الكويت وتركيا.. عقود من العلاقات الدبلوماسية والتعاون المثمر في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية

الكويت وتركيا.. عقود من العلاقات الدبلوماسية والتعاون المثمر في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانيةمن أسامة السعيد (توثيق)أنقرة – 7 – 5 (كونا) — تؤكد زيارة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه إلى تركيا وهي أول زيارة لسموه إلى الجمهورية الصديقة منذ توليه مقاليد الحكم نجاح مسيرة عقود من العلاقات الدبلوماسية الزاخرة بالإنجازات والتعاون المثمر في شتى المجالات رسختها محطات متعددة ومواقف مبدئية وثابتة وصولا إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الصديقين.وتنطوي زيارة سمو أمير البلاد رعاه الله إلى تركيا على أهمية خاصة باعتبارها تتويجا لعقود على نشأة العلاقات الدبلوماسية بينهما والتي تعود تحديدا إلى مايو عام 1964 وانطلاقها رسميا في عام 1969.وطوال تلك السنوات شهدت العلاقات الكويتية – التركية تطورا متصاعدا ومطردا بفضل الرؤى المشتركة التي يتقاسمها البلدان حول العديد من القضايا مما جعلها تتطور إلى شراكة مبنية على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة واستثمر البلدان الروابط الثقافية والتاريخية التي تجمع الشعبين في تعزيز أواصر الصداقة بينهما.ولم يقتصر التطور في العلاقات الكويتية – التركية على الجانب السياسي فقط وانما شهدت العلاقات الاقتصادية نموا سريعا على المستويين الرسمي والأهلي اذ ترتبط الكويت وتركيا ب 62 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات أبرزها الاقتصادية والاستثمارية والتنموية والبنية التحتية والإعلام والرياضة والأبحاث العلمية والتكنولوجيا.وباستعراض مسيرة العلاقات الثنائية الكويتية – التركية نستذكر افتتاح سفارة دولة الكويت في أنقرة عام 1972 وافتتاح السفارة التركية في الكويت عام 1971 ولعل من أبرز المواقف خلال هذه العلاقات الوطيدة موقف تركيا المتميز في الوقوف مع الحق الكويتي ودعمها للشرعية الكويتية إبان الغزو العراقي الغاشم.وعقب ذلك قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بزيارة رسمية للعاصمة أنقرة عام 1991 للتعبير عن الامتنان والشكر والتقدير لموقف الحكومة التركية في إدانة الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت.وأيضا من أبرز المراحل في تاريخ العلاقات بين البلدين عندما أكدت دولة الكويت وقوفها ودعمها للحكومة التركية المنتخبة ديمقراطيا ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في يوليو 2016 حيث بعث أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه ببرقية إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هنأه فيها بنجاح الشرعية والانتصار للديمقراطية وإرادة الشعب التركي الصديق بالمحافظة على مكتسباته الدستورية والتي مكنته من تجنب معاناة ومآس كثيرة وحقن دماء الأبرياء.وفي مجال التعاون الأخوي عند وقوع زلزال تركيا المدمر في فبراير 2023 وجه أمير البلاد الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بإنشاء جسر جوي لإرسال مساعدات وطواقم طبية عاجلة باسم دولة الكويت الى تركيا بمشاركة كل من وزارة الخارجية وقوة الإطفاء العام والهلال الأحمر الكويتي ووزارة الصحة والجيش الكويتي.كما وجه سموه طيب الله ثراه بالتبرع ب 30 مليون دولار لإغاثة منكوبي تركيا وسوريا حيث بلغ مجموع المساعدات الحكومية والشعبية لمنكوبي البلدين 7ر97 مليون دولار.وعند اندلاع حرائق الغابات في تركيا في أغسطس 2021 وبناء على تعليمات أمير البلاد الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه أرسلت قوة الإطفاء العام فرقة مكونة من 45 رجل إطفاء مزودين ب 6 آليات لدعم ومساندة الجهود التركية لإخماد حرائق الغابات في عدة ولايات تركية كما تم التبرع بآليات الإطفاء الكويتية التي استخدمتها فرقة قوة الإطفاء العام.وبخصوص أبرز الزيارات بين قيادتي البلدين الصديقين فقد قام أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بزيارة تركيا عام 2008 وتم توقيع سبع اتفاقيات شملت مجالات عدة من بينها اتفاقية التعاون الاقتصادي واتفاقية التعاون العلمي والفني واتفاقية تشكيل لجنة عليا مشتركة للتعاون بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية اضافة الى اتفاقية التعاون في المجال الصحي واخرى في مجال تبادل الأيدي العاملة.