ديوان المحاسبة ينظم الندوة السنوية لمجموعة العمل المعنية بتأثير العلوم والتكنولوجيا على الرقابة المالية

– حارب العميمي : الذكاء الاصطناعي يلعب دورا مهما في إعادة تشكيل وتنظيم الخدمات الحكومية.
– سارة الأميري : الإمارات دولة رائدة عالميًا في تبني أدوات التكنولوجيا المتقدمة.
– محمد الكويتي : الإمارات اعتمدت مبكرا الرقمنة في مختلف القطاعات مما عزز تنافسيتها عالميا.

أبوظبي في 8 ديسمبر / وام / استضافت أبوظبي اليوم أعمال الندوة السنوية الأولى لمجموعة العمل المعنية بتأثير العلوم والتكنولوجيا على الرقابة المالية لمنظمة الانتوساي تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي والابتكار والحوكمة والتدقيق .. التحديات والفرص” والتي نظمها ديوان المحاسبة في إطار رئاسته “المجموعة”.
حضر الندوة كل من معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة، ومعالي الدكتور حارب بن سعيد العميمي رئيس ديوان المحاسبة رئيس “المجموعة”، وسعادة الدكتور محمد الكويتي رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، وعدد من المسؤولين من حول العالم فيما ألقى جين دودارو المراقب المالي العام لمكتب المحاسبة الحكومي الأمريكي نائب رئيس “المجموعة ” كلمة مسجلة.
وقال معالي الدكتور حارب بن سعيد العميمي – في كلمته الافتتاحية – إن العالم أصبح أمام ثورة صناعية رابعة انطلقت نتيجة الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة الصناعية الثالثة أو ما يطلق عليها بالثورة الرقمية، يضاف إلى ذلك ما تسببت به جائحة “كورونا” وما فرضته من عزله وركود في كافة القطاعات على مستوى العالم حيث لم تتمكن الدول والمجتمعات من الاستمرار في عملها إلا من خلال توظيف تكنولوجيا المعلومات مما غير النظرة إلى التكنولوجيا من أنها وسيله يستحن توفيرها إلى ضرورة لابد منها.
وأضاف معاليه أن هذه الإنجازات جعلت الأبواب مفتوحة اليوم أمام ابتكارات لا حدود لها للتكنولوجيا الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي حيث باتت الخوارزميات المتطورة وتقنية سلسلة الكتل “البلوكتشين” وأتمتة العمليات الروبوتية والتعلم الآلي وغيرها من أشكال الذكاء الاصطناعي والتي تلعب أدوارا بالغة الأهمية في حياتنا وأخذت تفرض – في كثير من الحالات – إعادة تشكيل وتنظيم الخدمات الحكومية بشكل عام ومهنة التدقيق بشكل خاص.
وقال معاليه إننا شهدنا خطوات سريعة وملموسة لدى القطاع العام نحو التحول الرقمي في كافة أنشطته وممارساته وسعيه للاستفادة من أحدث التقنيات لتطوير عملياته وتحسين الحوكمة لديه والرقي بمستوى الخدمات الحكوميه كماً وكيفا، وفي ضوء هذا الواقع وما يعكسه من تغييرات جذرية على بيئات وممارسات العمل التقليدية بادرت المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة – الانتوساي في عام 2019 بتشكيل مجموعة عمل تُعنى بالبحث في مدى تأثير هذه الموجة العلمية والتكنولوجية الجديدة على الرقابة المالية سواء على صعيد مراجعة استخدامات الجهات الحكومية لهذه التكنولوجيا الناشئة والحديثة ودراسة مدى سلامة تطبيقها في تلك الجهات أو على صعيد المستلزمات الداخلية للأجهزة العليا للرقابة المالية وما تتطلبه من تطوير للنظريات الرقابية وبناء قدرات ومهارات إضافية تواكب هذه التكنولوجيا وتوظفها وتستفيد منها بشكل كفء وفاعل وذلك من خلال تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال بناء قدرات وإمكانيات مدققي القطاع العام بما يمكنهم من تطبيق تلك التقنيات الحديثة في أعمال الرقابة بأنواعها.
وأشار معاليه إلى أن الجميع يدرك الدور الفاعل للتكنولوجيا الحديثة في تمكين وتحقيق كفاءة الأداء في الأعمال اليومية، فهذه الموجة الجديدة من التقنيات لا تشبه أي موجة أخرى في الماضي لاسيما بعد أن أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي تسير في اتجاه يحاكي ذكاء الإنسان، الأمر الذي من شأنه أن يسرع عملية صنع القرار ويرفع مستوى الإنتاج مما سيوفر الخدمات في وقت قياسي.
وقال معاليه إن أتمتة العمليات تجعل من البرمجيات الروبوتية أداة فاعلة وسريعة للقيام بجميع المهام المتكررة التي كانت تتطلب عدد غير قليل من العمالة، ويمكنها في المقابل أن تحرر العقل البشري وتجعله أكثر ذكاءً للقيام بالمزيد من العمل الإبداعي، فضلا عن استخدامات تقنية سلسلة الكتل “البلوكتشين” التي أحدثت نقلة نوعية في تداول البيانات الضخمة وتخزينها وتحليلها وتوظيف نتائجها في رفع مستوى كفاءة وفعالية الأجهزة الحكومية.
