رئيس الوزراء اللبناني يطالب بإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من لبنان وايقاف الاعتداءاتالقاهرة – 2 – 11 (كونا) — دعا رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام اليوم الأحد الدول العربية إلى الضغط على المجتمع الدولي لإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاته المتكررة وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.جاء ذلك في كلمة ألقاها سلام أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين بحضور مندوب دولة الكويت الدائم السفير طلال المطيري وذلك في إطار زيارة رئيس الوزراء اللبناني الرسمية إلى القاهرة حيث استعرض خلالها الموقف اللبناني من التطورات الإقليمية والتحديات التي تواجه المنطقة.وقال سلام إن لبنان التزم بوقف الأعمال العدائية وفق القرار 1701 إلا أن “الخروقات الإسرائيلية ما زالت مستمرة واحتلال أجزاء من أرضنا قائم وملف الأسرى والمفقودين لم يقفل بعد” مؤكدا أن احترام القرارات الدولية هو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.وأضاف أن بلاده تفتتح صفحة جديدة في تاريخها عبر انتهاج سياسة إصلاح شاملة في مؤسساتها وإدارتها واقتصادها وتعزيز سيادتها على كامل أراضيها مبينا أن الحكومة اللبنانية تعمل بجدية على تنفيذ اتفاق الطائف باعتباره أساس الدستور وعلى تطبيق القرار 1701 تنفيذا كاملا بما يضمن بسط سلطة الدولة على أراضيها كافة.وأكد سلام أن لبنان يعتمد سياسة خارجية قائمة على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ورفض أي تدخل خارجي في شؤونه مشددا على حرص بلاده على بناء شراكات استراتيجية متينة مع الدول العربية إيمانا منها بان أمنها واستقرارها من أمن لبنان واستقراره.وأعرب عن تقديره لتضامن الدول العربية مع لبنان في مواجهة أزماته الاقتصادية والسياسية مؤكدا أن بلاده برغم “صعوبة التحديات تبقى منفتحة على محيطها العربي ومتمسكة بعروبتها”.وأعرب ايضا عن اعتزازه بتاريخ الجامعة العربية ودورها في تحويل الروابط التاريخية والحضارية إلى عمل مؤسسي مشترك.وقال إن الجامعة العربية كانت سباقة في طرح فكرة التعاون الإقليمي قبل قيام المنظمات المماثلة في أوروبا وأفريقيا وآسيا مبينا أن العرب امتلكوا منذ منتصف القرن الماضي رؤية متقدمة للتكامل الإقليمي قبل أن تتحول هذه الفكرة إلى نظرية سياسية واقتصادية في العالم.واعتبر أن الجامعة ليست إطار رمزيا بل بيتا للعرب ومظلة تحفظ مصالحهم في عالم متغير مؤكدا أن الدور العربي “كان رائدا ومؤسسا لا تابعا لأن العرب أدركوا مبكرا أن السياسة الدولية لا تدار فقط بالتحالفات العسكرية بل أيضا بالمؤسسات التي تحول العمل المشترك إلى قوة فاعلة”.وأضاف أن التغيرات التي شهدها العالم في العقود الأخيرة تفرض على الجامعة العربية أن تتحول إلى أداة استراتيجية لحماية المصالح الجماعية وتفعيل القدرات المشتركة في الأمن والتنمية والمعرفة مشددا على أن المنظمات الإقليمية الحديثة لا تحل محل الدول بل تعزز قوتها السياسية والاقتصادية والأمنية.وأكد سلام أن “السيادة في عالم اليوم لا تقاس بالانعزال عن العالم بل بالقدرة على المشاركة الفاعلة فيه” موضحا أن الجامعة العربية تمثل التعبير المؤسسي عن السيادة العربية في زمن متداخل وأن دورها يجب أن يمتد إلى المساهمة في رسم توازنات النظام الدولي من موقع مستقل ومسؤول.وتطرق رئيس الوزراء اللبناني إلى التحديات التي تواجه المنطقة مشيرا إلى ما شهده العامان الماضين من تصعيد خطير في فلسطين واهتزازات أمنية في منطقتي الخليج والبحر الأحمر وأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة في المشرق والمغرب العربيين.وقال إن هذه الأوضاع تؤكد الحاجة إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي على أسس حديثة تشمل الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية والاجتماعية إلى جانب البعد العسكري مشددا على أن “البنادق لا تحمي وطنا جائعا ولا مجتمعا منقسما”.وفي هذا السياق أكد سلام أن “فلسطين تبقى القضية المركزية التي تختصر في ظلمها معنى الغياب العربي وفي صمودها معنى الأمل العربي” محذرا من أن الاحتلال يسعى لتكريس واقع جديد على الأرض بقوته إلا أن “الرأي العام العالمي بدأ يستعيد وعيه بعدالة القضية الفلسطينية”.وقال إن الرهان اليوم هو على إنهاء الاحتلال وايقاف الاستيطان وحماية المدنيين ودعم الاعتراف بدولة فلسطين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وإعلان نيويورك لحل الدولتين مؤكدا رفض لبنان القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو توطينهم في بلد آخر.كما شدد على ضرورة استمرار دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) للقيام بدورها الإنساني معتبرا أن دعمها يمثل ركيزة أساسية للاستقرار في الدول المضيفة.وأشار سلام إلى أهمية وضع رؤية عربية متكاملة للأمن الإقليمي تشمل أمن الممرات البحرية وسلاسل الإمداد والقدرات السيبرانية والبنية الرقمية مؤكدا أن الأمن العربي يمتد من الممرات البحرية إلى أحواض الأنهار ومن مياه النيل إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي والمتوسط لأن “أمن المياه والطاقة والغذاء هو وجه آخر للسيادة العربية”.وأضاف أن قضية الأمن المائي يجب أن تكون في صميم التفكير العربي المشترك باعتبارها جزءا من الأمن القومي بأبعاده الاستراتيجية مشددا على أن الأنهار الكبرى وفي مقدمتها نهر النيل الذي يمثل شريان الحياة ومصدر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وأن أي إخلال في توازن توزيعها العادل يتحول سريعا إلى تهديد للأمن القومي.واختتم رئيس الوزراء اللبناني كلمته بالتأكيد على أن المطلوب من الدول العربية هو بناء شراكات واقعية قائمة على المصالح الاستراتيجية المشتركة وتنشيط الاتفاقات والمؤسسات العربية القائمة وربطها بمشروعات اقتصادية وتعليمية وتكنولوجية عابرة للحدود معتبرا أن التكامل الاقتصادي العربي يتطلب خطة بقاء جماعية في زمن التحولات الكبرى. (النهاية)م م