الكيان الإسرائيلي يغرق في الانقسام.. وائتلافه الحاكم برئاسة نتنياهو على حافة الهاوية

الدوحة في 27 مارس /قنا/ يواجه كيان الاحتلال الإسرائيلي انقساما غير مسبوق، بسبب تعديلات قضائية يريدها رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو وتهدف بالدرجة الأولى لوضع القضاء تحت سيطرته وفي خدمته وخدمة ائتلافه الحكومي، الذي وصف بأنه الأكثر تطرفاً في تاريخ الكيان.

ومع استمرار احتجاجات الإسرائيليين في العديد من المدن ضد التعديلات المقترحة، أخذ الانقسام الإسرائيلي بعدا جديدا خلال الساعات القليلة الماضية، تمثل بقيام نتنياهو بإقالة وزير الدفاع “يوآف غالانت”، بسبب تأييده تأجيل التعديلات المتنازع بشأنها، وهو ما أغرق الكيان في الانقسام أكثر، فقد كانت هذه الخطوة بمثابة صب الزيت على النار، حيث نزل آلاف

المتظاهرين إلى الشوارع في تل أبيب وحيفا والقدس وبئر السبع، مردّدين شعارات تدعو لرحيل نتنياهو.

كما اندلعت على الفور مواجهات بين المتظاهرين والشرطة الإسرائيلية حول منزل نتنياهو بمدينة القدس، وأغلق المتظاهرون طرقا رئيسية هناك مطالبين باستقالة نتنياهو، ونقلت وسائل الإعلام في تل أبيب عن مسؤول كبير بحزب الليكود قوله إن نتنياهو فقد السيطرة على الوضع، فيما أصدر قادة المعارضة الإسرائيلية بيانا قالوا فيه إن رئيس الوزراء تجاوز الخط

الأحمر، وأضافوا أن الاحتجاجات لن تتوقف قبل وقف الإجراءات الرامية لإحداث تغييرات في الجهاز القضائي.

وأعلن أعضاء في الائتلاف الحكومي إنهم شعروا بصدمة كبيرة من قرار نتنياهو إقالة وزير الدفاع، واعتبروا أن نتنياهو ارتكب خطأ استراتيجيا، ودعا زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان أعضاء حزب الليكود إلى تنحية نتنياهو عن سدة الحكم والعمل على تشكيل ائتلاف حكومي جديد في إسرائيل.

وفيما قدم القنصل الإسرائيلي في نيويورك آساف زمير استقالته، احتجاجا على إقالة نتنياهو وزير الدفاع، تدرس نقابة العمال العامة في إسرائيل “الهستدروت” اليوم، إمكانية إعلان الإضراب الشامل بالمرافق الاقتصادية كافة، كما أعلنت نقابة الأطباء والجامعات الإسرائيلية الإضراب العام، فيما أعلن رؤساء عدد من المجالس المحلية بدولة الاحتلال الدخول في

إضراب مفتوح عن الطعام أمام ديوان رئاسة الوزراء في القدس المحتلة اعتبارا من اليوم.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش رفع حالة التأهب ودفع بتعزيزات بعد فقدان السيطرة داخل إسرائيل، وسط موجة عصيان في صفوفه.

وفيما رجح مصدر في الليكود تعليق التعديلات القضائية، شدد وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير على ضرورة إقرار تلك التعديلات، وطالب بما أسماه عدم الاستسلام للفوضى، كما رفض حزب الصهيونية الدينية المشارك في الائتلاف الحاكم وقف التعديلات القضائية، واعتبر ذلك رضوخا لمن أسماهم “الفوضويين”، على حد تعبيره.

كما هدد وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، الذي لا يزال واحدا من عناوين أزمة الحكم التي يشهدها الكيان حاليا، لكونه دفع نحو مشروع التعديلات القضائية، بالاستقالة إذا تراجع نتنياهو عن موقفه من التعديلات القضائية.

في المقابل ، حث كبار المسؤولين بالائتلاف الحاكم نتنياهو على التراجع عن إقالة وزير الدفاع وفق ما ذكرته إذاعة جيش الاحتلال .

وقد أرجأ نتنياهو خطابا كان سيلقيه صباح اليوم بعد خلافات بين أعضاء الائتلاف الحكومي وتهديدات بانهيار التحالف، فيما تردد أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أعطى الضوء الأخضر لنتنياهو لوقف التعديلات القضائية لكن بن غفير هدد بحل الائتلاف.

ووسط هذه التطورات فقدت العملة الإسرائيلية الشيكل جزءا من قيمتها في التداولات الصباحية، وعلقت الرحلات الجوية في مطار بن غوريون، فيما دعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لوقف التعديلات القضائية حفاظا على ما سماه وحدة الإسرائيليين، وقال :”إن أمن إسرائيل واقتصادها ومجتمعها يتعرض للتهديد”.

وفي خضم هذه المستجدات، أعرب البيت الأبيض عن قلقه الشديد بشأن الاحتجاجات الجماهيرية في إسرائيل والتي اندلعت بعد إقالة وزير الدفاع، وقال إنها تؤكد بشكل أكبر على الحاجة الملحة للتوصل إلى حل وسط.

وقد علقت صحيفة هآرتس الإسرائيلية على هذه التطورات متهمة نتنياهو بأنه ليس على استعداد للمخاطرة بالزج بالكيان الإسرائيلي في أزمة دستورية فحسب، بل هو على استعداد لأي شيء يمكِّنه من تمرير قانون يسمح لائتلافه باختيار قضاة المحكمة العليا الجدد .

وأضافت أن الهدف الحقيقي لنتنياهو هو أن يصبح قادرا على تقرير من سيكون القضاة الذين يمكنهم، يوماً ما، وفي وقت غير بعيد، الاستماع إلى استئناف في قضية الرشوة الخاصة به، وأضافت أن نتنياهو، البالغ من العمر 73 عامًا، هو الآن الرئيس العام لحكومة من مشعلي الحرائق المستعدين لإشعال النيران في إسرائيل، فقط حتى يتمكنوا من هدم القضاء الذي لا يناسب أجندتهم وإرساء هيمنتهم.

ويشهد كيان الاحتلال منذ أسابيع أزمة سياسية حادة، بسبب محاولة نتنياهو وحلفائه تعديل النظام القضائي بشكل يقوض استقلال المحكمة العليا ويحد من صلاحياتها في مراقبة السلطة التنفيذية والتشريعية.

وقد أثارت هذه المحاولة موجة من الاحتجاجات الشعبية والانتقادات الدولية، وأدت إلى توترات داخل الائتلاف الحاكم.

ويقول المراقبون إن التطورات والاحتجاجات الجارية في إسرائيل حول التعديلات القضائية تلقي بظلال من الشك وتطرح تساؤلات عديدة حول المستقبل السياسي لنتنياهو ومصير ائتلافه الحكومي، وأضافوا أن الأوضاع السياسية في إسرائيل باتت مفتوحة على كافة الاحتمالات والتي قد تظهر خلال أيام وربما ساعات.

يذكر أن التعديلات القضائية التي يريدها نتنياهو هي مجموعة من التشريعات التي تهدف إلى تغيير آلية اختيار القضاة وتقليل صلاحيات المحكمة العليا في إلغاء القوانين والقرارات الحكومية، بدعوى إحداث توازن بين السلطات والحد من التدخل القضائي في الشؤون السياسية.