وأكد معاليه أن استخدام التكنولوجيا من شأنه أن يمكّن المدققين من إجراء فحص شامل للعمليات المالية بدلاً من الاعتماد على المنهج التقليدي القائم على أخذ عينات ويسمح كذلك بتحليل أعمق للبيانات وبسرعات فائقة، كما أن الاعتماد على أنظمة الأتمتة لبعض أعمال التدقيق سيتيح للمدقق مجالاً أوسع للتركيز على الأعمال الأخرى التي تتطلب ذكاءً ذاتياً ومهارة شخصية خاصة.
وأشار معاليه إلى أن فرص التكنولوجيا قد تجلب معها العديد من المخاطر الجديدة، نظراً لما تحتوي عليه بعض الأنظمة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي من خوارزميات مملوكة للغير مما يجعل من المتعذر فهم ومراجعة الضوابط المطبقة بها، بالإضافة إلى أن هنالك ثمة تحدٍ آخر محتمل أيضاً والمتمثل في البيئة التنظيمية لهذه التقنيات الناشئة التي تتطور وتتغير بشكل متسارع مما يصعب على الحكومات الاستمرار في بيئة تنظيمية مستقرة بنفس الوتيرة وهو ما قد يشكل عقبة في طريق الابتكار.
وقال إن هذا الأمر يدعو بالضرورة إلى خلق بيئة تنظيمية متوازنة تحقق التنظيم التشريعي المناسب لاستخدامات التكنولوجيا الحديثة وتحفظ في الوقت نفسه القدرة على الابتكار، حيث أن الغياب التام للوائح التنظيمية في هذا المجال قد يؤدي إلى انهيار الأنظمة المستخدمة ويتسبب بالتالي في خسائر غير محسوبة، وأقرب مثال على ذلك هو ما تعرضت له بعض المؤسسات المالية العاملة في مجال العملات المشفرة في الآونة الأخيرة من حالات إفلاس بمليارات الدولارات بسبب استخدامها لتقنية سلسلة الكتل “البلوكتشين” والذي قد يكون استخداماً يفتقر إلى الضوابط التنظيمية الصارمة، وهو ما يعد مؤشراً بارزاً للمخاطر التي يمكن أن تنطوي عليها مثل هذه التقنيات الناشئة.
وقال معاليه إن التحدي الأكبر الذي يواجه العديد من الأجهزة العليا للرقابة المالية هو كيفية تطوير مهارات القوى العاملة وبناء القدرات لديها في مجال التكنولوجيا الناشئة والذي لا يجب أن يتوقف عند مجرد اكتساب المعرفة السطحية لهذه التكنولوجيا، بل لا بد من تحقيق الخبرة والمهارات الكافية لفهم المخاطر التي تنطوي عليها هذه التقنيات والضوابط الكفيلة بمنع تلك المخاطر.
من جانبها قالت معالي سارة بنت يوسف الأميري في كلمتها إن دولة الإمارات وفي إطار استراتيجيتها للتنويع الاقتصادي وتركيزها القوي على التكنولوجيا المتقدمة فإنها تستهدف التحول إلى مركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا المالية.
وأضافت معاليه أن الإمارات دولة رائدة عالميًا في تبني أدوات التكنولوجيا المتقدمة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس والبلوك تشين والتعلم الآلي إضافة إلى الحوسبة الكمية وذلك في ظل الالتزام باحتضان هذه التقنيات التي من شأنها أن تعزز العمل الحكومي والأطر التي نبنيها لا سيما في قطاع الفضاء.
وأشارت معاليها إلى أن وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تستثمر بكثافة في تعزيز اعتماد وتنفيذ حلول الثورة الصناعية الرابعة من خلال برامج مثل Industry 4.0 وبرنامج التحول التكنولوجي حيث تم تسريع التحول الرقمي في الوزارة لجعل الأمر أسهل وأبسط للشركات للتفاعل معنا والتواصل مع النمو الصناعي الطموح لدولة الإمارات.
وأوضحت معاليها أن استخدام التكنولوجيا يفي بعدد من المعايير منها، أنها سليمة أخلاقياً وتتوافق مع النظام البيئي للوائح التنظيمية من جميع النواحي إضافة إلى أنها مدعومة ببنية أساسية وأسس تقنية قوية بالإضافة إلى ركائز أداء قوية تتناول التحيز والإنصاف وقابلية التفسير والمتانة والأمان.
وأضافت معاليها أنه من أجل ضمان أن جميع هذه العناصر تعمل بشكل مثالي معًا فهذا هو الأساس لحوكمة شاملة للمؤسسة، مشيرة إلى أن التحول الرقمي ساعد الشركات على تبني التغيير والبقاء قادرة على المنافسة في عالم يتحول بشكل متزايد إلى عالم رقمي.
