“كائنات” لرمزي الغزوي.. تجربةٌ بصريةٌ مستقاةٌ من روح المكان

عمّان في
22 سبتمبر /العُمانية/ يجمع معرض “كائنات: وجوه مقطوفة من سمفونية
الأرض” للكاتب الأردني رمزي الغزوي بين بساطة المشهد الملتقَط بعين الكاميرا
وعمق المعنى الذي ينطوي عليه من جهة، وبين التجربة البصرية المستقاة من روح المكان
والبعد التأملي من جهة أخرى، ويستمر حتى نهاية سبتمبر الجاري.

ومن
خلال الصور الموحية والشعرية سواء في العناوين أو في الصيغ التعبيرية للكلمات
المصاحبة للأعمال الفوتوغرافية، التي تنشئ نوعاً من الفضاء الحواريّ بين النص
والصورة، يقدم الغزوي دعوةً للمتلقي في أن يعيد النظر بموجودات الطبيعة من حوله،
ويستعيد علاقته الإنسانية بها، ويطيل النظر لا فيما يصنعه وحسب؛ بل كذلك فيما
يكتشفه.ويمثل
المعرض المقام على جاليري إطلالة جبل اللويبدة جزءاً من مشروع أكبر بعنوان
“كائنات” أطلقه الغزوي معبّراً فيه عن شغفه في التجوال واكتشاف مكونات
الطبيعة من حوله وهو ابن “عجلون”؛ المدينة التي تتسم بجمالياتها
الطبيعية ومحمياتها الخضراء وينابيعها وغاباتها البرية.

كما
يُعَدّ المعرض امتداداً لمشروعات سابقة أطلقها الغزوي؛ من مثل مبادرته “ثقافة
زهرة”، وكتابه التوثيقي الفني “بُعد خامس”؛ بهدف لفت الانتباه إلى
الطبيعة كمصدر أول للجمال، وإعادة تأمل الإنسان لعلاقته معها، ليس كمراقب أو
متحكّم، بل كمستمع حساس، يتعرّف على ما يختبئ خلف الظلال والصخور والجذوع وفي
مكونات الطبيعة المختلفة من وجوه وكائناتٍ قد لا تراها العين للوهلة الأولى.

ويتضمن
المعرض 31 لوحة فوتوغرافية التقطها الغزوي خلال تجواله في الطبيعة باستخدام كاميرا
هاتفه المحمول، كما لو أنه يدلل على أن الإنسان لا يحتاج إلى المعدات غالية الثمن
ليلتقط مشاهد فارقة بقدر ما يحتاج إلى عين ثاقبة ورؤية حساسة لما حوله، وقد لجأ
لهذا الخيار التقني ليُضفي طابعاً من العفوية والقرب والقدرة على التقاط اللحظة
الطبيعية دون التمهيد الزائد، لتكون حقيقية وطازجة كما أراد لها أن تكون.

وتشير
اللوحات المعروضة على أهمية إعادة النظر في فكرة “مركزية الإنسان” على
الأرض؛ فبدلاً من أن نرى أنفسنا في المركز، تقترح علينا الأعمال أن نستمع ونتلمّس
ونتأمل فيما حولنا؛ في هذه الكائنات الخفية، لنكتشف أن ما في الطبيعة ليس مجرد
جمادات وجدت لخدمتنا بل هي ذوات تشاركنا هذا الوجود.

لذلك
يركز الغزوي في المشاهد التي التقطها على فكرة الوجوه التي شكلتها الطبيعة من جذوع
الأشجار أو الصخور أو حتى في تركيبات الضوء والظلال، ويشعر المتأمل في أعماله أن
ما تحمله هذه الوجوه من ملامح يشبه إلى حد كبير ملامحنا الإنسانية، ولعلها أيضاً
بمنظرها البسيط وألوانها الطبيعية تنظر إلينا وتراقبنا، كما لو أنها جزء من
تكويننا ونحن جزء من تكوينها؛ وبالتالي نتشارك معاً الحياة على سطح الأرض.

/العُمانية/
النشرة الثقافية/شيخة
الشحية