المنتج المحلي يعزز الأمن الغذائي خلال المونديال

الدوحة في 11 ديسمبر /قنا/ حققت دولة قطر قفزات كبيرة في الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وتوفير نسب اكتفاء عالية منه، من خلال وضع الخطط والاستراتيجيات الوطنية المناسبة التي تعزز هذا الهدف، مما يسهم بدوره في تحقيق الأمن الغذائي وحاجة الدولة منه.

ولإنجاز هذه الأهداف تحرص الدولة على زيادة المنتج المحلي ورفع كفاءته وفق معايير ترتبط بصحة وسلامة الأغذية وبجودة تنافسية عالية، لتلبية احتياجات المستهلك، وفي نفس الوقت تعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية وبخاصة في السوق المحلي، وذلك ضمن إطار رؤية قطر الوطنية 2030.

وفي هذا الإطار، افتتحت وزارة البلدية عام 2012، ساحات المنتج الزراعي المحلي، تعزيزا لجهودها بتوفير الأمن الغذائي ومساعدة المزارعين وأصحاب مزارع الثروة الحيوانية وصيادي الأسماك على زيادة الانتاج.

وقد توسع عمل وعدد تلك الساحات لتصل حتى الآن إلى خمس ساحات في كل من المناطق التالية، المزروعة والخور والذخيرة والوكرة والشمال والشيحانية، مع سعي إدارة الشؤون الزراعية بوزارة البلدية لبدء موسم بعضها مبكرا وتمديد موسم البعض الآخر، مما أسهم بدوره في زيادة الإنتاج، لا سيما خلال هذه الفترة التي تستضيف فيها قطر بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.

وفي هذا السياق، كشف السيد يوسف الخليفي مدير إدارة الشؤون الزراعية، بوزارة البلدية، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن إنتاج دولة قطر الزراعي من الخضراوات المحلية قد ارتفع من 22 ألف طن إلى حوالي 35 ألف طن خلال شهري نوفمبر وديسمبر من العام الجاري، وهو ما يمثل نسبة 60 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

وأشار إلى أن العديد من المزارع القطرية ساهمت في توفير السلع الغذائية، حيث بدأت الإنتاج مبكرا خلال هذه الفترة لأنواع معينة من الخضراوات المحلية، وهو ما رفع حصيلة الإنتاج خلال الفترة المذكورة، التي تستضيف فيها قطر حاليا بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022.

واستعرض الخليفي التطور الكبير الذي تشهده ساحات المنتج الزراعي المحلي باستمرار، موضحا أن الادارة حرصت هذه المرة على افتتاح موسمها في وقت مبكر بدءا من الثالث من شهر نوفمبر الماضي، مع تجربة عمل ساحة المزروعة طوال العام، بالإضافة إلى ساحتي الخور والذخيرة، والوكرة، اللتين تعملان بصورة يومية خلال فترة كأس العالم.

ونوه بأن البيانات التي تم رصدها خلال شهر نوفمبر الماضي، من عمل ساحات المنتج الزراعي المحلي، أظهرت زيادة في كمية الخضراوات المعروضة بنسبة 33 بالمئة، حيث بلغت 1067 طنا مقارنة بــ800 طن عن نفس الفترة من الموسم السابق، مبينا أن هذه الساحات التي أنشأتها وزارة البلدية منذ العام 2012، تعتبر من أهم منافذ التسويق للمزارعين الذين يقومون بعرض وبيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين دون وسطاء وبأسعار مناسبة.

وفيما يخص فحص الإرساليات النباتية الواردة بمنافذ الدولة قبل وأثناء البطولة، ذكر مدير إدارة الشؤون الزراعية بوزارة البلدية، أنه تمت زيادة عدد مفتشي الحجر الزراعي بالمنافذ بنسبة 150 بالمئة، لضمان سير العمل وإنهاء الإجراءات في أسرع وقت ممكن، ومواكبة الزيادة المتوقعة في الإرساليات ونسبتها 60 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.

ولفت إلى أن كل ذلك يتم عن طريق عدد من مكاتب الحجر الزراعي التي تعمل على مدار الساعة في أربعة منافذ جمركية، في كل من أبوسمرة وميناءي حمد والرويس ومبنى الشحن الجوي، بالإضافة الى فحص الإرساليات والطرود التي ترد عن طريق مبنى البريد العام وميناء الدوحة حسب الطلب، للتأكد من استيفائها لمتطلبات الصحة والصحة النباتية، حفاظا على الثروة النباتية للدولة.

