ثقافي / قراءة في كتاب: “مضيف ثليم”

الرياض 01 رمضان 1445 هـ الموافق 11 مارس 2024 م واس
أنجز الباحث الدكتور ناصر بن محمد الجهيمي كتاباً وثائقياً أصدرته دارة الملك عبدالعزيز، بعنوان: “مضيف ثليم”.
ويقع هذا العمل في 239 صفحة موزعة على 8 فصول تحوي الموضوعات التالية: المضايف في الدولة السعودية، مضيف ثليم اسمه وموقعه ومساحته ووصفه، الهيكل الإداري لمضيف ثليم، الأثر الاجتماعي والاقتصادي لمضيف ثليم، مضيف ثليم في ذاكرة الرواة والرحالين والمبعوثين، مضيف ثليم في الذاكرة الشعبية، وثائق ثليم.
وبين الباحث في مطلع تعريفه بـ “قصر ثليم” أن أصل الاسم يعود إلى مزرعة تسمى “ثليم”، اشتراها الملك عبدالعزيز عام 1355هـ وأوقفها لوالده الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي؛ لكونها محطة للمسافرين قبل دخولهم الرياض، حيث يستقون من بئرها وتشرب أنعامهم من المدي الخارج منها.
وفي عام 1358هـ حدث “وباء الجدري” الذي مات بسببه خلق كثير في نجد وغيرها من بلدان الجزيرة العربية, وهو ما أدّى إلى نزوح الناس إلى الرياض طلباً للعلاج, فاستوطنوا منطقة الشمسية في الشمال الشرقي من الرياض وخارج أسوارها، ونزلوا على حافة وادي البطحاء، فرأى الملك عبدالعزيز أن ينزلهم في وقف والده “ثليم”, ليصبح مأوى ومطعماً لهؤلاء حصراً للمرض في مكان واحد، وحتى يمكن حصول المرضى ومرافقيهم على العلاج والتطعيمات اللازمة تحت إشراق طبي، فكانت بادرة خير ووفاء من الملك عبدالعزيز.
ثم أمر الملك عبدالعزيز في عام 1359هـ بإنشاء مضيف يتضمن نزلاً ومطابخ، وكلف حمد بن قباع ببنائه في وقف والده “مزرعة ثليم”, ليستقبل الضيوف القادمين إلى الرياض، ويؤمن لهم الطعام، وليكون مطعماً لعامة الناس، وامتدت خدماته لتشمل إطعام السجناء وطلبة العلم وغيرهم.
وأشار الباحث أن المضيف يحتوي على ثلاثة أقسام، مضيف للبدو ويشرف عليه خريمس بن عبدالله، ومضيف للحضر ومضيف للوفود الممتازة ويشرف عليهما سعود بن مسلم، ويعاون المشرفين مجموعة من العاملين في أعمال إدارية وخدمية مختلفة.
وأوضح أنه كان لهذا المضيف أثر اجتماعي بارز يثبته ذيوع صيته وكثافة المتوافدين إليه وحجم العطاءات التي كانت توزع من خلاله لطلاب والفقراء والسجناء والضعفاء والمعاقين والأرامل واليتامى، مشيراً إلى ما ترتب على اجتماع هؤلاء الناس من تكاتف وتلاحم فيما بينهم, مما أدى إلى صهر العصبيات والانتماءات القبيلية، ومن ثم يكون الملك عبدالعزيز قد هيأ مجتمعه إلى ما كان يصبو إليه من وحدة وقوة.
وجاء في الكتاب أن الروايات ونصوص الوثائق اختلفت في سرد حجم الإنفاق ومقادير المواد التي يستهلكها مطبخ “ثليم” يومياً، والذي يظهر أنه لم يكن هناك مقدار ثابت يلزم قصر الضيافة بالسير عليه، بل كانت تصرف حسب ما تقتضيه أحوال الوافدين وأعدادهم وأحوال السنوات التي تميز بعضها بالخصب واتصف بعضها الآخر بالجفاف، لكن بالنظر في المصادر والوثائق فقد كان متوسط عدد الوافدين يومياً يبلغ 15 ألف شخص، ويقدم لهم يومياً من 30 إلى 50 خروفاً، و 5 جمال، و 50 قلة تمر، ومن السمن 35 تنكة، ومن الأرز 80 كيساً، ومن الحطب حمولة شاحنتين، ويقدم الأكل على وجبتين صباحاً ومساءً، على يد طباخين مخصصين لهذه المهمات، ويطبخ الأكل في أوان ضخمة جداً، ومع اختلاف عدد الضيوف تختلف كمية المصروفات.
وختم الباحث كتابه بنماذج مختارة لبعض الوثائق المتعلقة ب “قصر ثليم”، وقسمها إلى وثائق تتعلق بالأمراء والمسؤولين وعددها 16 وثيقة، ووثائق تتعلق بزوار المضيف من الخارج وعددها 9 وثائق، و 5 عن العلاقات الأسرية، و 10 عن المصروفات العينية، و 13 عن عهد نظام الأسلحة ومصروفات الخيل، وكان النصيب الأكبر للوثائق المتعلقة بالرواتب والمساعدات والضيافة وعددها 39 وثيقة، واختار جميع هذه الوثائق من بين “مليون وثيقة” محفوظة في “مكتبة الملك فهد الوطنية” عن “مضيف ثليم”، وهي تمثل تاريخ المضيف منذ بدايته حتى عام 1378هـ.
الجدير ذكره أن مبنى “مضيف ثليم” لايزال ماثلاً للعيان، وموقعه الآن بين طريقي الملك سعود ( البطحاء) وشارع الملك فيصل (الوزير سابقاً) على شارع داخلي يربط بينهما اسمه “شارع قصر ثليم”.
// انتهى //
23:28 ت مـ
0272