدا بجهود حوار الأمن الرباعي (كواد) والشراكة الأمنية الثلاثية (أوكوس) ومبادرات الاتحاد الأوروبي تجاه منطقة المحيطين مؤكدا أن هذه الشراكات تربط بين أطراف متباعدة جغرافيا لكنها موحدة في رؤيتها لأمن البحار والأمن السيبراني وسلاسل الإمداد.ولفت تيودورو الى أن “التفكير الإقليمي لم يعد كافيا” داعيا في هذا المجال الى سلسلة من التدابير أبرزها إطلاق حوارات استراتيجية ثلاثية ورباعية بين التكتلات الإقليمية حول المخاوف الأمنية المشتركة وتعزيز الشراكات الحوارية ل(آسيان) مع الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي وتطوير أطر قانونية مشتركة بشأن حماية البنى التحتية الحيوية.بدوره أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع التايلندي فومثام ويتشايتشاي في ذات الجلسة أن بلاده ترى أن الأمن الحقيقي في العصر الحديث لا يتحقق إلا من خلال التعاون والشراكات والنهج التعددية في معالجة قضايا الأمن.وقال ويتشايتشاي ان “مفهوم الروابط الأمنية عبر الأقاليم وإن بدا حديثا في الطرح إلا أن مبادئه الأساسية مألوفة حيث أدركت تايلند منذ زمن طويل ضرورة الشراكات العابرة للحدود من أجل حماية السيادة والاستقرار الداخلي”.وأشار في هذا الصدد الى أن المبادرات العابرة للأقاليم مثل (استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ) و(مبادرة الحزام والطريق) الى جانب آليات أمنية مثل (كواد) و(أوكوس) تسهم في تعزيز الاستقرار طويل الأمد والتنمية المستدامة مؤكدا وقوف تايلند إلى جانب التعاون البناء لا الانقسام الجيوسياسي.وشدد كذلك على أهمية تعزيز قدرة البنى التحتية الحيوية على الصمود وخص بالذكر البنية التحتية تحت سطح البحر معتبرا أنها معرضة لهجمات مادية وتخريب وكوارث طبيعية قد تؤدي إلى تعطيل خطير لأمن واقتصاديات المنطقة.واقترح في هذا الشأن بالتنسيق مع سنغافورة وبروناي أن يتولى اجتماع وزراء دفاع رابطة (آسيان) قيادة تعاون عاجل لحماية هذه البنية.واشار من جهة اخرى الى تحدي الذكاء الاصطناعي حيث دعا إلى تطويره وتوظيفه بمسؤولية ووفق مبادئ الحوكمة الرشيدة ليخدم السلام والأمن في السياقات المدنية والعسكرية مع التشديد على ضرورة استخدامه وفق القانون الدولي والأعراف الراسخة.يذكر ان سنغافورة استضافت القمة الأمنية الآسيوية لملتقى (حوار شنغريلا) خلال الفترة من 30 مايو إلى 1 يونيو الجاري بمشاركة وزير الدفاع الكويتي الشيخ عبدالله علي عبدالله الصباح ووزراء دفاع وقادة عسكريين وخبراء أمنيين من 47 دولة.وتعقد هذه القمة سنويا منذ عام 2002 وتعد من أهم المنصات الدولية لمناقشة قضايا الأمن والدفاع في آسيا والعالم وتنظمها مؤسسة (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية) ومقرها لندن. (النهاية) ع ا ب / ا ب خ