وأضاف قائلا في سياق ذي صلة أن وزارة البلدية تقوم حاليا بعرض المنتجات الزراعية بحديقة البدع ضمن فعاليات كأس العالم FIFA قطر 2022، بهدف التعريف بالمنتج الزراعي القطري عبر تقديمه بشكل مجاني لزوار الحديقة.

من جهته، نوه السيد ناصر الخلف المدير التنفيذي ومالك مزرعة /أجريكو/، بالإقبال الكبير الذي لاقته المنتجات الزراعية المحلية والمستوردة على حد سواء خلال استضافة قطر لهذا الحدث الرياضي العالمي.

وقال الخلف، في تصريح مماثل لـ/قنا/، “بالرغم من بلوغ الإنتاج في المزارع المحلية ذروته في هذه الفترة، وزيادة الإنتاج المحلي على نسبة الاستهلاك عادة في بعض المنتجات الزراعية، إلا أنه يلاحظ أثناء البطولة الإقبال الكبير على جميع الإنتاج المحلي من الخضراوات، وبالتالي استهلاك معظمه، وحتى أيضا بالنسبة للمستورد من الدول المجاورة.

وعزا ذلك إلى فتح الأسواق، مما أدى إلى زيادة المنافسة في الجودة والأسعار، ما ساعد في حصول المستهلك بالتالي على منتجات ذات جودة عالية بأسعار معقولة ومناسبة.

وأشار الخلف إلى أن ساحات المنتج الزراعي المحلي أتاحت للمستهلك فرصة قطف الثمار من المزرعة مباشرة دون وسيط أو عمولة، وشراء منتجات طازجة، مما ساهم في تحسين الأسلوب التسويقي وتقليل الفاقد من الخضراوات وتحسين جودة الإنتاج، وإبراز منتجات أصحاب المزارع القطرية.

يذكر أن بيانات سابقة لوزارة التجارة والصناعة كانت قد أشارت إلى استقرار أسعار العديد من السلع أثناء فترة المونديال، وأن أسعار بعض المنتجات شهدت انخفاضا ملحوظا مثل الخضراوات، بالتزامن مع موسم إنتاجها الفصلي، بالإضافة إلى الجهود التي بذلتها الدولة لدعم توافر المنتجات الوطنية في الأسواق المحلية.

يشار إلى أن القطاع الزراعي يتمتع بأهمية خاصة في سياسات وتوجهات دولة قطر، نظرا لبعديه الاجتماعي والاقتصادي، وتم إيلاؤه المزيد من الاهتمام، حتى باتت مساهمته في الناتج المحلي كبيرة ومقدرة.

ويبدو قطاع الزراعة والثروة الحيوانية اليوم، صاحب حصة وافية من النمو الصاعد، على قاعدة الاهتمام الكبير الذي حظي به في الدولة، باعتباره القطاع المنوط به تحقيق الأمن الغذائي، ولكونه إحدى أهم أولويات الدولة خلال الفترة الحالية والمقبلة، حيث تؤكد أحدث المعطيات أنه بشقيه النباتي والحيواني، نجح في تحقيق قفزات كبيرة على طريق التنمية المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة بعد أن تم تخصيص دعم سنوي له قدره 70 مليون ريال على مدى خمس سنوات، بهدف تحفيز الإنتاج الزراعي والحيواني والسمكي وتسويق المنتجات الزراعية، للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من المحاصيل بنسبة 70 بالمئة بحلول 2023.

ونتيجة لهذا الدعم، حقق القطاع الزراعي، وخصوصا الشق النباتي فيه، زيادة في استثمار المساحات المحمية بنسبة 28 بالمئة خلال الفترة من 2019 حتى عام 2021، بعد أن ارتفعت من 520 هكتارا إلى 666 هكتارا، الأمر الذي انعكس في زيادة إنتاج الخضراوات بنسبة 11 بالمئة خلال نفس الفترة.

وترتكز الاستراتيجية الزراعية في دولة قطر على توسيع دائرة المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية، مثل الخضراوات والتمور واللحوم الحمراء والدواجن والبيض، والأسماك والألبان والأعلاف الخضراء، مع مراعاة المحافظة على الموارد الطبيعية في البلاد والعمل على حسن استغلالها، ما أدى إلى تضاعف الإنتاج المحلي من الخضراوات واللحوم والأسماك والدواجن وبيض المائدة وأعلاف الحيوانات، بما يزيد على 400 بالمئة خلال عام واحد، كما تولي الدولة أهمية خاصة لرقابة الأغذية من الناحية الصحية والنوعية، بما يضمن رفع مستوى جودة وسلامة المنتجات الغذائية.