وقالت معاليها : تأتي قيمة البيانات الضخمة في التحول الرقمي من قدرة مؤسساتنا على الجمع بين كل منهما في جهودها لتمكين كل من رقمنة وأتمتة العمليات التجارية، مؤكدة أن الرقمنة والأتمتة تحسن من الكفاءة ويحفز الابتكار ويؤدي إلى نماذج أعمال جديدة.
وأوضحت معاليها أنه يجب على خبراء الأمن السيبراني تحديد الأماكن التي تتعرض فيها المؤسسات للخطر في كل نقطة اتصال رقمية وتحديد أين سيتم ربط التقنيات الجديدة ضمن إطار العمل الأكبر، كما يجب تمكين ذلك من خلال الاتصال المفتوح والمستمر لضمان حماية بياناته وخصوصيته.
وقالت معاليها إنه في ضوء الاضطراب التكنولوجي والاتجاهات الناشئة أصبح التدقيق أمرًا بالغ الأهمية لضمان تمكين التكنولوجيا ودعم قرارات الأعمال ضمن ضمانات حوكمة مناسبة في عصر التحول الرقمي، لذلك فإن أهم مجال للتركيز في الفترة القادمة هو استخدام تحليلات البيانات وضمان التوافق الاستراتيجي مع التدقيق المتقدم القائم على التكنولوجيا، فيما يتابع ممارسو التدقيق تدقيقًا أكثر تمكينًا للبيانات لفترة طويلة حيث نلاحظ التزامًا متجددًا وجادًا بجعل استخدام وتحليل البيانات جزءًا لا يتجزأ من أنشطة التدقيق.
وأشارت معاليها إلى ضرورة التفكير باستمرار في الكيفية التي يمكن بها للتقنيات المتقدمة أن تساعد المنظمين وإيجاد طرق للتكيف مع التغييرات، وقالت : من خلال اكتساب رؤية أكبر للاتجاهات الكلية والجزئية بالإضافة إلى تعزيز التعاون والمشاركة يمكن للحكومات الاستفادة من التكنولوجيا لبناء نماذج تتبنى تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة تشمل جميع الصناعات.
من جانبه أكد سعادة الدكتور محمد الكويتي أن التكنولوجيا هي عامل تغيير مهم والإمارات نجحت في الاستفادة من التكنولوجيا وتحقيق التحول الرقمي في مختلف القطاعات لاسيما الرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد وعبر جميع القطاعات والآن الإمارات تنافس العالم بما تمتلكه من تقنيات متطورة تستند إلى بنية تحتية رقمية فائقة التطور.
وأكد الكويتي أهمية الأمن السيبراني في حماية مختلف قطاعات العمل لا سيما الاستراتيجية وذلك في ظل التطور الرقمي الهائل حيث أن التكنولوجيا تكتسب أهمية كبيرة في التغيير، ودولة الإمارات اعتمدت مبكرا الرقمنة في مختلف القطاعات والمجالات والذي أسهم في تعزيز تنافسيتها على مستوى العالم في هذا المجال حيث حصلت على مراكز متقدمة تعزز مسيرتها نحو تبنى المزيد التقنيات المتقدمة والذكاء الاصطناعي وغيرها من أدوات التكنولوجيا التي تسهم في صياغة المستقبل.
جدير بالذكر أن تنظيم الندوة السنوية الأولى لمجموعة العمل المعنية بتأثير العلوم والتكنولوجيا على الرقابة المالية لمنظمة الانتوساي يأتي في إطار رئاسة ديوان المحاسبة مجموعة العمل وتقوم اللجنة بدراسة التطورات المتسارعة في حقلي العلوم وتكنولوجيا المعلومات بقصد فهم أثرها على الممارسات والنظريات الرقابية في القطاع الحكومي بما في ذلك اقتراح التوصيات التي من شأنها الإسهام في تسخير العلوم والتكنولوجيا لخدمة أغراض الرقابة ومكافحة الفساد وتوفير مناهج تدريبيه لبناء القدرات المهنية لمدققي الأجهزة الرقابية.

من جهته قال جين دودارو في كلمته المسجلة إن دولة الإمارات تلعب دورا مهما في مجال التكنولوجيا والإبداع والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة وترسخه في مختلف قطاعاتها لا سيما الصناعة حيث تستخدم التكنولوجيا في مختلف المجالات والذي من شأنه زيادة الإنتاجية والعمل من خلال أدوات مبتكرة للتدقيق والحوكمة.
وسلط نائب الرئيس الضوء على التحديات المستمرة والفرص الناشئة التي تميز العصر الرقمي، مشيرا إلى دور مكتب المساءلة الحكومية “GAO” في تطوير إطار للمساءلة لمنظمة العفو الدولية حيث يحدد الإطار مبادئ الحوكمة وأداء البيانات والمراقبة للمساعدة في تقييم استخدام الحوكمة للذرات، وأوضح دقة ورقابة عمل الذكاء الاصطناعي بجانب أهميته كونه أحد قضايا العلوم والتكنولوجيا الناشئة.

– اليازية الكعبي -أمل الكعبي – فاطمة البلوشي.