كما أبرم الجانبان في الزيارة الثانية للأمير الراحل أيضا إلى أنقرة في أبريل 2013 ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات الطيران والنقل الجوي والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة والثروة الحيوانية والتعاون في مجالات الصناعات الدفاعية والتعاون الثقافي والفني الى جانب التعاون بين معهد سعود الناصر الدبلوماسي والأكاديمية الدبلوماسية التركية وكذلك اتفاق لإعفاء حملة جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة من تأشيرة الدخول.وتبادل الجانبان الكويتي والتركي على مستوى الوزراء توقيع العديد من الاتفاقيات خلال الفترة من 2008 الى 2014 كان من أبرزها مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات والتدريب والتعليم العسكري واجراء المناورات العسكرية المشتركة.ووقع الجانبان خلال هذه الزيارات العديد من الاتفاقيات منها انشاء لجنة مشتركة بين البلدين وتبادل الايدي العاملة ومذكرة تفاهم في مجال حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية للتنمية المستدامة واتفاقية للتعاون الاقتصادي والفني وتنمية الصادرات الصناعية والتعاون في مجال الشؤون الجمركية واتفاقية للتعاون العلمي والفني والاقتصادي في المجال الزراعي والتعاون في المجال التقني.كما وقع البلدان أيضا اتفاقيات في مجال التدريب العسكري والتعاون في مجالات الصحافة والاعلام والنقل التجاري البحري وبروتوكول بشأن التعاون في مجال المحفوظات في عام 2014. وفي زيارة الأمير الراحل طيب الله ثراه الى أنقرة في مارس 2017 قلد الرئيس أردوغان سموه وسام الدولة التركية الوسام الأرفع بالجمهورية التركية تقديرا لدور سموه الكبير في الدفع بالعلاقات الثنائية والاسهامات الإنسانية البارزة لسموه تجاه الاستجابة للازمات الإنسانية التي تتعرض لها العديد من دول العالم كما أهدى سمو الأمير الرئيس التركي قلادة مبارك الكبير عرفانا بالدور المحوري الذي يؤديه على الصعيدين الثنائي والدولي.وكان أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح زار مدينة اسطنبول في نوفمبر 2009 وترأس وفد دولة الكويت في المؤتمر ال 25 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري التابعة لمنظمة التعاون الاسلامي (كومسيك) والتقى الرئيس التركي السابق عبدالله غل وبحث معه العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتنميتها في جميع المجالات.وترأس الأمير الراحل أيضا وفد دولة الكويت في الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر قمة منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول أبريل 2016 والقمة العالمية للعمل الانساني والتي عقدت أيضا في اسطنبول في مايو من العام ذاته وترأس سموه وفد الكويت في الدورة الاستثنائية للقمة الاسلامية لمنظمة التعاون الاسلامي حول القدس في اسطنبول في ديسمبر 2017.وأجرى الرئيس التركي السابق عبدالله غل ثلاث زيارات للكويت في فبراير من عامي 2009 و2011 ومارس من عام 2014 وذلك ضمن مساعي القيادتين التركية والكويتية المتواصلة لدعم وتعزيز أواصر الصداقة والتعاون بين البلدين. كما زار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الكويت في أبريل 2015 ومايو 2017 لحضور مراسم حفل تدشين توسعة مطار الكويت الدولي الذي تنفذه شركة (ليماك) التركية ويوليو 2017 ونوفمبر من العام ذاته. ووقع بيت التمويل الكويتي في مارس 2015 عقد تسهيلات ائتمانية مع شركة (ليماك) التركية بقيمة 248 مليون دولار لبناء جسر (جناق قلعة 1915) المعلق على مضيق الدردنيل الذي يربط بحري (مرمرة) و(ايجه) شمال غربي تركيا. وبلغ عدد الشركات الاستثمارية ذات رأس المال الكويتي بتركيا 291 شركة في عام 2017. ومنذ عام 1992 تبادل الطرفان العديد من الزيارات الرسمية على مستوى رؤساء البرلمانات ورؤساء الحكومات والوزراء وعلى مستوى العلاقات البرلمانية أجرى رئيس مجلس الامة الكويتي السابق مرزوق الغانم زيارة الى أنقرة في فبراير 2016 في حين زار رئيس البرلمان التركي اسماعيل كهرمان الكويت وبحث مع الغانم العلاقات الثنائية وسبل تطويرها.وعلى صعيد مساهمة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية قدمت الكويت في عام 1979 عبر الصندوق الكويتي قرضها الأول الى تركيا لتمويل مشروع خطوط نقل الكهرباء عبر البوسفور الذي يمثل أول انخراط للكويت في تمويل مشروعات داخل تركيا ومنه انطلق الطرفان الى تنمية العديد من القطاعات والأنشطة الأخرى في تركيا مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل والمواصلات. وقدم الصندوق 12 قرضا حتى نهاية شهر نوفمبر 2009 بلغت قيمتها 106 ملايين دينار كويتي (نحو 345 مليون دولار) وذلك لتمويل مشروعات ذات أولوية كبرى في مختلف القطاعات وأهمها قرض بقيمة 53 مليون دولار لإعادة بناء شبكة طرق تربط وحدات التوطين السكنية التي بنيت عقب زلزال 17 اغسطس 1999 في منطقة مرمرة وفي إطار البرنامج نفسه قدم الصندوق قرضا بقيمة 3ر28 مليون دولار لإعادة تأهيل البنى التحتية التي تضررت من الزلزال.ووقع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أيضا في يناير 2016 اتفاقية مع تركيا يقدم الصندوق بمقتضاها منحة قدرها 20 مليون دولار للاسهام في خطة الاستجابة لأزمة اللاجئين السوريين في تركيا في قطاعي الصحة والتعليم كجزء من التزام الكويت في مؤتمر المانحين الثالث في مارس 2015 والبالغ 500 مليون دولار معظمها خصص لمنظمات الامم المتحدة العاملة في سوريا.وفي نوفمبر 2014 تم افتتاح قرية (قائد الانسانية) في مدينة (وان) شرقي تركيا التي تعرضت لزلزال مدمر في اواخر عام 2011 والتي نفذت بتوجيهات من أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وبدعم كريم من حكومة دولة الكويت من اجل المساعدة في ايواء متضرري الزلزال المدمر الذي أسفر عن قتل 644 شخصا وإصابة 4152 آخرين وتدمير 2262 بيتا.وجرى تنفيذ مشروع قرية (قائد الانسانية) على مرحلتين الأولى انشاء بيوت جاهزة الهدف منها سرعة ايواء المتضررين والثانية انشاء اربع عمارات تضم 64 وحدة سكنية تخدم أكثر من 80 عائلة يتيم ومتضرر من الزلزال.وأنشأت الكويت قرية (الشيخ صباح الأحمد) لإيواء اللاجئين السوريين بتوجيهات من الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه في مدينة (كليس) جنوبي تركيا وبدعم كريم من الحكومة الكويتية في إطار التعاون الانساني بين البلدين للتخفيف من معاناة الأسر السورية النازحة والتي ضمت 1248 بيتا جاهزا الى جانب بناء وتجهيز مدارس ومراكز طبية ومساجد ومركز للخدمات الاجتماعية بالمستلزمات الضرورية وتم افتتاحها رسميا في أبريل 2017.وتم افتتاح مركز الكويت الطبي للأطراف الصناعية في مدينة إسطنبول التركية في أبريل 2017 بهدف خدمة المصابين السوريين والتخفيف من معاناة الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم بدعم وتمويل من بيت الزكاة الكويتي.وساهمت دولة الكويت بشكل كبير في تخفيف العبء عن الحكومة التركية التي تستضيف نحو 5ر3 ملايين لاجئ سوري من خلال استضافتها للمؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا لثلاث دورات آخرها في مارس 2015 وترأس سمو أمير البلاد حينها المؤتمر الرابع الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن في فبراير 2016 وترأس أيضا وفد الكويت الى قمة القادة لمناقشة أوضاع اللاجئين بمقر الامم المتحدة في مدينة نيويورك في سبتمبر 2016.وساهمت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية والرحمة العالمية بجمعية الاصلاح الاجتماعي وبيت الزكاة الكويتي وجمعية النجاة الخيرية وجمعية الهلال الأحمر الكويتية وجمعية السلام للأعمال الانسانية والخيرية ومتبرعون من شعب الكويت المعطاء في تسيير قوافل مساعدات انسانية من تركيا الى الشعب السوري في الداخل السوري وفي مخيمات اللاجئين في دول الجوار وافتتاح مدارس واقامة مشاريع لدعم الأيتام وعوائلهم بتركيا.وترتبط العديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية الكويتية باتفاقيات تعاون لدعم المحتاجين في تركيا وخارجها مع نظيراتها التركية منها مؤسسة الاغاثة الانسانية وجمعية الهلال الأحمر وجمعيات الهدى والشفقة وساعد. وكان حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه والوفد الرسمي المرافق لسموه غادر بحفظ الله ورعايته أرض الوطن صباح اليوم متوجها إلى جمهورية تركيا الصديقة وذلك في زيارة دولة. (النهاية)ا س ع / ط م ا